يداعب أيّوب كلبا يعاني من الجرَب في جلده، بشكل يوحي أنه متعوّد على عشرته، وأنه ربّاه لفترة. لكن الحقيقة أن أيوب مجرّد صديق جديد لهذا الكلب الذي أحضره لجمعية الرفق بالحيوانات بطنجة من أجل العلاج، مثلما يفعل دائما مع حيوانات أخرى بشكل تطوعي. أيوب هو أحد المتطوعين القلائل الذين يمنحون جزءا من وقتهم من أجل الخدمة والمساعدة بمركز جمعية الرفق بالحيوانات المسمّاة "أصدقاء SPANA"، الوحيدة بمدينة طنجة التي تقدم العلاج والرعاية للحيوانات المريضة والمتخلى عنها، بشكل مجاني. جمعية "أصدقاء SPANA" كانت في الأصل تسمى "SPANA" فقط، وأسست من طرف إنجليز مقيمين بطنجة، وبعد أن قرر أصحابها الأوائل مغادرتها، أخذ المبادرة متطوعون آخرون، بينهم أجانب أيضا، وأسسوا جمعية "أصدقاء سبانا" لمواصلة هذا المشوار. يقول ابراهيم اسماعيلي، تقني في البيطرة مسؤولٌ بالمركز، متحدثا عن نوعية الحيوانات التي تلقى الرعاية بالمكان، إن "أغلب الحيوانات المتواجدة هنا هي القطط والكلاب، وأحيانا طيور النورس، وأحيانا نادرة بعض الخيول أو البغال، ويحضرها أصحابها إما لتركها هنا أو لعلاجها، ونحن نقدم لها الإسعافات الأولية والعلاج بما توفر لدينا من إمكانيات، خدمة لهؤلاء الناس الذين لا يستطيعون تحمّل كلفة العلاج لدى بيطري متخصص". يستقبل المركز حوالي 300 زيارة شهريا في المعدّل، بين طلب للعلاج أو رعاية لحيوانات متشرّدة، وكان عدد الحيوانات المتواجدة به لحظة زيارتنا 13 كلبا و35 قطة، إضافة إلى طائر نورسٍ مكسور الجناح، في حين لم يعد المركز يقبل الحيوانات المتخلى عنها نظرا لأنها تتعرض للنفوق في الغالب بسبب تغير المحيط الذي كانت تعيش فيه، مما يصيبها بالحزن فترفض الأكل والانسجام، بحسب إفادة مسؤول بالمركز. يبذل العاملون بالمركز جهدهم لكي يرفقوا بذوات الكبد الرطبة، لكنهم مع ذلك يصطدمون ببعض الموانع، وعلى رأسها قلة الإمكانيات المتوفرة. يفصّل اسماعيلي في هذه الجزئية بالقول: "تعيش الجمعية على التبرعات كمداخيل رئيسية، سواء من خلال أموال توضع في صندوق خاص بذلك، أو مؤونة وأكل ومواد تنظيف يتم وضعها رهن إشارة المركز، أو حتى بالتطوع للمساعدة، فعدد الزوار كبير بينما العنصر البشري والإمكانيات محدودة لدينا". وبخصوص نوعية الأمراض التي تعرض عليه، أضاف المسؤول بالمركز: "الحقيقة أن هناك تزايدا في ظاهرة الاعتداء على الحيوانات المتشردة التي تأتينا وهي مصابة بإصابات بليغة، بينما تتعرض القطط خصوصا إلى الاختناق بسبب أشواك السمك التي تعطى لها بشكل عشوائي ودون عناية، ناهيك عن الأمراض الجلدية طبعا وأمراض أخرى مختلفة باختلاف نوعية الحيوان". ويعتبر اسماعيلي أن طريقة إطعامنا للحيوانات خاطئة في الغالب لأننا نقوم بإعطائها بقايا الطعام، موردا أنه "من حق الحيوان أن يأكل طعاما لائقا وليس الشْيَاطة، التي تكون في الغالب طعاما غير صالح ومليئا إما بالجراثيم التي تكون أحيانا قاتلة، أو الأشواك والعظام". تتعايش الحيوانات فيما بينها في المركز بسلام دون حدوث أي اصطدامات، لا يقطع هدوء تعايشها سوى مواءٍ قط أو نباح كلب قرّر أن وقت الطعام قد حان، بينما يحاول طائر النورس الوحيد المتواجد بينها أن يروّض جناحه بنفسه مرفرفا من حين إلى آخر لعلّه يدرك حريّةً يحنُّ إليها.