يشكل مجال التربية والتكوين رهانا أساسيا في مسيرة التنمية في بلادنا ، ومن هذ المنطلق عرف قطاع التربية والتكوين مجموعة من الإصلاحات والبرامج والمخططات والاستراتيجيات والتدابير ...حيث ظهر مع بداية الألفية الثالثة ما سمي بالميثاق الوطني للتربية والتكوين تم تنفيذ بعض بنوده وبقيت أخرى معلقة، وبعده بعشر سنوات جاء المخطط الاستعجالي (2009-2012) الذي عرف بدوره اختلالات في التنزيل والأجرأة والآن لاحديث سوى عن الرؤية الاستراتيجية (Vision Strategique 1) والتدابير ذات الأولوية. وكل هذه الأوراش والإصلاحات تهدف بالأساس إلى تجاوز الصعوبات وإصلاح الأعطاب والوقوف عند العراقيل التي حالت وتحول وستحول في المستقبل دون تنفيذ هذه الإصلاحات والبرامج .... وفي نفس الوقت صياغة نموذج جديد للمدرسة المغربية وفق منظور شامل للإصلاح قائم على الحكامة الإدارية والتربوية والمالية مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا بكل مواطنة ومسؤولية . ويبقى على رأس معيقات تنفيذ الإصلاح مشكل الحكامة الذي تنص عليه كل المرجعيات القانونية والتنظيمية بدءا بأحكام الدستور خاصة في الفصل 159 وكذلك الخطب الملكية خاصة خطاب 20 غشت 2012 و2013 وتحدث عنه الميثاق والرؤية الاستراتيجية و...مهم جدا أن تتحدث كل هذه الوثائق وغيرها عن الحكامة والنجاعة لكن المطلوب والمأمول والتحدي هو في إرساء هذه الحكامة وجعلها آلية إجرائية ملموسة متمثلة في نجاعة التدبير الإداري والتربوي والمالي وشفافيته ونزاهته. نتحدث عن الحكامة كمقاربة في التدبير تهدف إلى اعتماد التشارك والمشاركة في اتخاذ القرارات. نتحدث عن الحكامة كأداة للضبط والتوجيه وإدارة المخططات والمشاريع المندمجة. نتحدث عن الحكامة كأسلوب يعتمد حسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات. نتحدث عن الحكامة التي تقوم على التواصل والشفافية والحق في إيصال المعلومة وربط المسؤولية بالمحاسبة . لن نشخص فالاختلالات معروفة والصعوبات معلومة والأعطاب يعرفها القاصي والداني . وبداية الإصلاح تنطلق في رأيي من إرجاع الثقة في المدرسة العمومية وإصلاح العلاقة بينها وبين مرتاديها من تلاميذ وشركاء وهيأة التدريس و....هذا أولا . وثانيا الاستجابة لتطلعات وحاجات المغاربة والآمال معقودة الآن على المشاريع المندمجة للرؤية الاستراتيجية . وثالثا إرساء الحكامة عبر : تطوير القدرات التدبيرية للقائمين على الشأن التربوي مركزيا وجهويا وإقليما ومحليا. إرساء واستكمال ورش الجهوية المتقدمة وتفعيل اللامركزية في تدبير الشأن التربوي. إرساء أنظمة تقويمية تتبعية افتحاصية شفافة تأخذ بعين الاعتبار مؤشرات الإنجاز والفعل. تقوية الآليات التواصلية. تفعيل كل الأجهزة الرقابية. عقلنة وتدبير كل الموارد وترشيدها وفق دلائل عملية. اشتغال جميع الهياكل التنظيمية وفق مهام واختصاصات واضحة مؤطرة بقوانين تنظيمية وتشريعية مركزيا وجهويا ومحليا وتفعيل كل الأجهزة التدبيرية من مجالس إدارية ومجالس المؤسسة على سبيل المثال ( المجالس الإدارية للأكاديميات على الخصوص كمؤسسات للتشاور والمحاسبة والمساءلة ووضع المخططات الاستراتيجية وملاءمتها مع الخصوصيات الجهوية و مجالس التدبير على صعيد المؤسسات التي تعرف ضعفا في الحكامة وتفتقد الثقافة التدبيرية وتغيب عنها التعبئة الفعلية والانخراط الإيجابي للشركاء والفاعلين). 1 يتضمن مجال الحكامة والنجاعة أربعة مشاريع مندمجة من أصل ستة عشرمشروعا وهو ما يفسر وعي المسؤولين بأهمية مداخل الحكامة في الإصلاح.