في احتفالات كرنفال ريو، كانت شبه موقنة من أن هذا الاختيار سينال الاعجاب وقد يتوجها باللقب الذي نافست من أجله إلى جانب 11 مدرسة برازيلية أخرى، على أرضية مجمع "السمبادروم" الشهير وأمام أعين من يعشف الاحتفالية وإيقاعاتها الكرنفالية. "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، ربما هي العبارة التي يرددها أفراد "لاموسيدادجي دي بادري ميغيل" التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب، لولا ذلك الفارق الضئيل بنسبة 0,1 بالمائة، الذي حال بينها وبين منافستها "بورتيلا" التي توجت بطلة كرنفال ريو لسنة 2017. في ليلة توافرت فيها كل شروط النجاح، استعرضت "لاموسيدادجي" مواهبها؛ فأمتعت وأبهرت الجالسين على جنبات "السامبادروم"، الذي يتسع ل90 ألف متفرج، بل وحملتهم أبعد من الخيال في رحلة "ألف ليلة وليلة" و حكاية "علي بابا" الذي يركب بساط الريح من "لاموسيدادجي" إلى مراكش .. صورة تفنت مدرسة "السامبا" في إخراجها وهي تحكي قصة بلد تكمن روعته في تنوعه الثقافي. في أجواء كلها احتفالية استمتع الجمهور البرازيلي، وغيره من الحضور، بصور من المغرب العريق بحضارته، صنعها أفراد مدرسة "السامبا" بلباسهم الموحد، وصنعوا معها البهجة والحبور، إلى جانب المنصات المتحركة التي زحفت على أرضية "السامبادروم"، مزهوة بنفسها، وقد تزينت برونق الصناعة التقليدية، ولبست حلة الهوية المغربية. إنهم 3200 شخص ارتدوا أروع ملابس الترتر، التي تسر بلمعانها كل الناظرين، وأسروا عيون الحاضرين في استعراض لم تغب عنه الأعلام المغربية الحمراء بنجمتها الخضراء، ورسموا لوحة "سوق مراكشي" بامتياز، حضر فيه الحكواتيون ومروضو الثعابين وبائعو السجاد ومقدمو الشاي بالنعناع. في هذه الاجواء التي عزفت سمفونية الفرجة والاحتفالية أشكالا والوانا، انبهر الجمهور بعرض "لاموسيدادجي"، وتعرف على جزء مما يزخر به المغرب من موارد طبيعية؛ كالفضة والفوسفاط وزيت الاركان. وعلى ايقاعات السامبا المليئة بالحيوية والنشاط، غاص الاستعراض في تفاصيل وخصوصيات الثقافة المغربي؛ من خلال منصة متحركة أطلق عليها اسم "سوق مراكش"، في وقت تم فيه الاحتفاء بفن العمارة المغربية من خلال منصة أخرى أخذت شكل قصر من قصور ألف ليلة وليلة. ولم يفت الاستعراض، الذي جرى تحت أعين مشدوهة للدولي البرازيلي السابق رونالدينو، أن يسلط الأضواء على التاريخ العريق للمغرب، الذي شكلت أرضه في الماضي نقطة التقاء القوافل المحملة بالتوابل والمعادن النفيسة، وعلى مساهمة المملكة في إثراء المعارف الكونية. وتمكن الاستعراض من أن يشد انتباه المتفرجين المكتظين على جنبات "السمبادروم" حتى ان البعض منهم بدأ يفكر في زيارة المغرب، ليكتشف جمالية هذا البلد الذي سمعوا وشاهدوا عنه الكثير من القصص والحكايات. ومن بين هؤلاء هناك ألايسو وسابيليا، قدما إلى ريو من مدينة "فوز دو أغوازو"، واللذان أعربا في تصريح صحافي عن رغبتهما في زيارة المغرب خلال فترة العطلة المقبلة، حتى يعاينا روعة المملكة بأم أعينهما. أما الصحافة المحلية فلم تغفل بدورها موضوع المغرب الذي اختارته "لاموسيدادجي" لتقديم استعراض وسمه المراقبون بأنه "استعراض كامل الأوصاف خلا، تقريبا، من أي خطأ يذكر". وهكذا ابرزت القناة التلفزيونية "أوغلوبو"، التي بثت جميع أطوار استعرضات مدارس السامبا بالسامبادروم، رسالة السلام والتسامح التي عبرت عنها "لاموسيدادجي" من خلال اختيار المغرب "انريدو"، أي موضوعا لها، ضمن فعاليات الكرنفال الاضخم في العالم. كما أن يومية "أوغلوبو"، التابعة لنفس المؤسسة الاعلامية، خصصت مقالا نشرته على صفحتها الأولى يبرز كيف استطاعت "لاموسيدادجي" أن تنال اعجاب الحضور من خلال عروضها، لا سيما عندما أطلقت "بساط الريح"، تحمله طائرة من دون طيار "درون"، ما جعل الأعناق تشرئب إلى سماء "السمبادروم" لمتابعة إحدى أكثر لحظات العرض إثارة وتشويقا. وعلى نفس المنوال، أشادت يومية "أودجيا" بتمكن "لاموسيدادجي" من خلق همزة وصل بين البرازيل والمغرب، معتبرة أن هذه المدرسة، المنتمية إلى مدينة ريو، قدمت أحد أفضل العروض من بين 12 مدرسة مشاركة في الكرنفال ضمن الفئة الخاصة "النخبة". ومن خلال "ألف ليلة وليلة من لاموسيدادجي إلى مراكش"، تمكنت مدرسة السامبا البرازيلية أن تقدم أفضل أداء لها وأن تفتح نافذة مطلة على المغرب، الذي يستقبل سنويا نحو 12 مليون سائح، منهم حوالي 35 ألف برازيلي. *و.م.ع