ارتفعت، بشكل كبير، وتيرة تحركات الملك محمد السادس، عبر الطائرة وخصوصا في القارة الإفريقية، قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وبعد ضمان المملكة لمقعدها إلى جانب دول القارة السمراء، إذا غادر العاهل المغربي قبل قليل كوناكري في ختام زيارة عمل وصداقة إلى جمهورية غينيا، كما زار خلال الأسبوع الحالي دولتي غانا وزامبيا. وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المتتبعين أن الملك اتخذ طائرته عرشا له، مثل سلاطين مغاربة قدامى كانوا يتخذون أحصنتهم عروشا لهم، تحدثت مصادر إعلامية في المرحلة الأخيرة عن أن الجالس على العرش قضى بعض الليالي في طائرته؛ وذلك بالتزامن مع معركته الدبلوماسية التي خاضها ليعود المغرب إلى الاتحاد الإفريقي. نوفل البعمري، المحامي والخبير في ملف الصحراء، سجل أن الملك قطع آلاف الكيلومترات بالطائرة، في حين أن التحركات تحتاج إلى مجهود بدني وذهني كبيرين، معتبرا أن "الملك استطاع أن يتفوق فيه، وأن يحافظ على لياقته الدبلوماسية وألا يتأثر بطول المسافة وتعبها، وما تحتاجه من مجهود، خاصة العضلي منه". ونبه البعمري، في حديث لهسبريس، إلى أن الزيارات تكون لمدة قصيرة لا تتعدى كحد أقصى الثلاثة أيام؛ وإلى جانب البرنامج المكثف المرافق لها، فهي "مدة لا تسمح بالتقاط الأنفاس"، مشددا على أن "الملك حوّل الحصان إلى الطائرة، وهو رمز لقوة الملك وللمغرب ككل. كما أن زياراته المتتالية تعكس قوة واستقرار المغرب الذي لم يتأثر بهذه الزيارات أو يحدث فيه ارتباك؛ بل على العكس من ذلك، وهو عنصر يقوي من صورة الملك الدبلوماسية وحضوره". البعمري أوضح أن الدبلوماسية المغربية التي يقودها الملك مؤطرة بشكل واضح بمضامين الخطاب الذي ألقاه الملك السنة الماضية بالقمة المغربية/الخليجية، حيث أكد على حرية المبادرة الدبلوماسية المغربية، وعلى تنويع الشركاء خاصة منهم الاقتصاديين، مبرزا أن "ما يلاحظ هو أن الملك انتقل من الدبلوماسية السياسية، حيث كان جوهر العلاقات الخارجية يتحكم فيها الموقف من القضية الوطنية، إلى دبلوماسية اقتصادية حيث بناء علاقات وشراكات اقتصادية بغض النظر عن موقف تلك الدول من القضية الوطنية". "دبلوماسية الملك ستكون مدخلا لإعادة تركيب الموقف السياسي لهذه الدول، خاصة على المستوى الإفريقي؛ وهو ما سيفتح أسواقا جديدة مغربية/ إفريقية. وفي جزء كبير من هذه التحركات رد واضح على الأزمة المغربية/ الأوروبية التي ما زالت تفاعلاتها إلى اليوم والتي ستستمر بسبب انزعاج اللوبي الأوروبي المالي والاقتصادي من التحركات المغربية"، يقول الباحث في ملف الصحراء. وشدد البعمري على ضرورة "بناء مشروع إفريقي تنموي، يقطع مع استغلال خيرات القارة الإفريقية"، معتبرا أن "الملك اشتغل بأجندة غير مرتبطة بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي فقط، بل شكلت العودة نقطة ضمن الأجندة الدبلوماسية المغربية إلى جانب تحركاته بباقي البلدان".