عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي بعد حوالي 32 سنة من مغادرته منظمة الوحدة الأفريقية، بعدما رفض الجلوس مع جبهة البوليساريو إلى الطاولة الأفريقية نفسها. عودة الرباط أثارت العديد من النقاشات، خاصة تلك المرتبطة بما سيجنيه المغرب منها، وهو الذي يحمل ملف قضية الصحراء من جهة، وملفات مرتبطة بقضايا أفريقية مشتركة تهم الأمن والاقتصاد من جهة أخرى. الصحافي علي المرابط، في هذا الحوار الذي خصص بالأساس لعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، يقدم رؤيته لهذا القرار، والظروف الذي أحاطت به، وانعكاساته على قضية الصحراء، فضلا عن مدى توفق التنظيمات الحزبية المغربية في لعب دور الدبلوماسية الموازية. المغرب عاد إلى الاتحاد الإفريقي بعد حوالي 32 سنة من خروجه من المنظمة، كيف ترى هذه العودة؟ إنه أمر جيد، المغرب عاد إلى عائلته الطبيعية. لكن، وكما يقول العديد من المغاربة، هناك نقطة مهمة لا يجب القفز عليها، وهي أنه تأخر حوالي 32 سنة قبل أن يعي أنه لم يكن عليه أن يغادر المنظمة الأفريقية، وهي مدة طويلة نوعا ما. ثانيا، وعلى عكس ما تقوله وزارة الخارجية والتعاون، فإن المغرب لن يستطيع نهائيا طرد البوليساريو من الاتحاد الأفريقي بالنظر إلى المقتضيات القانونية المنظمة له. لكن هناك العديد ممن يعتبرون أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لن تكلل بالنجاح إلا بطرد جبهة البوليساريو؟ المغرب اعترف بجبهة البوليساريو وحدودها، وهذا شيء واضح ومكتوب في النصوص القانونية المنظمة للاتحاد الإفريقي، والحكومة وبعدها البرلمان وافقا وصوتا بالإجماع على العودة. يجب القول إن جميع البلدان التي تصبح عضوا داخل الاتحاد الأفريقي يجب عليها قبول واحترام حدود باقي البلدان الأعضاء، بما فيها حدود "الجمهورية العربية الصحراوية"، رغم أنها غير واضحة وليست لها نقط حدودية. صراحة أنا مندهش لأنه لا أحد في المغرب، وحتى الطبقة السياسية والصحافة، لم يثر أدنى نقاش حول الموضوع. إذا نستطيع أن نخلص من كلامك إلى أن المغرب لن يستطيع إخراج البوليساريو من المنظمة؟ كيف يمكن إخراج الجبهة من منظمة الاتحاد الأفريقي وقانونها التأسيسي كما قلت لك لا يسمح بهذا القرار. أعرف أنه هناك من يقول إن المغرب بإمكانه تعديل القوانين الداخلية للمنظمة بالاستعانة بدعم البلدان المساندة له. وهنا يجب التذكير أن القوانين التأسيسية للاتحاد الأفريقي لا يمكن تعديلها إلا بالإجماع أو اللجوء إلى أغلبية الثلثين كما ينص على ذلك الفصل 32 من القانون التأسيسي، الذي يقول إنه يتم إقرار التعديلات والمراجعة من جانب مؤتمر الاتحاد بالإجماع أو بأغلبية الثلثين، في حالة تعذر ذلك، وتقدم لجميع الدول الأعضاء للتصديق عليها، وفقا للإجراءات الدستورية لكل دولة؛ وبالتالي فعلى الأقل la RASD سيكون من المستحيل أن تصادق على تعديلات تمسها مثل هاته. والبعض ممن لا يفقهون شيئا في الملف لازالوا يرددون ما جاء في الفصل 30 من القانون التأسيسي للمنظمة الذي يسمح بتعليق عضوية البلدان الأعضاء، لكن إذا ما قرؤوه بشكل جيد، فهو يتحدث عن الدول التي تقودها أنظمة سياسية جاءت نتيجة انقلاب على سبيل المثال. وكخلاصة فنتيجة هذه العضوية ستحتم على المغاربة الجلوس بجانب صحراوي البوليساريو، وهم يرددون أننا غادرنا المنظمة الوحدة الأفريقية منذ حوالي 32 سنة لتجنب هذا المشهد. وماذا عن قضية الصحراء، هل بعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي سيحل هذا الملف أم أنه سيزيده تعقيدا؟ حل هذا الملف هو ما يتمناه العديدون، لكن لا أعتقد أنه سيتم حله بعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي. كان هنالك أمل كبير في حل هذا الملف مع جلوس الملك محمد السادس على العرش. المغرب بديمقراطية قوية لا شك أنه سيجلب اهتمام العديد من الصحراوين، لكن الدولة التي نعيش فيها حاليا جميع القرارات المهمة يتم اتخاذها من طرف شخصين أو ثلاثة أشخاص. في سياق متصل، كيف تقيم مساهمة الأحزاب السياسية في عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي؟ لم تساهم نهائيا، القصر هو الذي اتخذ قرار العودة إلى الاتحاد الأفريقي، أما الباقون، في حكومة والبرلمان، فقد كانوا مجبرين على أن يكونوا تابعين لهذا القرار؛ والدليل أنه لم يكن هنالك أي نقاش نهائيا حول هذه العودة؛ وبالتالي فالقصر قرر، والبقية قالت "نعم". حتى ممثلا فدرالية اليسار بالبرلمان تعاملا مع الموضوع كإداريين. سيقولون لي إن الأمر متعلق "بقضية وطنية"، لكن قضية وطنية لن تمنعنا من النقاش والتداول بطريقة ديمقراطية في ملف يهمنا جميعا. فنحن لسنا في كوريا الشمالية. وسأكررها، القصر هو الذي يقرر والبقية ملزمة بأن تتبع.. منذ متى والحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية تشارك في النقاش حول الصحراء؟.. نهائيا. حتى إن زعماء الأحزاب السياسية يتم إخبارهم عبر وزراء أو مبعوثين من القصر؛ وبالتالي فمشكل الصحراء هو من صلاحيات الملك وحده ولا أحد غيره.