المجتمع المغربي يعتقد أن كل المغاربة مسلمون، ومؤسس البرامج الدينية المدرسية يتجاهل وجود تلاميذ مغاربة من ديانات أخرى أو بدون دين أو ملحدين. هل الحل هو أن يؤسس كل دين مدرسته وتصبح لنا مدارس للبهائيين ومدارس لليهود ومدارس للمسيحيين ومدارس ومدارس للملحدين...؟ بطبيعة الحال ليس هذا هو الحل، ولا يجب أن يكون أبداً حلاً لأنه سيفكك مفهوم الوطنية ويشرخ الهوية الوطنية، ويكسر وحدة المجتمع المغربي.. وإذا كان الدّين سبب التفرقة فعدمه خير من وجوده. في الواقع، الخطر ليس في النصوص الدينية في حد ذاتها، لأنها كلام الله، وهو مقدس بطبيعة الحال، ولكن الخطر نجده في النقطتين الآتيتين في الدروس الدينية: 1- عدم حرية العقيدة: المدرسة والأستاذ لا يعترفان بوجود تلاميذ مغاربة من ديانات غير الإسلام، ولا يتيحان الفرصة للتلميذ ليعبر عن دينه ويقدمه لإخوانه التلاميذ بكل احترام. على عكس هذا نرى نفياً وتنكُّراً لهذا الاختلاف الديني والتعامل مع تلميذ بهائي مثلاً كأنه مسلم رغم أنفه بدون اعتباره مواطنا مغربيا قبل كل شيء، ويرجع انتماؤه الديني إلى مسؤولية آبائه وليس إلى المدرسة أو الأستاذ. وعواقب هذا السلوك، أي نفي وجود تلاميذ مغاربة من ديانات أخرى، خطيرة جدًا على مستويين: ا- على مستوى كل التلاميذ: بالكذب عليهم بأن كل المغاربة مسلمون وحرمانهم من "المعرفة"..دور التعليم أن يعلم التلاميذ أن هناك مغاربة من ديانات أخرى؛ فعندما يكبرون يكتشفون أن التعليم أخفى عليهم وحرمهم من "المعرفة"، ويشعرون بالخداع ويفقدون الثقة في التعليم المغربي. ب- على مستوى التلميذ من ديانة أخرى: يشعر بالإقصاء من مجموعة الأغلبية الدينية، وبأنه مغربي من الدرجة الثانية، وينعكس هذا على نفسيته ودراسته، مع حرمانه من حقه الديني.. فكيف لهذا التلميذ أن يستوعب مفاهيم العدل والمساواة بين كل الأطفال المغاربة؟ 2- فكر وأيديولوجية الأستاذ: هناك رسالة للدرس الديني بالمدرسة، لا أرى فيها خطورة معينة، ولكن الخطر هو في ما يضيفه الأستاذ من تأويل وفكر وآراء وأيديولوجية ذات طابع ديني أثناء الدرس. ونحن نعرف أن هناك أساتذة منفتحين فكرياً ويقفون عند الدرس بدون إضافة شخصية، كما أن هناك أساتذة من تيارات محافظة بدرجات مختلفة وتتسرب أفكارهم الشخصية خلال الدروس الدينية؛ وهذا هو الخطر بعينه، مع صعوبة مراقبة هذه التسربات من طرف المسؤولين. وأذكر مثالاً واحداً فقط من هذه التسربات: "المسلمون كلهم في الجنة وغيرهم في جهنم خالدين".. بماذا سيشعر تلميذ من دين آخر لما يسمع هذا التأويل من أستاذه؟ هل دور الأستاذ خلق التوازن والتناغم عند التلميذ وبين التلاميذ لإعداد جيل يتسم بالوحدة وحب الوطن وخدمة المجتمع وبفكر سليم يرحب بالتعايش والاحترام أم العكس؟ كبهائي مغربي ومحلل نفساني هدفي هو وحدة وطني والانسجام والتعايش والاحترام بين كل المغاربة..كلنا يدا بيد نسلك سبيل خدمة مجتمعنا متحدين في تنوعنا الذي أعتبره ثروة عظيمة؛ ولهذا فمن واجبي أن أشاطركم اقتراحاتي حتى نتجنب التعصب والتطرف وانعدام التعايش في مجتمعنا: 1- ألا تُفرض الدروس الدينية على كل التلاميذ وتبقى المشاركة فيها باختيار حر من الآباء. 2- أن تكون هناك دروس الأخلاق الروحانية والمدنية لكل التلاميذ. 3- أن يتضمن البرنامج ديانات كل المغاربة لإثراء معرفة التلميذ. 4- أن يكون بالمدرسة برنامج حول التعايش. *محلل وطبيب نفساني