بعد أقل من يوم من إعلان الإمارات عن مشروع "المريخ 2117" خلال أعمال القمة العالمية للحكومات، أعلن "مركز محمد بن راشد للفضاء" و"الجامعة الأميركية في الشارقة" عن نجاح إطلاق "نايف-1"، أول قمر اصطناعي نانومتري إماراتي إلى الفضاء الخارجي. وأكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء والمشرف العام على المشاريع والخطط الاستراتيجية والتطويرية للمركز، أن المشاريع الكبرى التي تتبناها الدولة في مجال علوم وأبحاث الفضاء تبرهن إصرار دولة الإمارات على القيام بدور محوري في استعادة أمجاد الحضارة العربية التي كان لها تاريخياً باع طويل وإسهام واضح في هذا المجال. واعتبر الشيخ حمدان أن الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي الجديد بما يحمله من تكنولوجيا متطورة، يعد خطوة مهمة على طريق تنفيذ البرنامج الفضائي الطموح لدولة الإمارات وإضافة لسجلها في مجال المشاريع الفضائية التي وضعتها ضمن أولويات العمل للمرحلة المقبلة لإسهامها في صنع مستقبل البشرية. وقال المتحدث، "بالأمس تابعنا إطلاق أحد أهم المشاريع الفضائية التي عرفتها البشرية حتى الآن ليخرج من دولة الإمارات إلى العالم وهو مشروع "المريخ 2117" والذي تسعى قيادتنا الرشيدة من خلاله إلى تأكيد ريادة الدولة في خدمة البشرية وعزمها على المضي قُدماً في صناعة المستقبل وترك بصمة إيجابية مهمة على مسيرة التطور الإنساني بفكر مبدع وإصرار على النجاح، واليوم نؤكد بإطلاق القمر الاصطناعي الجديد أننا نسير نحو تحقيق أهدافنا الرامية لتحقيق فتوحات علمية جديدة تخدم الإنسانية برؤية واضحة وبخطى واثقة وبجهود أبناء الوطن المخلصين وفكرهم المتطور" وفق تعبيره. ووجه الشيخ حمدان بن محمد التهنئة للفريق المشارك في الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي الجديد، مشيدا بدور الطلبة المشاركين في المشروع متمنياً لهم كل التوفيق في مستقبلهم البحثي والعملي، مؤكداً أهمية مواصلة العمل على تعزيز القدرات الوطنية في مجال الأبحاث والدراسات الفضائية ومضاعفة الجهد في سبيل تحقيق الأهداف الكبيرة التي يتضمنها مشروع "المريخ 2117" والتي تعد سبقا جديدا يحسب لدولة الإمارات في مجال المشاريع المستقبلية الضخمة لتضع علامة جديدة في سجل تاريخ تطور البشرية. وأكد الشيخ حمدان أن تلك الطموحات الكبيرة تستوجب الانفتاح على مصادر المعرفة المتخصصة وتعزيز التعاون مع الجهات البحثية والعلمية العالمية الرائدة ورصد ومتابعة كل المستجدات العلمية في هذا المجال والعمل على إعداد وتأهيل الكوادر الوطنية بتوفير البرامج العلمية والتدريبية المناسبة وفق أرقى المعايير الدولية، لتتمكن دولتنا من الوصول إلى المكانة التي تصبوا إليها بين مصاف الدول الأكثر تقدما في مجال أبحاث ومشاريع الفضاء. استراتيجية متكاملة ويكتسب مشروع القمر الاصطناعي "نايف-1" أهمية كبيرة، إذ يأتي ضمن الاستراتيجية التعليمية المتكاملة لعلوم الفضاء الرامية إلى تطوير قدرات ومهارات وكفاءات أبناء الإمارات في الاختصاصات الهندسية على تصميم وتركيب واختبار وتشغيل الأقمار الاصطناعية النانومترية. وأطلق القمر الاصطناعي من مركز الفضاء "ساتيش داوان" في قاعدة إطلاق المركبات الفضائية "سريهاريكوتا" في الهند على متن الصاروخ " C37–PSLV "، الذي أطلق من على متنه أكبر عدد من الأقمار بلغ عددها 104 قمراً، مما جعل هذه العملية تاريخية والأولى من نوعها. وكان "نايف-1" خامس قمر انفصل عن الصاروخ بعد الحمولة الأساسية من الأقمار الاصطناعية. وعقب 18 دقيقة و32 ثانية من عملية الإطلاق ووصوله إلى مداره الفضائي على بعد حوالي 512 كلم عن سطح الأرض، تلقَّت المحطة الأرضية أول إشارة من القمر، حيث تواجد في المحطة في الجامعة الأميركية في الشارقة خلال عملية الإطلاق فريق عمل المهندسين في "مركز محمد بن راشد للفضاء"، والطلاب الذين شاركوا في المشروع والخبراء من شريك نقل المعرفة شركة Innovative Solutions in Space. وعبر هذه المحطة سيجري تشغيل "نايف-1" والتحكم به طوال مدة دورانه في الفضاء. وأكد يوسف حمد الشيباني، مدير عام "مركز محمد بن راشد للفضاء" أن نجاح إطلاق القمر النانومتري "نايف-1" خطوة واثقة في مسيرة التطوير والتنمية المستدامة لقطاع الفضاء الإماراتي، مشيراً إلى أن مشاركة طلبة جامعيين في إنجاز جميع مراحل مشروع فضائي يقدم نموذجاً حياً لنتائج خططنا الاستراتيجية للانتقال إلى اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار، وتلبية احتياجات مرحلة ما بعد النفط". وتقدم الشيباني باسم "مركز محمد بن راشد للفضاء" ب "أسمى آيات الشكر والامتنان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لدعمه الدائم والمستمر للمركز وفريق عمله من الشابات والشباب الإماراتي، الذين لا يألون جهداً لتميّز تكنولوجيا الفضاء في الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً أن كل النجاحات في المشاريع الفضائية مستلهمة من رؤية سموه السديدة والثاقبة لتكون الإمارات العربية المتحدة صاحبة منجزات ودولة منافسة في العلوم والتكنولوجيا والفضاء على مستوى العالم". وشدد الشيباني على أن "توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس "مركز محمد بن راشد للفضاء" بدعم الشباب الإماراتي في مجال دراسات وأبحاث الفضاء ستقودنا بالتأكيد إلى مراكز ريادية وتنافسية"، مشيراً إلى أن "مشروع "نايف-1" هو الحلقة الأولى من استراتيجية المركز في مسار برنامج المشاريع الفضائية المخصصة لطلبة الجامعات، مؤكداً تطلع المركز إلى استدامة مشاريع الفضاء التعليمية والعزم على تأهيل كادر إماراتي محترف في صناعة الفضاء بدءاً من الجامعات، انطلاقاً من أن الشباب هم منبع الابتكار والتميز وخير مثال أن "نايف-1" هو أول قمر اصطناعي نانومتري بحجم الوحدة الواحدة مبرمج على بث رسائل نصية باللغة العربية". وبهذه المناسبة، قال الدكتور بيورن شيرفيه، مدير الجامعة الأميركية في الشارقة: "أنشأ صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رئيس الجامعة الأميركية في الشارقة، هذه الجامعة لتكون مؤسسة تعليم عال مكرسة لتحقيق التميز في المجالين الأكاديمي والبحث العلمي. إن الإطلاق الناجح لنايف-1 يعكس هذه الرؤية". وتابع قائلا "إنها لحظات اعتزاز وفخر للجامعة الأميركية في الشارقة، نظراً للدور المهم في تطوير القمر من قبل المهندسين المواطنين من طلبة الجامعة. وسيتم رصد هذا القمر الاصطناعي من المحطة الأرضية في الجامعة الأميركية في الشارقة. نحن فخورون لقيامنا بتطوير هذا المشروع مع مركز محمد بن راشد للفضاء ونتطلع للتعاون المستقبلي معهم من أجل تطوير المهارات والمعرفة للمهندسين الإماراتيين من طلبة الجامعة في تكنولوجيا الفضاء." متابعة الإطلاق وحول متابعة أداء القمر في مروره الأول بعد إطلاقه، أوضحت المهندسة فاطمة لوتاه، نائب مدير مشروع "نايف -1" في "مركز محمد بن راشد للفضاء"، أن "القمر مرّ فوق المحطة الأرضية عند الساعة 09:30 صباحاً بتوقيت دولة الإمارات، واستطعنا بنجاح استقبال الإشارة الأولى منه والتحقق بشكل أولي من حالة وعمل جميع الأنظمة بانتظام". وأضافت لوتاه: "خلال مروره اللاحق سنستكمل متابعة سلوك القمر ومدى استجابته للأوامر في فترتي الليل والنهار، على أن يتم التحول فيما بعد إلى وضع العمل التلقائي، سنتحقق من عمل نظام التحكم والتوجيه النشط ، الذي يحدد اتجاه القمر في الفضاء ليحافظ على توازنه في مرحلة عمله، خصوصاً أن هذا النوع من الأنظمة يستخدم لأول مرة في الأقمار الاصطناعية النانومترية بحجم الوحدة الواحدة (10*10*10cm)". وبخصوص توقيت مرور القمر فوق المحطة الأرضية، أكدت المهندسة حصة المطروشي، نائب مدير مشروع "نايف -1" في "مركز محمد بن راشد للفضاء"، أن "نايف-1" يمر أربع مرات في اليوم فوق المحطة الأرضية، مرتين في فترة الصباح ومرتين في فترة المساء. وفي مرور القمر خلال فترة الصباح سنقوم بتقييم صحته وعمله بالإضافة إلى استخدامه لأغراض تعليمية وبحثية، فيما تترّكز مهامه في المرور الثاني في فترة الليل حول استقبال وإرسال الرسائل". وأوضحت المطروشي أن "مهمة "نايف- 1" تتضمن العديد من الأهداف العلمية التي سيتم تحديدها ودراستها من بينها تحديد خصائص النموذج الحراري للقمر الاصطناعي والتحقق من دقته ومدى موافقته لبيئة الفضاء، ودراسة تطور أداء الخلايا الشمسية في الفضاء خلال مرحلة حياة القمر". ويتبع "نايف-1" مدار دائري حول الكرة الأرضية، ويزن القمر 1.32 كلجم، وهو بحجم 10*10*11.35 سم مكعب، وتغطي تردداته مساحة 5000 كلم مربع على الأرض. واستغرق إنجاز جميع مراحل مشروع "نايف-1" عاما ونصف العام، وتضمنت مراحل التصميم والتصنيع والاختبار، حيث أنجزت معظمها في "مركز محمد بن راشد للفضاء" . وتم تنفيذ المشروع وبرنامج نقل المعرفة بالتعاون مع “Innovative Solutions in Space”، إحدى الشركات الرائدة عالمياً في مجال تطوير المعدات الفضائية بالإضافة إلى نظم الأقمار الاصطناعية النانومترية. وقام المركز بإدارة هذا المشروع والقيام بدور الموحد لمتابعة الإجراءات المعمول بها للمحافظة على الخبرات المكتسبة والاستفادة منها.