"البعض لا تنقصهم الإمكانيات بل العزيمة ألا ترى أن الطاولة لها أربع أرجل ولكنها عاجزة عن السير! " استوقفتني هذه الكلمات وأنا أطالع كتاب أضغاث أقلام لأدهم شرقاوي. بدأت أسترجع شريط الذكريات وأطرق باب سنوات من عمري قَدْ خَلَتْ، وشَرَعَتِ الأسئلة تتوافد على ذهني تِباعا. ماذا لو أنني سلكت طريقا غير الذي سلكته من قبل؟ ثم ماذا لو أنني جلست مكتوفة اليدين في انتظارٍ بطيءٍ لأن تتوافق الظروف والإمكانيات مع حدة الصعوبات التي واجهتني وأنا أمضي في طريقي نحو تحقيق أحلامي؟ هل حقا كان لهذه الأخيرة أن ترى النور على دروب أيامي؟ حتما لا! الحياة ِبرُمَّتِها ما هي إلا جملة امتحانات وتحديات لا ينجح فيها سوى من أعد العدة لاجتيازها، متحريا في ذلك بعض التريث وكل الصبر، فالطريق إلى النجاح طويل جدا. بل هو العمر بأكمله، وبداية النجاح، حلم. اجعل لك حلما ثم بعد ذلك أنفق عمرك في تحقيقه! ولا تنس وأنت ماضٍ في طريقك بأن الأحلام لا تموت بل تكبر وتتكاثر! "الحياة مليئة بالحجارة فلا تتعثر بها، بل اجمعها وابن بها سلما نحو النجاح" بهذه المقولة يكون مارتن لوثر كينغ قد اختصر علي الطريق في إيصال فكرتي. يجب على الإنسان أن يتحرى الذكاء في تعامله مع الصعاب التي تواجهه. وبدل أن يسمح لها بالوقوف حجر عثرة أمام تحقيق أهدافه، يجعل من تَخَطِّيها تحديا يُحَفِّزه على المضي قدما. لازلت أذكر جيدا ذلك الحظ العاثر الذي كان يلازمني في بداية كل سنة دراسية على مدى ثمان سنوات، فكنت أحصل على نتيجة محبطة في أول امتحان أجتازه. لكنني، وفي كل مرة كنت أشهر عزيمتي في وجه خيبتي، وأقطع على نفسي عهدا بأن أدحض تلك النتيجة بأخرى أفضل منها. والحمد لله كان التوفيق حليفي في ذلك لينقشع الغبار بعدها ويظهر الأمل جليا من جديد. إنه لشيء طبيعي أن يخطئ المرء، أن يضعف أحيانا أو حتى يفشل في بعضها، فكثيرا ما نصادف في طريقنا العديد من الصعوبات و العراقيل ، منها ما هو طفيف ومنها ما هو عظيم لدرجة تفقدنا الأمل في الاستمرار، لكن شيئا واحدا قد يجعلنا ننجح في تخطي كل تلك الصعاب ويعمل على لملمة ما سقط منا بسببها، إنه العزيمة وأيضا قوة تشبثنا بما نريد الوصول إليه، مهما كلفنا ذلك من رصيد عمرنا، فليس للنجاح وقت محدد أو تاريخ انتهاء صلاحية، كما أننا لسنا مجبرين على أن نكون ناجحين في ظرف وقت معين أو خلال فترة معينة من حياتنا. لا! لن يفوت الأوان أبدا ما دامت رئتاك قادرتان على استقبال الأوكسجين. من ينتظر صلاح حال الظروف لكي يصنع نجاحه ما هو إلا مشروع شخص فاشل قادم في الطريق. أما من يضع أهدافه أمام ناظريه ويشق الطريق نحو تحقيقها حتى لو كلفه ذلك خلق الظروف المناسبة بنفسه فهو ذاك من انتبه للمعنى الحقيقي للنجاح. مما لا جدال فيه أن النبات يحتاج إلى العناية لكي ينمو لكنه قبل كل شيء يحتاج إلى تربة تزرع فيها بذرته؛ لذلك اجعل من عزيمتك تربة مناسبة تضم داخل جوفها كل أحلامك. وَلْتَعْتَنِ بها لاحقا بكل ما أوتيت من مثابرة واجتهاد ! حارب من أجل ما تريده! لا بأس أن تتعب قليلا وتسهر الليالي في سبيل تحقيقه لكن إياك وثلاث : أن يؤثر فيك كلام الناس سلبًا وأن ينال منك الحسد وتخذلك الثقة. وأنت في طريقك إلى النجاح. لا تنس أن تسقط.. ثم تنهض بعدها! *مهندسة دولة في الإعلاميات [email protected]