يتمثل التحصيل الدراسي في المعرفة التي يحصل عليها الفرد من خلال برنامج أو منهج مدرسي قصد تكييفه مع الوسط والعمل المدرسي، ويعد أيضا أحد الجوانب المهمة للنشاط العقلي الذي يقوم به الطالب في المدرسة، والمبني على أساس الكفاءة في العمل؛ كما يقيم من قبل الأساتذة أو عن طريق الاختبارات المقننة أو كليهما معا. في ولاية كاليفورنيا مثلا يقاس التحصيل الدراسي عن طريق مؤشر الأداء الأكاديمي؛ وقد صنف على أنه متغير معرفي كما، ويتضمن الحقائق والمهارات، والميول والقيم. وفي القرآن الكريم ورد لفظ حصل في الآية الكريمة: "أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور" (العاديات،9،10). ومما لا شك فيه أن التحصيل الدراسي الجيد للطلبة يكسبهم العديد من الامتيازات، من قبيل: الدخول إلى عالم الابتكار والشغل، والمنافسة، والاعتماد على المؤهلات الذاتية .. وهذا من شأنه كذلك أن يؤثر إيجابيا على المجتمع وقدرته على مواكبة ومنافسة التقدم الحاصل في العالم. وليس خفيا عليكم أننا لازلنا نواجه مشاكل عويصة جعلت عملية التحصيل الدراسي مقرونة بظاهرة متفشية في مجتمعنا، وهي "ظاهرة تدني مستوى التلاميذ". وقد يحدث التدني في التحصيل في أي مادة من المواد الدراسية. ولا شك أن أخطر أنواع التدني في التحصيل يهم المرحلتين الأساسية الدنيا (الأول ابتدائي)، والأساسية العليا (السادس ابتدائي)، إذ إن أثره يمتد إلى معظم المواد الأخرى، ما قد يهدد العملية التربوية كلها بالانهيار. ومن العوامل المؤدية إلى تدني التحصيل الدراسي: – عوامل مباشرة: الأستاذ، والتلميذ، والمنهاج، والأسرة، والأقران، والإرشاد الطلابي، والمكتبة، والتقنيات التربوية. – عوامل غير مباشرة: وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي ...بما أننا الآن أصبحنا بسهولة تامة نتنقل من مكان إلى آخر، ليس داخل كتاب معروف صاحبه وموثقة معلوماته، وإنما داخل ألوية متعددة الألوان سميت "مواقع التواصل الاجتماعي"، لها أثر سلبي كبير على عملية التحصيل الدراسي لدى التلاميذ؛ إذ تبين أن وجود الطلاب لفترة طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون له أثار ضارة على الإنتاجية الدراسية، وأداء المهام والواجبات المنوطة بهم. والساعات الطويلة التي يقضيها الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي لها أثر سلبي على تحصيلهم الدراسي، وتترتب عنها مجموعة من المشكلات التربوية، مثل: النوم أثناء الدروس، وضعف التركيز، وتشتت الذهن، وضعف القدرة على الاستذكار، والتأخر الدراسي الدائم... وهناك عدة دراسات تطرقت لآثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على التحصيل الدراسي للأبناء، نذكر منها دراسة أرين كارينسكي، التي قام بها سنة 2010 ، بعنوان "أثر استخدام موقع فيسبوك على التحصيل الدراسي لدى طلبة الجامعات". وتمحورت الدراسة ذاتها على السؤال التالي: ما أثر استخدام موقع "فيسبوك" على التحصيل الدراسي لدى طلبة الجامعات؟ وطبقت على 219 طالبا جامعيا، 79 في المائة منهم اعترفوا بأن إدمانهم على موقع "فيسبوك" أثر سلبا على تحصيلهم الدراسي. وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وبرنامج الرزم الإحصائي للعلوم الاجتماعية من أجل معالجة البيانات، ومن أهم النتائج التي توصلت إليها ما يلي: 1- الدرجات التي يحصل عليها طلاب الجامعات المدمنون على مواقع الإنترنت، وخاصة موقع "فيسبوك"، أدنى بكثير من تلك التي يحصل عليها نظراؤهم الذين لا يستخدمون هذا الموقع. (كما أظهرت النتائج أنه كلما ازداد الوقت الذي يمضيه الطالب الجامعي في تصفح هذه الموقع كلما تدنت درجاته في الامتحانات). 2- الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول على الإنترنت يخصصون وقتا أقصر للدراسة. إن الدراسات والأبحاث التي تناولت العلاقة بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وأثره على التحصيل الدراسي للأبناء أوصت بضرورة تنظيم طريقة الاستخدام، مع تحديد نوعية المواقع والبرامج المراد الحصول عليها، والرقابة الدورية للأبناء، ولاسيما في مجال التعلم والتعليم. *أستاذ مادة الرياضيات وباحث في سلك الدكتوراه