بقلم الأستاذ: عمر الهوان يتمثل التحصيل الدراسي في المعرفة التي يحصل عليها الفرد من خلال برنامج أو منهج مدرسي قصد تكيفه مع الوسط والعمل المدرسي، ويعد أيضا أحد الجوانب المهمة للنشاط العقلي الذي يقوم به الطالب في المدرسة والمبني على أساس الكفاءة في العمل، كما يقيم من قبل الأساتذة أو عن طريق الاختبارات المقننة أو كليهما معا. في ولاية كاليفورنيا مثلا يقاس التحصيل الدراسي عن طريق مؤشر الأداء الأكاديمي، وقد صنف التحصيل الدراسي على أنه متغيرا معرفيا كما، ويتضمن الحقائق والمهارات، والميول والقيم، وفي القرآن الكريم ورد لفظ حصل في الآية الكريمة [ أفلا يعلم إذا بعثر ما في .(القبور وحصل ما في الصدور] (العاديات،9،10 ومما لا شك فيه أن التحصيل الدراسي الجيد للطلبة يكسبهم العديد من الامتيازات من قبيل: الدخول إلى عالم الابتكار والشغل، والمنافسة الخارجية، والاعتماد على المؤهلات الذاتية .. وهذا من شأنه كذلك أن يؤثر إيجابيا على المجتمع ومدى قدرته على مواكبة ومنافسة التقدم الحاصل بين الدول في العالم. وليس خفيا عليكم أننا لازلنا نواجه مشاكل عويصة جعلت عملية التحصيل الدراسي مقرونة بظاهرة متفشية في مجتمعنا وهي "ظاهرة تدني التحصيل الدراسي لدى التلاميذ"، وقد يحدث التدني في التحصيل في أي مادة من المواد الدراسية، ولاشك أن أخطر أنواع التدني في التحصيل في المرحلتين الأساسية الدنيا (الأول ابتدائي)، والأساسية العليا (السادس .ابتدائي)، هو الذي يحصل في القراءة، إذ أن أثره يمتد إلى معظم المواد الأخرى مما قد يهدد العملية التربوية كلها بالانهيار ومن العوامل المؤدية إلى تدني التحصيل الدراسي نجد: – عوامل مباشرة: الأستاذ، والتلميذ، والمنهاج، والأسرة، والأقران، والإرشاد الطلابي، والمكتبة، والتقنيات التربوية. – عوامل غير مباشرة: وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي .. وبما أننا الآن أصبحنا بسهولة تامة نتنقل من مكان إلى آخر ليس داخل كتاب معروف صاحبه وموثقة معلوماته، وإنما داخل ألوية متعددة الألوان سميت ."بمواقع التواصل الاجتماعي"، التي لها أثر سلبي كبير على عملية التحصيل الدراسي لدى التلاميذ حيث تبين أن وجود الأبناء لفترة ممتدة على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له أثار ضارة على الإنتاجية الدراسية، وأداء المهام والواجبات المناطة بهم، فالساعات الطويلة التي يقضيها الأبناء على مواقع التواصل الاجتماعي لها أثر سلبي على تحصيلهم الدراسي، وتترتب عليها مجموعة من المشكلات التربوية مثل: النوم أثناء الدروس والمذاكرة، وضعف التركيز، وتشتت الذهن، وضعف .الدرة على الاستذكار، وتأخر دراسي دائم، وغيرها من الآثار التي تؤثر بشكل مباشر على التحصيل الدراسي للأبناء وهناك عدة دراسات تطرقت لآثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على التحصيل الدراسي للأبناء، نذكر منها دراسة أرين كارينسكي التي قام بها سنة 2010 بعنوان "أثر استخدام موقع فيسبوك على التحصيل الدراسي لدى طلبة الجامعات". وتمحورت مشكلة الدراسة بالإجابة على السؤال التالي: ما أثر استخدام موقع "فيسبوك" على التحصيل الدراسي لدى طلبة الجامعات؟ وطبقت الدراسة على 219 طالبا جامعيا، 79 في المائة من الطلاب الجامعيين الذين شملتهم الدراسة اعترفوا بأن إدمانهم على موقع "الفيسبوك" أثر سلبا على تحصيلهم الدراسي. وقد استخدم المنهج الوصفي التحليلي، واستخدام برنامج الرزم الإحصائي للعلوم الاجتماعية من أجل معالجة البيانات، ومن أهم النتائج التي توصلت إليها دراسة أرين كارينسكي ما يلي: 1. إن الدرجات التي يحصل عليها طلاب الجامعات المدمنون على شبكة الإنترنت، وتصفح موقع "فيسبوك" أدنى بكثير من تلك التي يحصل عليها نظراؤهم الذين لا يستخدمون هذا الموقع، كما أظهرت النتائج أنه ازداد الوقت الذي يمضيه الطالب الجامعي في تصفح هذا الموقع كلما تدنت درجاته في الامتحانات. 2. بينت النتائج أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول على الإنترنت، يخصصون وقتا أقصر للدراسة، مشيرا إلى أن لكل جيل اهتمامات تجذبه، وأن هذا الموقع يتيح للمستخدم الدردشة، وإبداء رأيه في كثير من الأمور، والبحث عن أصدقاء جدد أو قدامى، وبينت النتائج أن 79 في المائة من الطلاب الجامعيين الذين شملتهم الدراسة، اعترفوا بأن إدمانهم على موقع "فيسبوك" أثر سلبا على تحصيلهم الدراسي. إن الدراسات والأبحاث التي تناولت العلاقة بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على التحصيل الدراسي للأبناء، أوصت بضرورة تنظيم طريقة الاستخدام وتنظيم ساعات الاستخدام مع تحديد نوعية المواقع والبرامج المراد الحصول عليها، والرقابة الدورية للأبناء ولا سيما في مجال التعلم والتعليم.