استغل عدد من سائقي سيارات الأجرة الكبيرة بخريبكة انعقاد الجلسة الثانية من دورة المجلس البلدي، اليوم الاثنين، لتنظيم وقفة احتجاجية أمام القاعة المحتضنة للقاء، رافعين شعارات ضد الفساد و"الشفرة"، ما أثار غضب عدد من المستشارين الجماعيين، من جهة، ودفع ممثلي السلطة المحلية والإقليمية والأمنية، من جهة ثانية، إلى التدخل وفتح حوار في المكان ذاته مع المحتجين. وحاول باشا مدينة خريبكة إقناع المحتجين بضرورة احترام الإدارة، والتعبير عن مطالبهم وفق القوانين الجاري بها العمل، قبل أن يعلنوا رغبتهم في حضور أشغال الدورة، على غرار باقي المواطنين، وهي اللحظة التي عبّر فيها عدد من المستشارين الجماعيين عن استنكارهم للأوصاف التي طالتهم على لسان السائقين المحتجين. واستشاط غضبا عدد المشاركين في أشغال الدورة، من بينهم سعيد العرشي، الذي طالب برفع الجلسة، وهدد بالانسحاب منها، أو ربط الاتصال بالشرطة القضائية، قصد تحرير محضر رسمي حول الاتهامات التي رفعها سائقو سيارات الأجرة الكبيرة من خلال شعاراتهم، لكشف المقصودين ب "الشفّارة"، حتى لا تتحوّل الجلسة إلى ساحة للاتهامات والمشادات الكلامية. وعن أسباب الاحتجاج وسط مقر البلدية، أوضح نور الدين دباجي، الكاتب العام للنقابة الوطنية لسيارات الأجرة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أن السائقين كانوا بصدد الدخول إلى البلدية، من أجل حضور الدورة، باعتبارها عمومية ومفتوحة في وجه الجميع، إلا أن حارسا منعهم من ذلك، دون أن يقدّم مبررا، ما دفعهم إلى رفع شعارات لإيصال مطالبهم إلى من يهمهم الأمر. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن تنقل السائقين إلى البلدية جاء نتيجة "إدراج نقطة تحت ضغط لوبيات الفساد، وخاصة رؤساء بعض الجماعات المحلية الميسورين، الذين استفادوا من المأذونيات دون أن تكون لهم علاقة بالمقاومة أو الفقر، ويريدون الضغط حتى يتم تعديل المادة 3 من النظام الأساسي لشركة التنمية المحلية، للسماح لحافلات النقل الحضري بربط خطوطها بالمدن والمراكز المجاورة لخريبكة". وأضاف دباجي، بصفته أمين قطاع سيارات الأجرة الكبيرة بمدينة خريبكة، أن "حافلات النقل الحضري التي قيل إن دراستها تمت وفق معايير دولية تعرف عدة مشاكل، من بينها الزيادة في تسعيرتها مباشرة بعد مضي سنة على انطلاقها، إضافة إلى كبرها مقارنة مع عرض الشوارع بالمدينة"، وفق تعبيره، وزاد: "كما أن بعض الإشارات سُحبت في أوقات متأخرة من الليل، نزولا عند رغبة بعض النافذين". واعتبر المتحدث ذاته الاختلالات المذكورة بمثابة هدر للمال العام، "في ظل غياب تام للمقاربة التشاركية"، مشيرا إلى أن "السائقين نبّهوا في مناسبات سابقة إلى أن القطاع يعاني مشاكل عديدة، من بينها ارتفاع تكلفة النقل، وارتفاع سعر المحروقات، والضغط الضريبي، وغياب المرافق في المحطات، ما يفرض على المسؤولين التعامل بجدية مع مشاكل قطاع خدماتي مهم"، حسب تعبيره. وجاء الاحتجاج المذكور عقب إصدار بلاغ حول "تعديل المادة 3 من النظام الأساسي لشركة التنمية المحلية للنقل الحضري"، أصدرته التنسيقية الإقليمية لنقابات وأمناء قطاع النقل بواسطة سيارات الأجرة من الصنف الأول بإقليم خريبكة، وأشارت من خلاله إلى أن "ممثلي الساكنة رضخوا لضغوطات لوبي الفساد، من أجل تصدير أزمة شركة التنمية المحلية إلى ضواحي مدينة خريبكة، دون الاكتراث بالاحتضار الذي يعيشه قطاع النقل". وجاء في البلاغ الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه أن "المسؤولين صموا الآذان، وأهملوا المقترحات، واعتمدوا على دراسة شركة، زعموا أنها تمت وفق معايير دولية، ليثبت أنها تفتقد إلى أدنى شروط الموضوعية والعلمية، إضافة إلى المشاكل المرتبطة بمعاناة الشغيلة، والفشل في القضاء على ظاهرة التنقل على متن الدراجات الثلاثية العجلات والعربات المجرورة، وتفاقم العجز المتعلق بالتسيير". وأشارت التنسيقية ذاتها، في البلاغ الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، إلى أن "المشروع فاشل اجتماعيا واقتصاديا، وستؤدي الساكنة ثمنا باهظا لاحتواء عجزه"، مشدّدة في سياق آخر على أن "رخص للنقل المزدوج مُنحت لأشخاص ميسورين، تكريسا لمنطق الزبونية وعدم المساواة"؛ كما طالبت ب"فتح حوار جاد لتدارس القضايا التي يعاني منها المهنيون والركاب على السواء، وإحداث المرافق اللازمة، وإنجاز المحطات النموذجية، وعدم تمديد خطوط النقل الحضري إلى القرى والمدن المجاورة، وتحرير المحطات السليبة".