الإسلاموفوبيا المقصود بها الخوف غير المبرر من الإسلام والمسلمين، والفوبيا أو الرهاب هو الخوف المرضي الذي ليس له ما يبرره، أي أنه خوف غير عقلاني. لذلك علينا أن نسأل الأسئلة العقلانية بخصوص هذا المصطلح، هل الغربيون يخافون من الإسلام كدين أم من بعض مظاهر الإسلام التي تترجم إلى أفعال غير مرغوبة على أرض الواقع؟ هل الفرنسي يخاف من مسلم يصلي ويصوم ويقوم بشعائر مسالمة أم يخاف من مسلم يريد أن يقوم بالجهاد وتصرفات غير مسالمة؟ فالغرب لا يخاف من الأديان؛ فكل الأديان موجودة في الدول الغربية: البوذية، الهندوسية، السيخية، اليهودية، المسيحية، والإسلام، ومع ذلك لا نسمع بوذيفوبيا ولا هندوسوفوبيا... لماذا نسمع فقط عن الإسلاموفوبيا؟ الجواب هو أن المصطلح مصطنع كوسيلة دفاعية، وجرى الترويج له من لدن الحركات والمنظمات الإسلامية الموجودة في الغرب بغرض إسكات المنتقدين، وهذا المصطلح في حد ذاته مشكلة. أول مشكلة: تواجهنا في المصطلح أنه يعتبر كل من ينتقد الإسلام بأنه مريض، لديه فوبيا من الإسلام، وهنا يكون المصطلح أداة قدحية وقمعية لكل منتقد للإسلام، فهو يستخدم لإسكات الأصوات المنتقدة للدين والعقيدة ولتصرفات المسلمين الناتجة عن هذه العقيدة، والأديان كانت وما زالت محل انتقاد، وينبغي أن تبقى كذلك حتى تتطور وتتجدد، لو رفضنا كل نقد للإسلام على أساس أنه إسلاموفوبيا لماذا لا نرفض كل نقد للإلحاد على أنه إلحادوفوبيا، وكل نقد لأي دين آخر دينوفوبيا (نضيف على اسم الدين كلمة فوبيا) وهكذا نكون قد أسهمنا في إنهاء نقد الأديان بصفة نهائية بترهيب الناقدين والقدح فيهم واتهامهم بأنهم مجرد مرضى نفسيين. من حق أيّ إنسان أن ينتقد أيّ دين بما في ذلك الإسلام، ومن حق أيّ شخص أن ينتقد تصرفات المسلمين أو أيّ مجتمع ديني دون أن يكون لنا الحق بأن نقمعه باتهامه بالمرض أو الفوبيا. ثاني مشكلة: أن المصطلح يستخدم تجاه الجميع دون تحديد لما نقصده بهذه الفوبيا، هل كل من خاف من أي شيء في الإسلام يعد شخصا يعاني من الفوبيا؟ هل لو رأى أيّ بريطاني فيديوهات قطع يد السارق التي يقوم بها داعش، وفيديوهات رجم المرأة الزانية، وفيديوهات إعدام المرتدين عن الإسلام، وخاف من إقامة هذه الشريعة في بلده وعبر عن رفضه للشريعة الإسلامية وإقامة الحدود، وعدها قوانين لا تتماشى مع الحضارة ومع القرن الحادي والعشرين هل يمكننا أن ننعته بأنه يعاني من الإسلاموفوبيا؟ في هذه الحالة يمكننا أن ننعت الكثير من الدول الإسلامية نفسها بالإسلاموفوبيا، فالمغرب يخاف من الإسلاميين المجاهدين الذين يريدون تفجير الناس ليذهبوا لملاقاة حور العين، والعديد من الدول الإسلامية تخاف من الحدود وترفضها ولا تريد تطبيقها على أرض الواقع، الكثير من الناس يخافون من قطع يد السارق ومن الرجم ويشمئزون من رمي المثليين من شواهق العمارات ويرفضون قتل تارك الصلاة..إلخ، المغرب مثلا لا يطبق حدود الشريعة الإسلامية ويرفضها، وكذا الجزائروتونس ومصر وغيرها، فهل هذه الدول تعاني من الإسلاموفوبيا؟ علينا أن نعرف ما الذي يرفضه الغربي ويخاف منه، إنه لا يخاف من الإسلام إذا كان هذا الإسلام مجرد دين بين الإنسان وربه، عبادة وشعائر وأخلاق ومعاملات حسنة، لكن إذا كان هذا الدين يعلم الجهاد ضد الكافر، ويعلم إقامة نظام الخلافة الذي يحلم أصحابه باحتلال العالم أجمع وإخضاعه بالقوة لدين واحد، وإذا كان هذا الدين يريد أن يعوض العقوبات الجنائية بقطع اليد وبالرجم بالحجارة.. وإذا كان هذا الدين يريد أن يزيل قوانين البلد ويعوضها بالشريعة الإسلامية بكل ما تحويه من أمور مناقضة للحضارة الغربية، فحينها من حق الناس أن تخاف، المغرب سيخاف، تونس ستخاف، مصر ستخاف، كل هذه الدول ستخاف من الذين ينادون بإعادة بالخلافة وبتطبيق الشريعة الإسلامية حرفيا، فلماذا ننعت الغربي بالإسلاموفوبيا إن عبر عن خوفه من هذه المظاهر؟ مشكلة ثالثة: أن المصطلح ينعت خوف الناس من الإسلام بأنه غير مبرر، أنه خوف مرضي، والعكس هو الصحيح. فإذا رأى أيّ شخص فيديوهات الذبح تحت التكبير، وسمع التفجيرات مصحوبة بصيحات الله أكبر، وشاهد بعدها وصية يتركها الإرهابيون يستشهدون فيها بالآيات والأحاديث، ويعدون ما قاموا به تضحية في سبيل دينهم، ويهددون الغرب بالمزيد، فهل خوفه مبرر أم غير مبرر؟ سيقول قائل ليس كل المسلمين هكذا، صحيح؛ لكن كيف سيعرف الإنسان العادي الفرق بين من يؤمن بهذه الأمور وبين من لا يؤمن بها؟ خصوصا أنها أمور يستطيع الإنسان أن يخفيها ويظهرها فجأة، وما عليك إلا أن تسأل جيران الإرهابيين وأقاربهم وستسمع مرارا بأنهم تفاجئوا بأن هذا الشخص كان طيبا وأنهم لم يتوقعوا أن يكون إرهابيا في يوم من الأيام. هل على كل شخص غربي أن يتعمق في دراسة الإسلام ليعرف ما هو من الإسلام وما هو مختلف عليه؟ ثم أليست الكثير من هذه الأمور جزءا من الدين نفسه؟ أليس الغزو جزءا من الإسلام، والحدود منها قطع يد السارق جزء من الإسلام؟ عبء الإثبات يقع على المسلمين وليس على الغرب، على المسلمين أن يثبتوا للناس أن الحدود ليست جزءا من الإسلام، وأن الخلافة ليست جزءا من الإسلام، وأن الجهاد ليس جزءا من الإسلام، وأن قتل المرتد ليس جزءا من الإسلام، ... على المسلمين أن يظهروا للعالم ما هو دينهم بتطبيقه على أرض الواقع، لا أن يطالبوا من العالم تغيير نظرته دون دليل واقعي، وابتزازه بمصطلح الإسلاموفوبيا. ماذا عن المسيحوفوبيا؟ نعم هناك خوف غير مبرر في البلدان الإسلامية من المسيحية، في البلدان الغربية تُبنى المساجد ويعتنق الغربيون الإسلام بكل حرية، ويقيم المسلم شعائره بكل حرية، ويحصل على قرآنه بكل حرية، ويدعو إلى دينه بين الناس بكل حرية، ويناقش ويناظر، ويحتج، ويخرج إلى مظاهرات، ويطالب بحقوقه، ومع ذلك ينعت الغرب بالإسلاموفوبيا، بالمقابل في أغلب البلدان الإسلامية يمنع إدخال الكتاب المقدس، أو يتم إدخاله بصعوبة بالغة، يُمنع التبشير بالمسيحية والدعوة إليها، إذ يعاقب القانون على ذلك، يمنع اعتناق المسلمين للمسيحية وإلا اتهموا بالردة، وتتم متابعتهم قانونيا، يمنع المسيحيون من خلفية إسلامية من التجمع ولا يسمح لهم بإقامة شعائرهم ولا بوجود أماكن عبادة لهم، السعودية كمثال تمنع بناء الكنائس، تمنع تجمع المسيحيين، تمنع إدخال أي كتب مسيحية، يتم اضطهاد المسيحيين في العراق، في باكستان في مصر، في سوريا، في تركيا في إندونيسيا في ماليزيا في إيران، وهذا لا يحصل للمسلمين في البلدان الغربية أبدا، أليست هذه مسيحيوفوبيا؟ نعم إنه خوف غير مبرر، لأن المسيحية لا تعلم الجهاد، لا تعلم الاستشهاد مقابل حور العين، لا تعلم إقامة نظام خلافة، لا تعلم إقامة الحدود، لا تعلم قتل المرتد ولا قتل تارك الصلاة، المسيحية تعلم المسيحي أن يدعو من أجل الناس وأن يحب كل الناس وأن يكون نورا وملحا للأرض. لا يوجد مسيحي في الشرق الأوسط كله أو في شمال إفريقيا فجر نفسه وسط مسلمين، لا يوجد مسيحي واحد قتل مسلما وهو يصيح "هللويا"، ومع ذلك هناك خوف رهيب من المسيحية، أليست هذه هي الفوبيا الحقيقية؟ ألا يحق للمسيحيين أن يتهموا العالم الإسلامي بالمسيحوفوبيا؟ *رشيد حمامي .. إعلامي مغربي مسيحي