الفوبيا بتعريف الأخصائي في علم النفس الأمريكي إدموند بورن في كتابه :" الإكتئاب و الفوبيا" هي حالة الخوف الكبير و المستمر من أشياء أو أشخاص أو نشاطات أو ما إلى ذالك . و يشرح العالم المذكور الفرق بين الخوف الطبيعي و الفوبيا من خلال ظهور أعراض الخلل التي تصحب الفوبيا و هي بمثابة تعبيرات عن رغبة كبيرة غير معقولة لتجنب موضوع الخوف أو مهيجه. و الإسلاموفوبيا انما أخذت سلبية معناها من كون المصابين بهذه الحالات في الغرب انما استعملوا العنصرية ضد الإسلام و المسلمين و شيطنتهم من باب رغبتهم الغير معقولة في تجنب الإسلام الذي يخيفهم، و عجزهم عن مواجهته بالطرق العقلية و الحضارية. بحسب ملخص دراسة لمركز الأبحاث و السياسة الإجتماعية البريطانية ذي رانيميد تراست- لسنة 1996 في موضوع الإسلاموفوبيا -، تجد أن المصابين بالإسلاموفوبيا يحاولون ترويج ما لا يعقل تبريره من تصورات عن الإسلام من قبيل كونه كتلة جامدة لا تتغير و كون ثقافته ارهابية و مميزة ضد النساء و كونه ادنى من الغرب. و بما أن أسس التصورات في الإسلاموفوبيا تشترك مع نظيرتها في الشيعفوبيا مع إختلاف الفاعل وجوهر الموضوع ، فأنه من الجدير مقارنة الظاهرتين على ضوء نتائج الوكالة البريطانية للأبحاث المذكورة ليتسنى إسقاط حلول مرضى الإسلاموفوبيا على مرضى الشيعفوبيا أملاً في تحقيق نفس النتيجة التوعوية. الشيعفوبيا بإختصار إذا كانت ظاهرة الإسلاموفوبيا تمثل حكما مسبقاً و خوفاً غير مبرر من الإسلام و المسلمين 1, فالشيعفوبيا هي ظاهرة تمثل حكماً مسبقاً و خوفاً غير مبرر من الشيعة والتشيع و أضيف إلى الأولى كما إلى الثانية وصف هذه الظاهرة بكونها خللاً اكتئابياً ومرضاً عنصرياً إستناداً إلى التعريف السالف الذكر في المقدمة، على أن الشيعفوبيا ظاهرة ملتصقة بالعالم الإسلامي السني. و عليه يكون الفوبيون مرضى بالمعنى المذكور. و إذا كان المصابون بالإسلاموفوبيا يروجون لتصورات خاطئة مثل انعزالية وجمادية الإسلام و ارهاب ثقافته و دونيتها، فالمصابون بالشيعفوبيا يروجون تصورات خاطئة لشيطنة الشيعة و التشيع من خلال نسبتهم إلى المجوسية تارة و اعتبارهم أكبر خطر على الإطلاق تارة أخرى و نسبتهم إلى إيران و غير ذلك. و يكفي هذه الإطلاقات الغير معقولة و تبنيها من طرف جمع من رجال الدين و الساسة و الزعماء في العالم الإسلامي السني دليلاً على إثبات وجود ظاهرة الشيعفوبيا. مواضيع و أمثلة المعانون من الشيعفوبيا كثيرون نطرح بعض نماذجهم في هذا الجزء . و سوف أورد مواضيع استعملها مرضى الشيعفوبيا مقارنةً مع مواضيع استعملها مرضى الإسلاموفوبيا لتوضيح التشابه بين الظاهرتين . عبادة محمد ص وتأليه علي ع بالرغم من أن القول المفترى بأن الشيعة يؤلهون علياً قديم جداً، فإن الإتيان بمثال حديث سوف يكون دليلاً على سريان هذا القول الباطل والمنكر بين النخب من مرضى الشعيفوبيا. خذ على سبيل المثال الشيخ محمد مصطفى المصري أحد نجوم قناة الناس الذي جاء على لسانه قول:" اننا نحبه -أي علي ع - أكثر من حب الشيعة له، لأننا نحبه في مرضاة الله، وهم يجعلونه هو الإلاه"2. و هذا تدليس ندخله في سياق محاولة شيطنة الشيعة و التشيع، وهو يشبه محوالة المسيحيين شيطنة الإسلام في نسبتهم لمصطلح Mohammedans أو محمدانيين إن صح للمسلمين. و استعملت هذه الترجمة لكي يكون إسم المصدر هكذا : المحمدانية ترجمةً ل: Mohammedanism و لكي لا يتم التداخل مع أسماء علم معروفة مثل "المحمدية" و "المحمدي" وما أشبه . و هذه النسبة تجعل المتلقي يظن أن المسلمين يعبدون محمداً كما شاع به الإعتقاد بين غالبية مسيحيي القرن الثالث عشر3. و لا يضر ظهور مصطلح الإسلاموفوبيا في الثمانينيات أو ظهور مصطلح الشعيفوبيا -إن كان ظهر قبل تبنينا له - حديثاً بجوهر الموضوع. لأن الظاهرة كانت قبل ورود الإصطلاح وهذا ليس بإشكال. فكما أن خرافة عبادة الشيعة لعلي ع قديمة و تجدد استعمالها في إطار الشيعفوبيا، كذلك كما سلف ذكره فإن خرافة عبادة المسلمين للرسول محمد ص قديمة ترجع إلى القرن الثالث عشر للميلاد و لا زالت تستعمل عمداً من طرف المعانين من الإسلاموفوبيا. أما مثال هذا الإستعمال فكثير نذكر منه الكتب التي لا زالت تتداول وإن كانت قديمة مثل كتاب "المحمدانية المثيرة للجدل" و "قانون روما و الشريعة المحمدانية". و من الكتاب المعاصرين خذ مثلاً عضو الجمعية الأمريكية للعلوم المتطورة فرانك زندلر و له مقال مشهور :"دليل الملحد إلى المحمدانية" وفيه إستعمال كثيف لهذا المصطلح. تسييس الإسلام و تسييس التشيع في إطار الإسلاموفوبيا و ضمن محاولة خلق مبررات الخوف من الإسلام يلجأ البعض إلى ربط الإسلام بمواضيع سياسية لنقل كل ما يرتبط بهذه المواضيع من قلق وخوف إلى الساحة الدينية المستهدفة. و الأمر مشابه كذلك بالنسبة للشيعفوبيا. فيما يخص الأولى اخترت كتاب: " الإسلام العدو " لأنه يجمع عدداً من الأحداث السياسية و يربطها مباشرةً بالإسلام . يقوم صاحب هذا الكتاب ريشارد كراندال بربط حوادث إختطاف الطيران المدني من طرف جماعة ياسر عرفات في السبعينيات و إحتلال السفارة الأمريكية في ايران عام 1979 و هجوم الحادي عشر من سبتمبر الإرهابي و الهجوم على القوات الإمريكية في الصومال عام 1993 وغيره ربطاً وثيقاً بلإسلام 4. و هذا أسلوب ترويعي كاذب لا يقبله عاقل. أما نظيره في الشيعفوبيا فتجده في قيام البعض بربط كل ما هو شيعي بإيران. من الأمثلة على ذالك نظرية الهلال الشيعي لملك الأردن عبد الله الثاني و إن كان تراجع عنها بحسب تقارير ل-CNN العربية وجريدة الحياة إلا أن ربط أحداث سياسية مقلقة تقع على هلال جغرافي بمذهب التشيع لا تأويل فيه. وما دام التوصيف هذا خرج من الملك الأردني، فهو رغم التكلف في ايجاد تأويلات له يبقى من مظاهر الشعيفوبيا. زد عليه كلام حسني مبارك عن ولاء الشيعة لإيران الذي علق عليه الأستاذ إدريس هاني بما لا يمكن الإختلاف فيه و هو أنه كلام الشوارع 5. كانت هذه نماذج فقط و غيرها كثير نعرض عنه لتجتب الإطناب. فعلى ما تيسر يمكن إستخلاص الترويع الغير مبرر في الإسلاموفوبيا و الشيعفوبيا عن طريق نقل الخوف و القلق المتولد في مسائل سياسية إلى الإسلام أو التشيع بربط السياسي و الديني ربطاً لا يعقل له تبرير. متفرقات مختصرة مشهورة لعل الإستمرار في بيان الأمثلة على هذا الموضوع لا يسعه المجال هاهنا، لذلك بعد شيء من التفصيل في المثالين السابقين نذكر عناوين مشهورة من الشائعات فيفوبيا الإسلاممع ما يقابلها في فوبيا التشيع من خلال هذه القائمة: أفق الإنفتاح إذا نظرنا إلى نتائج دراسة مركز الأبحاث الإجتماعية البريطاني ذي رانيميد تراست فيما يخص الإسلاموفوبيا 6, فسوف نرى أن هناك لكل طرح إسلاموفوبي مقابل فيما عبر عنه بالرأي المنفتح على الإسلام. فمثلاً تجد طرح انعزالية وجمود الإسلام يقابله الإيمان بتفاعليته وذلك بملاحظة الثقافات والمذاهب الإسلامية المختلفة و الحوارات الإسلامية-الإسلامية و تطورات مجتمعاتها مثلاً. وهذا نعرضه على المعانين من الشيعفوبيا لكي يستأنسوا التشيع و تياراته و تفاعلاته و اجتهاداته كذلك، لكي يتم التغلب على فكرة أن التشيع شيء منعزل وجامد و يتم الإستغناء على آراء قديمة غير صالحة للإستهلاك. كما أن الدراسة قدمت في مقابل الإعتقاد بدونية الإسلام الإعتقاد باختلافه بمعنى أنه مخالف ولكن ليس أدنى. وهذا يمكن أن يستفيد منه الذين لا زالوا يقلدون إبن تيمية الحراني في هذا الموضوع. ثم إن إعتبار المسلمين أعداءً يمكن كذلك التغلب عليه بإعتبارهم شركاءً من خلال الإهتمام بالمصالح المشتركة. و هذا إيضاً مما يمكن للخائفين من التشيع الإطمئنان به. و أخيراً وليس آخراً نشير إلى نقطة بسيطة و لكنها في غاية الأهمية وردت في نتائج البحث المذكور، ألا وهي التحسيس بكون الإسلاموفوبيا مشكلة و ليست أمراً عادياً. ولأهمية هذه النقطة عنون منشور الدراسة ب:” الإسلاموفوبيا تحدٍ لنا ككل”. فهل ستظهر في الدول الإسلامية دراسات تحسس أبناء ما فوق السبعين فرقة بأن التشيع ليس هو ذلك الغول الذي ينام به الكبار ! وهل هناك من فرسان السنة من يخطو خطوة القرن و يقول:" الشيعفوبيا تحدٍ لنا ككل"! [email protected] ______ هوامش : 1. إيفون يزبك حداد" مسلمو الغرب من مقيمين إلى مواطنين" طبعة جامعة أكسفورد ص 19. 2.قناة الناس ، 26 فبراير 2010. 3. كينيث مايير، عداء الغرب للإسلام. ISBN 0-87169-201-5 ص 4-15 ،ط.دايان . 4. ريشارد كراندال : الإسلام العدو، سلسلة الإسلاموفوبيا ISBN 978-1-60647-308-5 الجزء الأول 5. حوار حول التشيع في المغرب، برنامج "في الصميم" بيبسي العربية 2010. 6. الإسلاموفوبيا تحدٍ لنا ككل، منشور حول الإسلاموفوبيا في بريطانيا. ذي رانيميد تراست 1996.