يتملك الكثير من الناس شعور متزايد بالقلق من احتمالات تسريحهم من وظائفهم والمطالب المتزايدة في عالم العمل - وهو أمر له مبرراته في ظل المناخ الاقتصادي الراهن. وفي بعض الأحيان يكون الخوف من الفشل قويا لدرجة أنه يسيطرعلى حياة الأفراد الواقعين تحت تأثيره ويتملك أفكارهم تماما ، وتقع مثل هذه الحالات ضمن فئة القلق المرضي التي تستدعي مساعدة طبية متخصصة. يقول البروفيسور اندرياس شتروله كبير الأطباء في عيادة الأمراض النفسية بمستشفى " تشاريتي هوسبيتال " في برلين إن الخوف من الفشل يظهر كعرض في العديد من الأمراض النفسية والتي تشمل الاكتئاب وأمراض مزمنة مثل الخوف الاجتماعي و اضطرابات القلق العامة . تقول بيرجيت ماولر كبيرة الأطباء النفسيين في إحدى العيادات الطبية في ميونخ " الأفراد الذين يعانون من أمراض الخوف الاجتماعي يخشون من تقييم الآخرين لهم " . ويخشي المصابون في هذه الحالة من نظرة الآخرين لهم علي أنهم فاشلون". و يقول شتروله إنه يمكن قصر هذا الشعور على حالة القلق التي تصيب الإنسان قبل خوض امتحان أو المرضى الذين يشعرون بالخوف من المواقف التي يلتقون فيها بالآخرين وفي الغالب يتحول هذا الشعور إلى سلوك انطوائي. وأضاف شتروله" يؤدي هذا الوضع بالمريض إلى الدخول في دائرة مفرغة فيما يواصل الانسحاب من المجتمع". وتظهر أعراض الأرق و صعوبة النوم والتوتر في الغالب كأعراض فيزيائية ، ويقول ماولر إن عددا كبيرا من الناس يحاول تعويض شعورهم بالخوف فيبذلون المزيد من الجهد في الدراسة بحيث لا يتعرضون للفشل. يقول ماولر أن المصابين بالقلق العام تتملكهم مخاوف مبالغ فيها تجاه الأشياء العادية وينطبق ذلك على حالات القلق المرتبطة بالعمل و الصحة وحتى مجموعة أسئلة أساسية يثيرها الإنسان داخليا عن الممتلكات مثل السيارة وعمرها الافتراضي ، إن مثل هذه الاضطرابات بها الأشخاص الذين تزداد مسئولياتهم فجأة في بداية العمل مثلا أو بعد إنجاب الطفل الأول عند المرأة. ويضيف البروفيسور بوروين بانديلو استاذ الطب النفسي بعيادة الأمراض النفسية بجامعة جوتنجن الألمانية أن أساس المرض ليس هو المهم فالخوف في واقع الأمر قوة دافعة طبيعية إلا أن المصابين باضطرابات مرجعها القلق يبالغون في تقدير مخاوفهم بشكل حاد. يقول بانديلو " يعتقد البعض أحيانا أنهم سوف يخفقون في امتحان خاضوه قبل ذلك مرات عديدة وكان أداءهم فيه ممتازا ". إذا أصبح الشعور بالقلق قويا لدرجة التأثير علي الحياة اليومية ينبغي عندئذ استشارة الطبيب . يقول شتروله يجب أن تنطلق صفارات الإنذار عندما ينقطع المصابون بالقلق عن القيام بأشياء كانوا يستمتعون بأدائها ويستطيع المرضى الحصول على مساعدة الأطباء البشريين والنفسيين في العيادات وهناك سوف يتلقون الأدوية المناسبة والعلاج النفسي . وفي معظم الحالات يكون العلاج سلوكيا إدراكيا ومن الضروري في المرحلة العلاجية التعامل مع السلوك الانطوائي لدى المريض ربما من خلال تمارين المواجهة. ويري ماولر أن مدة العلاج النفسي تختلف تبعا لحالة المريض ، فبعض الحالات تستدعي المساعدة خلال فترة عصيبة من حياتهم فحسب والبعض الآخر يخضع للعلاج لمدة سنة أو أكثر ، وإذا لم يتم إحراز تقدم في علاج القلق يمكن اللجوء أحيانا للتحدث مع الأصدقاء وسؤالهم عن كيفية مواجهتهم لحالات القلق التي يعانون منها. وأضاف " من المفيد أيضا اللجوء لمساعدة المحيط الاجتماعي منذ بداية ظهور الأعراض " .