أنطلق من هذه العبارة التي وجدتها بإحدى المواقع المغربية التي تقول: "أكد اجتماع تنسيقي لست نقابات تعليمية يومه الجمعة 3 فبراير 2017 بالعاصمة الرباط أن كل المؤشرات تؤكد السياسة التراجعية للمكتبسات مع غلق جميع أبواب الحوار من طرف وزارة التربية الوطنية وأن الاحتجاجات الفئوية والتفرقة التي تعيشها الشغيلة التعليمية والمتضررين من بعض الملفات التعليمية لن تنجح بخلق تجاوب من الوزارة الوصية إلا عبر التوحد والاتحاد. بناء عليه، دعت النقابات التعليمية الست عبر بلاغ تؤكد مصادر صدوره قريباً كل التنسيقيات والحركات الاحتجاجية إلى عقد لقاء واجتماع وحدوي يوم الجمعة 10 فبراير القادم بالعاصمة الرباط على الساعة العاشرة صباحا بمقر الجامعة الحرة للتعليم لاتخاذ قرارات موحدة والاتفاق على برنامج نضالي مشترك لمواجهة الهجمة المسعورة للدولة على الحقوق والمكتسبات". هذه العبارة تفسر كل شيء، خاصة وأن النقابات تعيش تفرقة وتشرذماً وإن لم تحاول تجاوز ذلك فإنها ستبقى تتراوح في مكانها دون تحقيق غاياتها الكبرى نظراً لأن الإدارة عموماً لا تتأثر إلا بنقابة قوية ومحكمة التنظيم. مناسبة هذا الكلام هو ما تعيشه فئات من أسرة التعليم بالمغرب، كفئة حاملي الشواهد لموظفي وزارة التربية الوطنية (المطالبين بتغيير الإطار والترقية)، وفئة ضحايا النظامين... وغيرهما من الفئات المتضررة في القطاع. لقد تمكنت الوزارة من تأجيل البث في مثل هذه الحقوق فمرت سنوات عديدة دون أن تحقق الشغيلة التعليمية أي مطلب رغم النضالات المتعددة لتنسيقياتها في غياب شبه تام للنقابات. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الوزارة ومن ورائها الحكومة المغربية لا تعير اهتماماً لهذه التحركات النضالية على كثرتها، بل إنها تمارس الأذن الصماء تجاهها ما دامت تغيب عنها القوة الاقتراحية للنقابات. وبالتالي يصعب الحديث اليوم عن حوار حقيقي بين النقابات وبين الوزارة الوصية على القطاع أو حتى مع الحكومة. إن غياب الحور الجاد بين هذه الأطراف ينذر بمشاكل كثيرة على المستوى الاجتماعي، خاصة ونحن نعرف أن الحكومة السابقة التي مازالت تقوم بتسيير الأعمال في انتظار تأسيس حكومة جديدة، قد عرفت في عهدها أوسع حركة نضالية من حيث الرقم ومن حيث المطالب أيضاً لكنها لم تجد آذاناً صاغية من لدن الحكومة ومكوناتها الأخرى. أما عن الترقية بالشهادة فهي قضية عرفت العديد من الشد والجذب بين الشغيلة التعليمية وبين الحكومة ووزارة الترابية الوطنية منذ سنوات، وقد استطاعت من خلال نضالاتها المتعددة أن تنزع حقاً مشروعاً دون أن تحترز لبند في الاتفاق الذي عقد بين الطرفين والذي من خلاله حدد مباراة لأصحاب الشواهد حتى حدود 2015 ثم فتحت الباب للتأويل بعبارة أكثر غموضاً كانت في صالح الوزارة أكثر مما كانت في مصلحة الشغيلة، وهي "تفتح بعد ذلك كلما دعت الضرورة لذلك". ويبقى التساؤل المشروع في هذه القضية: ما ذنب فئة كبيرة من الأساتذة المجتهدين الذين تابعوا دراساتهم العليا وتمكنوا من الحصول على شواهد التميز العلمي والأكاديمي أو يحرموا من الترقية وتغيير إطارهم؟ وهل أصبح طلب العلم في المغرب لا يستحق ذلك أو لا قيمة له تذكر عند حكومتنا؟ ولماذا هذا التجاهل لنخبة مثقفة وتعليمية استطاعت بجهدها الخاص أن ترتقي في مراتب العلم والمعرفة؟ إن الحصول على الشواهد العليا في الجامعة المغربية ليس بالأمر الهين خلافاً لما يروج له البعض من الفاشلين وضعفاء النفوس، ولذلك ينبغي تكريم الحاصل عليها وترقيته في الوظيفة وتشغيله في حالة البطالة، لأن الشهادة الجامعية تاج على رأسه ومصباح ينير به طريقه وطريق تلامذته ويرتقي بهم أكثر في التحصيل العلمي والمعرفي. ولتحقيق ذلك، بل لإعادة الاعتبار للأستاذ المغربي المجتهد والمتفوق في العلم والعمل ينبغي إعادة النظر في العلم النقابي والنضالي والتكتل في إطار واحد أو على الأقل في تنسيق نقابي موحد للضغط على المسؤولين ووضعهم أمام الأمر الواقع للدفع بعجلة التنمية التعليمية إلى الأمام والرقي بالمدرسة المغربية...