عرف العالم تجارب مختلفة في مجال العدالة الانتقالية، والمغرب بدوره كان من الدول السباقة إلى مثل هذه الأوراش التصالحية مع الماضي، حيث قدم تجربة نموذجية تمثلت في العمل الجبار الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة على امتداد سنتين من أجل كشف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب منذ استقلال المغرب سنة 1956 إلى سنة 1999، ورد الاعتبار للضحايا وجبر الَأضرار، وصيانة الذاكرة الوطنية وتحقيق المصالحة المجتمعية الشاملة. دوافع هذه التجربة ابتدأت منذ عهد الملك الراحل، الذي كان يسعى لطي ممارسات سنوات الجمر والرصاص بشكل يحفظ ماء الوجه للجميع، فعمل على إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين، وخصوصا ممن كانوا محسوبين على اليسار الثوري، والشروع في عملية توافق تناوب ديمقراطي كللت بتعيين عبد الرحمن اليوسفي الكاتب الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وزيرا أولا. ومن أجل إخراج صيغة تصالحية يتوافق عليها الجميع، عملت المؤسسة الملكية على دمج عدد من مناضلي اليسار، والذين كانوا من أشرس معارضي النظام في عدد من مؤسسات الدولة، من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الملكي للثقافة الأمازيغية والهاكا.. واستمرت هذه الوتيرة التي كانت تلقى معارضة قوية من طرف بعض "المحافظين"، إلى أن أعلن عن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة برئاسة الراحل إدريس بنزكري في يناير 2004. فكيف تبلورت فكرة هيئة المبادرة والمصالحة. ومن رسم مسارها؟ وما طبيعة العراقيل والصعوبات التي اعترضتها؟ وهل استطاعت فعلا أن تحقق المصالحة المطلوبة وتضمد جراح الماضي الذي مست عددا من العائلات المغربية؟ وما مآل تنزيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. للإجابة عن هذه الأسئلة، ومن أجل سبر أغوار وكواليس هذه التجربة النوعية، يستضيف "نوسطالجيا" على جريدة هسبريس الالكترونية في حلقته الأولى إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، للحديث عن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الماضي، واستعادة ذكريات التأسيس، وتقريب المشاهد من أهم اللحظات الفارقة والمميزة الذي عرفها مسار هيئة الإنصاف والمصالحة. جدير بالذكر أن متابعة الموعد الشهري الجديد "نوسطالجيا" ستكون متاحة بالصوت والصورة على موقع هسبريس الإلكتروني، كما سيتم نقل أطوار الموعد باعتماد "تقنيّة المباشر" على صفحة هسبريس بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و القناة الرسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية ب"يوتيوب"، ابتداء من الخامسة والنصف من مساء هذا اليوم.