زملاء وأصدقاء المدني يحتفون به "أستاذا عضويا" و"فقيها دستوريا" و"قامة علمية كبيرة" (فيديو)    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    رغم ‬الجهود ‬الكبيرة ‬والأوراش ‬المهمة.. ‬معدلات ‬البطالة ‬ترتفع ‬في ‬المغرب ‬    المغرب يستضيف لأول مرة الدورة ال 71 لمجلس إدارة المنظمة الإفريقية للتقييس    انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024.. أطول يوم انتظار في العالم    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية        الفاطمي يسأل وزير التجهيز عن مصير الأسر المهددة بالإفراغ من المساكن المخزنية بالجديدة    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    بقيمة 400 مليون أورو.. المغرب يحصل على قرض لتوسيع ميناء طنجة المتوسط    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    أولمبيك آسفي يرفض الحكمة كربوبي    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    ارتفاع درجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا الخميس والجمعة المقبلين    المعارضة تطالب ب "برنامج حكومي تعديلي" وتنتقد اتفاقيات التبادل الحر    «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    إعصار "دانا" يضرب برشلونة.. والسلطات الإسبانية تُفعِّل الرمز الأحمر    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة الأساسية في المغرب مخاطر الانغلاق ومغامرات التحرر
نشر في هسبريس يوم 28 - 01 - 2017

يقتضي تدبير الجدل الفكري والسياسي الرائج اليوم بين القوى المحافظة واليسارية بالمغرب حول قضايا معرفية شرعية وأخرى إنسانية، عدم الحجر على العقل المغربي، وفتح المجال أمامه وأمام المفكرين بمختلف أطيافهم من أجل الانشغال بقضايا الفكر الإنساني، والاشتغال على إشكالاته، والإحاطة بها على غرار ما قام به الفلاسفة وأعلام المفكرين المسلمين من أمثال ابن سينا، وابن رشد، والرازي، وميسكويه خلال مختلف العصور في التاريخ العربي والإسلامي.
وبالنظر إلى دينامية التغيير التي يعيش على إيقاعها الواقع المغربي المتطلع إلى عمقه الإفريقي، بات من الضروري النظر والتفكير في آليات جديدة تمكن الإنسان المغربي من اكتساب لغة جديدة، كضرورة تقتضيها المرحلة القادمة، وذلك من خلال البحث عن مبادئ مستقبلية تنسجم مع النموذج المغربي ومع القيم التاريخية التي تشكل أساس قيامه.
وإذا كان الحوار المتنوع ينتج التغيير، فإن نموذج المجتمعي للمغرب لازال في طور التشكيل والتشييد، مما يفترض معه استنكار ومقاومة كل نكوص يهدف إلى نفي ما سبق من إنجازات، ونسف ما شيده المغرب وبناه مند استقلاله إلى اليوم.
فما السبيل إلى الاستفادة من العلوم الإنسانية كرافعة ثقافية تدعم المسلسل التنموي للمغرب؟ وكيف يمكن توظيف معارفها في دعم اختيارات المغرب وتوجهاته الإفريقية ؟ وما دور الفكر الإنساني في تنشئة الأجيال القادمة وتمكينها من الثقافة الأساسية بعيدا عن لغة الإقصاء والتطرف، انسجاما مع أهداف النماء الاقتصادي الذي يبشر به المغرب؟
العلوم الإنسانية والاجتماعية رافعة ثقافية من أجل الإبداع والتجديد والتنمية
إدا كان اختيار المغرب نهجه لسياسة جهوية موسعة كتوجه إستراتيجي يروم تدعيم تنميته واستقراره، وكمقاربة مدرة لمبادرات جديدة، تعبر عن تطلعات وإبداع الفاعلين المحليين والجهويين، فإن الاهتمام بالفئات المستهدفة هو من صلب المسلسل التنموي، إذ يحتمل أن تفوت فرصة إنتاج الثروة إذا ما عجز الأفراد عن الاندماج في سوق تتطور باستمرار بين أيديهم من خلال هواتفهم الذكية، ويحتمل أن نفشل في تطوير نماذجنا من الأسواق الجهوية، لأن الفرد عاجز عن التكيف مع عروض التيكنولوجيا الحديثة، كنتيجة حتمية فرضها التركيز على فوائد التقنيات العالية الدقة من جهة، وإهمال الوجه الإنساني والاجتماعي لمستعمليها من جهة أخرى.
إن الاهتمام بالعلوم الإنسانية والاجتماعية يشكلان مدخلا أساسيا لتحقيق التنمية كونهما يشكلان العوامل الفكرية التي تغدي وتنعش الإبداع والابتكار، وكون المستعمل يتوفر على قدرة على التحليل فتلك كفاءة في حد ذاتها وجب توظيفها من أجل خلق المزيد من المشاريع، وذلك بالتفكير في صيرورة التغيير الإبداعي في المؤسسات والمقاولات، من خلال تطوير العناية بالعوامل الإنسانية والاهتمام بالدور الذي تعلبه هده الأخيرة في التشجيع على روح المبادرة، مما يلزم معه اقتراح أساليب متطورة للعناية بالرأي العام وبمواقفه من مختلف المشاريع الاقتصادية.
وبعيدا عن الأحكام النمطية الصادرة عن المدافعين عن مادتي التربية الإسلامية والفلسفة وموقفهما من بعضهما، وبغض النظر عن الوجه العلمي للتكنولوجيا، يقتضي روح الابتكار إدماج العلوم الإنسانية والاجتماعية وإعادة الاعتبار إليهما والتشجيع على البحث العلمي، مع تمكين الأجيال القادمة من ثقافة أساسية تشكل إجماع المغاربة حول المرتكزات الدستورية التي تؤسس للهوية المغربية المنفتحة على قيم التسامح والتعايش بين الثقافات، والمزج بينها وبين باقي العلوم كعلم النفس، وعلم الاجتماع، الفلسفة، والعلوم المعرفية، الاقتصاد، والانتروبولوجيا، والفنون الإعلامية، .... الخ دون تناف أو تضاد، وتفعيلها كمتكسبات ثقافية في مسلسلات الخلق والإبداع الصناعي والتجاري.
يقتضي فض التدافع الحضاري بالمغرب انفتاحا فكريا على الآخر، وعدم التخوف من أطروحاته الثقافية، وذلك من خلال إثارة نقاش عمومي مفتوح يسهم في الإحاطة بالأسئلة الكبرى، والإجابة عن أطروحات كل طرف على حدا، بهدف عزل التمثلاث الفردية والثقافية لمختلف الإشكالات والمرجعيات التي قد تحول دون الوفاق الوطني وتهدده في كيانه وأمنه، فالتفافة الأساسية هي من تحدد طبيعة قيم وسلوك المجتمع ومعايره، وتؤثر بشكل غير مباشر على سلوكيات أفراده.
الثقافة الأساسية في خدمة النموذج المغربي
لمواكبة التغييرات سوسيو اقتصادية السريعة بالمغرب )حركة التمدين، نمو ديمغرافي، عولمة ظاهرة الهجرة، تعدد الهويات، تراجع مفهوم الدولة إمام الاختراق الجوي لحدودها، لفائدة المدينة المتروبولية وانفتاح أسواقها على الرساميل والمبادلات التجارية( ، وجب على القائمين على الشؤون الثقافية تكييف برامج التنشئة الثقافية وربطها بالمقررات الجامعية والدراسات والأبحاث العليمة لمواجهة ملفات معقدة كالتعدية، والصحة، والفقر والهجرة وما ينتج عنها من تعدد الثقافات والهويات ، كمشكلات يصعب على الدول النامية مواجهتها عندما تفتقر إلى مصادر علمية وتقنية في مجالات متعددة بغض النظر عما تشكله المؤشرات السلبية في الاقتصاد والسياسية من معيقات تحول دون نموها.
دور الثقافة الأساسية في إرساء دعائم الوفاق الوطني والتعاون جنوب جنوب
يشكل الفكر الإنساني مجالا خصبا للتحفيز على المضي قدما نحو إرساء سياسة وطنية تروم تحقيق أهداف ثلاثية الأبعاد يرمي من خلالها المغرب إلى تكتيف الجهود الداخلية من أجل تحقيق نوع من الإجماع الوطني وتوافقه حول المشترك الثقافي كمعطى، ونهج سياسة منفتحة تهدف إلى إنجاح مسلسلات التعاون لدول جنوب/جنوب، والعمل على إرساء أخرى تروم تنشئة الأجيال القادمة وتمكينها من الثقافة الأساسية باعتبار هذه الأخيرة معبرا ضروريا لتحقيق الاندماج في النموذج المغربي وفي نسيجه الاقتصادي الجديد، بعيدا عن المزايدات الايديولوجية ذات النزعات الإقصائية، أو تلك التي تصرف لمواقف، وتسوق لخطابات متطرفة بهدف تحقيق غنائم سياسية، كأسلوب يعبر عن قصور القوى السياسية الفاعلة وافتقارها إلى رؤية واقعية لما أصبح عليه حال العالم اليوم، ذلك أن التعاون الثقافي والعلمي يتوفر على عدة محاور ترتكز أساسا على منطق نقل المعارف كما تنقل التكنولوجيا، والابتعاد عن منطق نقل التصادم مع الآخر من ساحة النقاش العمومي وتحويره إلى تنافس على السلطة واحتلال للمواقع في المؤسسات، والاستفادة من ريعها بدعوى الدفاع عن أطروحات فكرية ما.
إن رهان المغرب على نموذجه الروحي التنموي من أجل احتلال مواقع متقدمة في عالم اليوم، يقتضي منه التزاما جديدا بالعلوم الإنسانية، والبحث عن سبل جديدة لتفعيل منطقها وجعلها في خدمة استرجاع أدواره الريادية التي لعبها على مر التاريخ في إفريقيا، وأن تندرج سياسته العلمية في أطار تفعيل الثقل الرمزي الذي بات يشكله المغرب اليوم كممر رئيسي لدول الشمال نحو إفريقيا، مما يتطلب معه تطوير مفاهيم جديدة ترتكز على تدبير المعارف المشتركة وتقاسمها مع الآخر، والاستفادة مما توفره اليوم أنظمة التواصل المتطورة، كوسيلة تمكن من استثمار برامج التعليم وتمويل المشاريع التي تحفز على تكوين الكفاءات في مختلف المجالات على غرار ما تقوم به بعض القطاعات الحكومية التي تعمل على إعداد برامج تأهيل فاعلين ثقافيين في الحقل الديني ومن تم إيفادهم لدول عدة قصد التبشير بالنموذج الروحي للمغرب القائم على قيم التعايش والمحبة والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.