تعتبر الجلابة الوزانية من أشهر الأزياء التي تجسد ارتباط ساكنة "دار الضمانة" بهويتها التقليدية وخصوصيتها السوسيو-ثقافية، باعتبارها زيا تقليديا رسميا لحضور المناسبات الدينية والرسمية على حد سواء، كما تشكل رمزا للشهامة والافتخار وسط سكان المدينة وضواحيها. رغم وفرة العرض داخل المحلات التجارية الخاصة بالملابس العصرية، إلا أن المواطن الوزاني لازال مرتبطا بلباسه الأصيل، المتوارث أبا عن جد، ومواظبا على ارتداء أجمل ما تجود به أنامل الصناع التقليديين العاملين بمجال الدرازة. وتتميز الجلابة الوزانية عن نظيراتها بباقي جهات المغرب من حيث "الخرقة" (الثوب) و"الزواقة"، أو الزركشة. تنوّعٌ وجودة محمد ولد غازي، أمين الدرازين التقليديين بوزان، قال إن قطاع الدرازة يشكل أحد أبرز القطاعات الفنية الإنتاجية النشيطة بإقليم وزان وجهة طنجةتطوانالحسيمة عموما، مضيفا أن الصوف تمر بمراحل عدة قبل أن تصبح خرقة (ثوبا)، ومشددا في الوقت نفسه على كون الفلاح يعد المزود الرئيسي للسوق بصوف المواشي، ويعد الخميس من كل أسبوع يوم "سوق الغزل"، يقصده المعلم الدراز قصد شراء الصوف من سوق الدلالة. وأضاف رئيس جمعية الأنامل الذهبية للخرقة الوزانية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الصوف أو "الكزة" يتم عرضه بسوق الغزل، ويتم غسله وتنقيته من الشوائب، ليمر إلى مرحلة "التبطين"، وهي بمثابة "تقرشيل" أولي تقف وراءه نساء وزان. وتلي عملية "التبطين" مرحلة "الطليق" على شكل مستطيلات، يتم تدويرها بمغزل للحصول على "سجلة" (كتلة من الخيوط) توضع ب"شبو" (قصبة)، لتصبح جعبة من الخيوط، وذلك بالاستعانة بآلة تقليدية تسمى "المكبة" لدى العاملين في مجال الدرازة. وتتميز الخرقة الوزانية عن نظيراتها بباقي جهات المملكة بجودتها الطبيعية الفريدة، وتنوعها حسب حجمها، كالسميكة والخفيفة، وكذا "الخرقة النمرية" و"الشخم"، وهي الأنواع التي تلاقي إقبالا كبيرا في موسم البرد. وشدد ولد غازي على أن الغسل لا يزيد إلا من جمالية الجلابة ولمعانها عكس باقي أنواع الملابس التي تفقد جمالها مع أول غسل؛ فيما تتميز الخرقة من نوع "المسلولة" بإمكانية ارتدائها على مدار السنة. وتختلف أنواع الجلابة باختلاف جودة الثوب ونوع الخياطة والزركشة المستعملة في صناعتها. وتعتبر تلك المخاطة من ثوب "الجربية" من أكثر الأنواع شيوعا وتداولا وأجودها، إلى جانب تلك المعروفة ب"المحربلة"، نسبة إلى اسم الخرقة المستعملة. تجديد وابتكار.. وعراقيل لم تعد خياطة الجلابة بمدينة وزان تقتصر على نوع أو نوعين، بل ظهرت عشرات الأشكال والأنواع من الخياطة والطرز؛ وذلك بفضل اجتهاد "المعلمين" والصناع التقليديين، وكذا رغبة الزبون الذواق، وهي العملية التي تتطلب الدقة والمهارة العاليتين، قصد مسايرة الموضة وإضفاء لمسة عصرية على الأزياء التقليدية، إذ يتفنن كل صانع تقليدي في إضافة لمسته الخاصة، وابتكار أزياء جديدة، كالمعطف العصري، وهو المنتوج الأكثر رواجا في صفوف الشباب في الآونة الأخيرة. وفي هذا الصدد اعتبر ولد غازي، أمين الدرازة بوزان، الأمر محبذا ويدخل في باب التجديد وإعطاء الروح للخرقة الوزانية كمنتج محلي يواكب العصر، مشيدا في الوقت نفسه بارتداء الملك محمد السادس للجلابة الوزانية؛ ما ساهم في إشعاعها وتزايد الإقبال عليها. وعاب الصانع التقليدي ذاته ندرة المواد الأولية وغلاءها وعدم اهتمام الجيل الصاعد بميدان الدرازة، ما يهدد الجلابة الوزانية بالانقراض، مطالبا بإدراج "الدرارزة" ضمن الشعب التي يتم تدريسها بمدارس التكوين المهني، حفاظا على الزي التقليدي الذي وصلت شهرته إلى مختلف بقاع العالم من الاندثار.