رغم الخطابات السياسية والمساعي الرسمية؛ يبدو أن مظاهر الرشوة مازالت متوغلة في المؤسسات العمومية التابعة للدولة، خاصة في قطاعات القضاء والأمن والصحة والإدارة والتعليم، حسب ما خلصت إليه نتائج مؤشر "إدراك الرشوة لسنة 2016" العالمي، والذي خصصت له الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي المغرب) ندوة صحافية بالرباط. واحتل المغرب الرتبة 90 من ضمن 175 دولة، بتنقيط قدره 37 على 100، ضمن المؤشر العالمي ذاته، وهي النتيجة التي ترى "ترانسبارانسي المغرب" أنها تؤكد أن ظاهرة الرشوة في المؤسسات التابعة للدولة "لازالت مزمنة ونسقية"، وتشير إليها النتائج المتدنية التي حصل عليها المغرب في مؤشرات أخرى متعلقة بالرشوة والشفافية، مثل "البارومتر العام للرشوة" و"مؤشر الميزانية المفتوحة". وانتقد الخبير الاقتصادي عز الدين أقصبي، خلال تقديمه لنتائج مؤشر "إدراك الرشوة لسنة 2016"، مساء الأربعاء بالرباط، ما أسماه "التماطل الحاصل في تفعيل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة التي تم تبنيها في نهاية سنة 2015"، مضيفا أن ترتيب المغرب المتدني في محاربة الرشوة "قد يجعل من الإستراتيجية المذكورة مجرد عنصر لسياسة الترويج الإعلامي..رغم التدابير المتخذة، ورغم الخطابات والتصريحات السياسية المعلنة منذ مدة طويلة". وسلط الخبير المغربي الضوء على بحث ميداني دولي يهم مؤشر "البارومتر العام للرشوة"، خضع له المغرب في الآونة الأخيرة على مستوى المؤسسات العمومية، وشمل استجواب 1200 شخص، ورصدت نتائجه أن 49 % من الرشوة تستقر في مؤسسات القضاء، و39 % في الأمن و38% في قطاع الصحة، ثم 33% في الإدارات العمومية المرتبطة بالوثائق الإدارية، فالمدارس العمومية بنسبة 13%. خلاصات المؤشر العالمي، وفق منظور ترانسبرانسي المغرب، تشير إلى تدهور وضع البلد في صلته بمحاربة الرشوة، إذ بقيت المملكة مستقرة في مستوى معين منذ ست سنوات، علاوة على معاناتها من إشكال الخروج من وضعية مقلقة للرشوة، "رغم الإجراءات المتخذة والقرارات والخطابات السياسية منذ سنوات"؛ فيما تساءلت عن الدور المنتظر من الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الرشوة لإخراج مؤسسات المغرب من الوضعية الراهنة. وتظهر دراسة النتائج على المدى الطويل أن المغرب، الذي احتل الرتبة التاسعة عربيا في المؤشر المذكور، يوجد في وضعية "رشوة مرتفعة"، إذ حصل على نتائج أفضل نسبيا في بداية العشرية لسنة 2000، ثم تميزت وضعيته بالجمود في نقطة تتراوح ما بين 3.2 و3.5 على 10. وكان المغرب يحتل عام 1999 الرتبة 45 عالميا من أصل 99 دولة في مؤشر "إدراك الرشوة"، لينتقل إلى الرتبة 88 من أصل 176 عام 2011، ويتقدم للرتبة 90 العام الماضي، بتنقيط تراوح ما بين 36 و39 على 100 منذ 2012، ليستقر سنة 2016 عند 36، علما أن الدرجة 1 تعني درجة مرتفعة جدا من الرشوة في البلاد، و100 تعني أن إدراك مستوى نزاهة البلد نزيه جدا. واحتلت الدول الاسكندينافية المراتب الأولى ضمن 176 دولة خضعت لتحقيقات مؤشر "إدراك الرشوةط عام 2016، إذ جاءت كل الدانمارك ونيوزيلاندا في الرتبة الأولى بنقطة 90/100، ثم فنلندا والسويد بنقطتي 89 و88 على التوالي؛ فيما تذيلت الصومال درجات الترتيب بنقطة 10/100.