انطلق العمل بالمنتجات الإسلامية أخيرا بعدما شهدت سلسلة من التأجيلات عن موعد انطلاقها. وبعد طول انتظار، خاب أمل فئة من المواطنين فيها، خاصة ذوي الدخل المحدود، الذين لن يتمكن أغلبيتهم من اللجوء إليها أو الاستفادة منها، فتكلفتها مرتفعة بالمقارنة مع القروض الكلاسيكية رغم عمل هذه الأخيرة بنظام معدل الفائدة. وعزا مصدر مسؤول من التجاري وفا بنك، غلاء تكلفة القروض إلى مصاريف التسجيل والتحفيظ وما يصاحبها من نفقات أخرى التي تكون على مرتين، إذ"تفرض رسوم عندما يشتري البنك العقار المطلوب، مثلا، ورسوم مرة ثانية عندما يشتري الزبون العقار من البنك، بالإضافة إلى أنه لاوجود لأي امتيازات على مستوى الضريبة على الدخل أو الضربية على القيمة المضافة كما أن الاستحقاقات الشهرية تكون مرتفعة مقارنة مع استحقاقات القروض الكلاسيكية بسبب قصر مدة القرض". لكن رغم ذلك، فالمحللون يتوقعون أن يشهد قطاع التمويل الإسلامي نجاحا، طالما أن هناك فئات على قدر من الإمكانيات المادية كانت تنتظر هذه المنتجات وربط محللون نجاح هذه المنتجات بمشروعات كبيرة ذات ربح مرتفع، وليس فقط بالمشروعات الصغيرة لأنه "إذا جرى تمويل مشاريع ذات مردودية ضعيفة وأثر محدود وقيم مضافة قليلة على الصعيد الإنتاجي( البيع والشراء في المباني والمنازل والعقارات) فسيظهر حقيقة أن هذه المنتجات البديلة غير مواكبة، وهذا ما قد يؤثر سلبا على استمراريتها، ويعطي انطباعا غير حقيقي على المقاربة التشاركية التي تعكسها هذه المنتجات البديلة". ويرى متتبعون أن تعرف هذه التمويلات نجاحا، غير أنه سيكون متحكما فيه، لأن صيغتي المرابحة والمشاركة تتطلبان نحو عشر سنوات حتى يستفيد الزبون والبنك من عائدات كل صيغة، في حين أن الأجل محدد في أربع سنوات فقط، كما أن 48 شهرا بالنسبة لصيغة الإجارة يعد قليلا جدا. وتؤكد معظم الدراسات بشكل كبير أن المنتجات الإسلامية، وخصوصا ذات الطابع العقاري، ستشهد طفرة كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة. ومازالت البنوك المغربية لم تطلق منتوجاتها بهذا الخصوص ماعدا "التجاري وفا بنك" الذي بادر لوحده إلى إطلاقه منتوجي مفتاح الخير ومفتاح الفتح. وقاومت الحكومة حتى هذه السنة تيار التمويل الإسلامي، الذي اكتسح معظم أنحاء العالم الإسلامي، لكن مسؤولين قالوا آنذاك إنهم لا يعارضون المبدأ طالما يعمل في إطار النظام المصرفي القائم. ويقوم التمويل الإسلامي على حظر الفوائد والتعامل بالربا وازدهر القطاع في السنوات القليلة الماضية، وتقدر قيمته الآن بحوالي 700 مليار دولار . واعتمد في المغرب "الإيجار" و"المرابحة" و"المشاركة" كمنتوجات بديلة جديدة. وقام بنك المغرب، في وقت سابق، في إطار هذه المقاربة، وبتشاور مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب، بتحديد الإطار والإجراءات التي تمكن من طرح هذه المنتوجات من طرف مؤسسات الإئتمان المغربية. ويقصد بعملية"الإجارة" كل عقد تقوم مؤسسة الائتمان بموجبه بوضع، على سبيل الإيجار، منقول أو عقار تحت تصرف العميل. وقد تقتصر هذه العملية على مجرد إجارة بسيطة، مثلما قد يصاحبها تعهد بات من المستأجر بشراء المنقول أو العقار المستأجر مع انقضاء مدة يجري الاتفاق عليها مسبقا. ويقصد بعملية "المشاركة" كل عقد يتم بمقتضاه اتخاذ مساهمات، من طرف مؤسسة الائتمان، في رأس مال إحدى الشركات، موجودة كانت أو قيد الإنشاء، لتحقيق الربح ويشارك الطرفان في الخسائر حسب مساهمة كل طرف، وفي الأرباح وفقا لنسبة محددة سلفا. وهذا المنتوج المالي يتوزع على صيغتين إثنتين هما "المشاركة الثابتة" التي يبقى طرفا العقد فيها مشتركين إلى حين متم العقد، و"المشاركة المتناقصة" التي تنسحب بموجبها مؤسسة الإئتمان من رأسمال الشركة تدريجيا وفق مقتضيات العقد. أما عملية "المرابحة" فتعني كل عقد تقتني بموجبه إحدى مؤسسات الائتمان، بناء على طلب أحد العملاء، منقولا أو عقارا، من أجل إعادة بيعه له مقابل هامش ربح متفق عليه مسبقا. ويقوم الزبون بالأداء من خلال دفعة واحدة أو عبر عدة دفعات في تاريخ لاحق لا يتجاوز 48 شهرا. ويفضي طرح هذه المنتجات إلى التوقيع على عقود نموذجية جرى إعدادها بناء على القواعد التي وضعتها"هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية"، والتي يوجد مقرها بالبحرين. وتشمل هذه الهيئة في عضويتها 130 عضوا ممثلا ل 29 بلدا . يشار إلى أن المنتوجات البديلة أعلن عنها من قبل والي بنك المغرب في مارس الماضي، وقال إنها ستنطلق في ماي من السنة الجارية، لكن أعلن في ما بعد أنها أجلت إلى يوليوز الماضي قصد إتمام اللمسات الأخيرة على ترتيباتها، وحين وصل الموعد المحدد وقع التأجيل للمرة الثالثة إلى شهر شتنبر، ثم إلى بداية شهر أكتوبر. ""