الصحراء المغربية.. جمهورية كوت ديفوار تجدد التأكيد على موقفها الثابت الداعم للوحدة الترابية وسيادة المغرب    إجبارية تأمين "مخاطر الورش" و"المسؤولية المدنية العشرية" تدخل حيز التنفيذ    الرجاء الرياضي يلعب آخر أوراقه من أجل انتزاع بطاقة العبور لربع نهائي عصبة الأبطال    الدولي المغربي حمزة منديل ينضم إلى أريس سالونيكا اليوناني    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    السلطات الجزائرية تفرج عن 36 شابا مغربيا    فرق التجهيز تتدخل لإزاحة الثلوج عن الطريق الإقليمية بين شقران وبني عمارت    أوريد يوقع بمرتيل كتابه "الإغراء الأخير للغرب: تداعيات الحرب على غزة"    وفاة الممثل المصري فكري صادق بعد صراع مع المرض    الهند في صدارة الدول المستفيدة من التأشيرة الإلكترونية المغربية    تاوريرت: توقيف عنصر متطرف يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم 'داعش' الإرهابي    أوريد: الخطاب الهوياتي قد يزيغ وينفلت.. والأمازيغية يجب أن تظل في خدمة المغرب    الزنيتي ينتقل إلى الوصل الإماراتي    السيتي يحصن هالاند بعقد "تاريخي"    "الأخضر" في افتتاح بورصة البيضاء    ارتفاع أسعار النفط في ظل مخاوف بشأن المعروض    المغرب يجذب 111 جنسية عبر نظام التأشيرة الإلكترونية    الدار البيضاء: توقيف 9 أشخاص يشتبه تورطهم في التجمهر وارتكاب أعمال العنف المرتبط بالشغب    إسرائيل: الإفراج عن الرهائن الأحد    غزة تباد.. إسرائيل تقتل 101 فلسطينيا منذ إعلان اتفاق وقف النار    وفاة جوان بلورايت نجمة المسرح والسينما البريطانية عن 95 عامًا    الصحة العالمية: اتفاق وقف إطلاق النار بغزة يوفر فرصة لإجلاء طبي سريع    مشروع قانون الإضراب يثير جدلاً بمجلس المستشارين بين المطالبة بالتعديل والإشادة بالمكتسبات    الفاتيكان: البابا فرنسيس مصاب في ساعده الأيمن    الرجاء يعلن انطلاق عملية بيع تذاكر مباراته ضد مانييما    الوزير الاسرائيلي بن غفير يهدد بالاستقالة بسبب اتفاق غزة    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    عائدات سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء بلغت 177 مليون درهم خلال سنة 2024    المنتخب المغربي للجيدو للشبان يحرز 29 ميدالية بالدوري الدولي الإفريقي    إدانة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان بالسجن 14 عامًا بتهم الفساد    الغزواني يدير مستشفى سانية الرمل    منع الجمهور التطواني من التنقل لمتابعة مقابلة النادي المكناسي    الصين تؤكد على التزامها الدائم بتعزيز التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون    الصين: حوالي 278 مليار دولار، حجم الاقتصاد الرقمي لبلدية بكين خلال 2024    تاوريرت.. توقيف أستاذ يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم "داعش" الإرهابي    ‬"فيتش": البيئة تدعم البنوك المغربية    أشغال بناء سدين تنطلق في تنغير    مشاريع توفر الدخل لسجناء سابقين    ‬خبراء يعددون المكاسب الأمريكية من موقف ترامب في الصحراء المغربية    مجلس المنافسة يتواصل مع الإعلام    استطلاع هسبريس: المغاربة يفضلون "الكاش" على البطاقات البنكية    سايس: لم أعتزل المباريات الدولية    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    مجموعة مارتينيز أوتيرو الإسبانية تختار المغرب لفتح أول مصنع لها في الخارج    لقاء المخابرات الجزائرية مع الموساد! اللقاء مع ماكرون وجنرال المخابرات المغربية وتهديد شيراك»أسلم تسلم وإلا السلاح بيننا (4)    مسرح محمد الخامس يحيي ليلة "إيقاعات الأطلس المتوسط" احتفاءً برأس السنة الأمازيغية    تسجيل إصابة 79 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة موزعين على 13 مؤسسة سجنية    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تطورات الحالة الصحية للنجم سيف علي خان بعد تعرضه للطعن    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم "كازابلانكا" .. تراث عالمي وتحفة فنية تقاوم الزمن
نشر في هسبريس يوم 30 - 01 - 2017

بمناسبة مرور ستين عاماً على رحيل البطل الأسطوري لأشهر فيلم أنتجته هوليود أوائل الأربعينيات من القرن الفارط وهو فيلم "كازابلانكا"، عاد الحديث عنه في مختلف الأوساط الأدبية، والنقدية، والسّينمائية في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص؛ إذ في 14 يناير من عام 1957 توفي بطل هذا الفيلم همفري بوغارت بعد أن بصم على الشاشة الكبيرة إحدى أكبر الأساطير الرومانسيّة في تاريخ الفنّ السابع، وبعد أن خلّف لنا عشرين فيلماً دخلت برمّتها تاريخ السّينما العالمية من أوسع أبوابها، وفى طليعتها فيلم "كازابلانكا" ذائع الصّيت الذي بَهَر عشّاق الفنّ السّابع، وسَحَر المشاهدين جيلاً بعد جيل، وساير وعايش كلّ عصر، وأصبح - نتيجة النجاحات المتوالية التي حققها منذ ظهوره أوّل مرّة عام 1942- تراثاً إنسانياً مشتركاً في عالم السينما السّاحر.
هذا الممثل ذو الملامح الجادّة، والقسمات القاسية، والنظرات الثاقبة، والطبع الجافّ بغضّ النظر عن العشرين فيلماً الأخرى التي مثّل فيها دور البطولة، فإنّ فيلم كازابلانكا هو الذي جعله يتدثّر بأردية الرومانسيّة الحالمة في أبهىَ صورها عندما يقع في غرام الممثلة السّويدية الرّقيقة ذات الحُسن الباهر، والجمال الظاهر إنغريد بيرغمان، والذي كان يُهدّئ من رَوْع تباريحه، ويداري حدّة معاناته في حبّها في إحدى قاعات الليل المُهيّأة للحفلات في مدينة الدار البيضاء بالمغرب.
ستّون عاماً مرّت على رحيل هذا الممثل غريب الأطوار، وخمسة وسبعون عاماً على ظهور هذا الفيلم الذي ما فتئ يخطف أنظار المشاهدين، ويحصد إعجابهم إلى اليوم، وقد حزّ في قلوب عشّاق الفنّ السّابع عندما رأوا البيانو الشّهير الذي كان يتوسّط الصالون الكبير لمقهى "ريك" بالمدينة البيضاء الذي كان يعزف عليه "ديلي ويلسون" أغنية "يجب ألاّ يَعزُبَ هذا عن بالك، قُبلة إنما هي مُجرد قُبلة" قد زُجّ به بين بضائع قديمة، وكراكيب مهترئة ليباع في المزاد العلني.
كِتَابُ السّينما المُبجّل!
"كازابلانكا" الفيلم الأسطوري الذي تزيده مرور الأيّام إشعاعا وتألّقا ما زال يلهب مشاعرَ المشاهدين، وعشّاق الفنّ السابع في مختلف أنحاء العالم، وينال إعجاب الناس وإقبالهم عليه بشكل ليس له نظير في مختلف فنون الخلق والإبداع الأخرى، حتى أصبح هذا الفيلم في عُرف النقّاد، وصُنّاع السينما والمُغرمين به بمثابة "كِتَاب السّينما المقدّس" في تاريخ هذا الفنّ الجميل.
في هذا السياق، يتساءل الناقد السّينمائي الإسباني "خابيير كورتيخو": كيف يُعقل أنّ فيلما كُتب بطريقة عفوية ارتجالية على عجل، قد تحوّل إلى "كتاب السينما المقدّس"؟ وكيف يمكن لفيلم وُلد من رحم عمل مسرحي؛ إذ هو مُستوحىً من مسرحية "الجميع يؤمّ مقهى ريك" لمُورَايْ بَارنيت وجون أليسون، أن يتحدّى مرور الزمن، وأن يتأقلم مع مختلف تقاليع الموضة والتيّارات والميول المستجدّة والمتواترة، بل وحتى مع بعض التأويلات الملتوية، ليخلد في ذاكرة تاريخ السينما في العالم؟ كيف أمكن لموسيقاه أن تظل خالدة ولا يمرّ عليها الزّمن؟
وكيف أمكن لنبل المشاعر، ونبض الأحاسيس التي تترى بدون رتابة أو ملل في هذا الشريط أن تظلّ نصب أعيننا إلى اليوم؟ كيف أمكن لوجه إنغريد بيرغمان الصّبوح أن يظلّ مشعّاً وضّاءً، سَمْحاً وساحراً على مرّ السنين؟ الأمر يبدو كما لو كان قد مسّته مسحة أو مسّ من سرّ أو سحر، أو غلفته معجزة مّا. ماذا وراء هذه الفُرجة المرئية الحالمة المثيرة؟
هذه الميلودراما التي تحفل بالومضات والجمل التي لا يمكن محوها من الذاكرة، والتي لا نتعب أو نملّ من مشاهدتها أو تردادها المرّة تلو الأخرى. ربما هذا هو السّبب الذي حذا بالعديد من النقاد والمشتغلين بالسينما في العالم عند حديثهم عن هذا الفيلم، وعن النجاحات الكبرى المتوالية التي حصدها على امتداد العقود السبعة التي مرّت عليه، إلى القول بأن هذا الفيلم قد أصبح في عرفهم "تراثا عالميّاً للبشرية جمعاء".
رقّة ونعومة..
يُعتبر فيلم "كازابلانكا" من أجمل الأفلام الفريدة في تاريخ السينما الأمريكية التي جسّدت الرومانسية الحالمة لقصّة حبّ عارمة إبّان الحرب العالمية الثانية، وقد جمع الشريط بين نعومة ورقّة إنغريد بيرغمان، وخشونة وغلظة همفري بُوغارت، وأصبحت العديد من الجُمل والتعابير التي نطقها البطلان في الفيلم تشكّل إرثاً حيّاً في الثقافة اللغوية الشعبية داخل أمريكا وخارجها، مثل عبارة: "اعزفها يا سام" أو عبارة: "دائماً تبقى لنا باريس"، دخلت هذه الجمل والتعابير اللغة، واستقرّت في لسان الاستعمال اليومي في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، بل وفى سواها من اللغات الأخر، وأصبحت ذات كيان أو هويّة لغوية لها دلالات خاصة بها بعيداً عن سياق استعمالها في الشريط.
ففي مناسبتين مختلفتين ومتباعدتين من الفيلم، يطلب البطلان من "سام" (ديلي ويلسون)، كلُّ واحدٍ منهما على انفراد، عزف المقطوعة الموسيقية الساحرة نفسها (انسياب الزّمن أو مروره) على "البيانو" الذي كان يتوسّط مقهى "ريك" في قلب مدينة الدار البيضاء المغربية.
في المناسبة الأولى تطلب البطلة (بيرغمان) من "سام" العزف، كما ترجو منه أن يغنّي استذكاراً واستحضاراً للزّمن الجميل الذي ولّىّ وانقضى ولن يعود.
وفي مناسبة أخرى يطلب البطل (بوغارت) من "سام" عزف المقطوعة ذاتها؛ حيث يقول له وهو يستشيط غضباً: "لقد عزفتها لها، والآن عليك أن تعزفها لي أنا كذلك، إذا كانت قد استطاعت أن تتحمّل ثقل الوطأة عليها، فأنا بمقدوري أن أتحمّل ذلك أيضاً". ثم تنطلق الموسيقى تصدح منسابة رخيمة في فضاء وجنبات المقهى الكبير.
دائماً تبقى لنا باريس
عبارة "ودائماً تبقى لنا باريس" أضحت من أشهر العبارات التي ما فتئت تُستعمل جيلاً بعد جيل، وتلوكها الألسن حتى اليوم كناية عن اللحظات الحلوة، والهنيهات السعيدة المعاشة. وهي العبارة التي ينطق بها "ريك" (بوغارت) إلى "إلسَا" (بيرغمان) عندما يهمّ لوداعها معبّراً عن حسرته، وألمه، وحنقه لفراقها، لفراق هذا الحبّ المستحيل الذي نما وترعرع في فرنسا في ظروف وملابسات صعبة ومريرة إبّان غزو النازيين لهذا البلد حيث تعرّف البطل على خليلته في عاصمة النور باريس. وكانت "إلسَا" تشعر بالحيرة والضياع بين حبّها لزوجها زعيم المقاومة التشيكية وتعلقها بريك.
لقد صنّف معهد السينما الأمريكية في مناسبات شتّى فيلم "كازابلانكا" ضمن قائمته كأحسن الأفلام التي تضمّنت أجملَ العبارات، وأرقَّ الجمل في تاريخ السينما الأمريكية، وفي مقدّمتها عبارة "اعزفها يا سام"، بل إنّ المخرج الشهير "هودى آلن" قد وضع فيلماً عام 1972 يحمل عنواناً بالعبارة نفسها؛ حيث يتلقّى البطل في هذا الشريط النصائح من "همفري بوغار" خيالي، إلاّ أنه أوردها كما يلي: "اعزفها مرّة أخرى يا سام".
حرب وجاسوسيّة وتباريح الجوَى
يبدو هذا الفيلم في البداية كشريط يدور موضوعه عن الحرب والجاسوسية لإثارة الحماس، وتأصيل وبثّ حبّ الوطن لدى المواطنين الأمريكيّين في زخم الحرب العالمية الثانية؛ حيث يظهر البطل (بوغارت) وكأنّه في البداية لا يريد أن يحشر نفسَه في هذا النزاع انطلاقاً من مدينة الدار البيضاء (كازابلانكا)، إلاّ أنه في الأخير يتخلّى عن محبوبته لصالح مناهضة الفاشية.
على الرغم من مضمون الفيلم الأيديولوجي ومحتواه الحربي، إلاّ أنّ شريط (كازابلانكا) يتذكّره الجميع كفيلم يدور موضوعه عن الرومانسية الحالمة، وتباريح الجوى، والصبابة، والحب الشفيف، وكأنّ الفيلم قد غدا في نظر كثير من المشاهدين قصيدة، أو قصّة حبّ مصوّرة يحفظها العشّاق عن ظهر قلب (وعن ظهر عين!) من جيل إلى جيل في مختلف أنحاء المعمور.
فلا عجب إذن إذا احتلّ هذا الفيلم الرتبة الأولى في قائمة "المعهد الأمريكي للسينما" كأعظم قصّة حبّ في تاريخ السينما الأمريكية. كما يحتلّ هذا الشريط الرتبة الأولى كذلك كأحسن سيناريو سينمائي حسب "نقابة كتّاب السيناريو" في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تفوّق "كازابلانكا" حتى على أفلام عالمية شهيرة أخرى مثل "العرّاب" و"شيناتاون" و"مواطن كين".
هذا الشريط الذي هو من إخراج "مايكل كرتيز"، حصد ثلاث جوائز الأوسكار، منها أوسكار كأحسن فيلم، وأحسن إخراج، وأحسن سيناريو، حتى وإن لم يحصل أيّ من الممثلين العمالقة الذين شاركوا فيه على هذه الجائزة الكبرى في عالم الفنّ السابع.
وبمناسبة مرور هذه العقود السّبعة على هذه التحفة السينمائية الرائعة كانت قد أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية فعاليات الاحتفال بالذكرى السبعين لعرض هذا الفيلم لأوّل مرّة عام 1942، بتقديمه في مسرح "وارنر" التابع للمتحف التاريخي الأمريكي بواشنطن. كما كانت مؤسّسة " وارنر بروذرس" قد أخرجت طبعة خاصة جديدة محدودة من هذا الفيلم وطرحتها في مختلف المدن الأمريكية مصحوبة بشريطيْن وثائقيْين حوله تمّ عرضهما في الأسواق لأوّل مرّة كذلك. بالإضافة إلى مطبوعات تتضمّن أخباراً، وصوراً، ومشاهدَ لم يسبق نشرها أو مشاهدتها من قبل حول هذا الفيلم.
مقهى ريك..!
المقهى الأسطوري "ريك" الذي دارت بداخله أحداث فيلم كازابلانكا العاطفي المثير لم يعد خيالاً في مخيّلة المشاهدين الذين شاهدوا واستمتعوا بهذا الفيلم الأمريكي منذ 75 سنة خلت، والذي ما زال يعيش بين ظهرانينا حتى اليوم، بل إنّ هذا المقهى قد أصبح حقيقة ماثلة نصب أعيننا بعد أن قرّرت مواطنة أمريكية تدعى "كاثي كريغر" عام 2004 افتتاح مقهى كبير في قلب مدينة الدار البيضاء يحمل اسم المقهى الرومانسي "ريك"، الذي كان يمتلكه ويديره في فيلم كازابلانكا مواطن أمريكي، وهو بطل الفيلم ريك (همفري بوغارت).
وكانت هذه المواطنة الأمريكية تعمل من قبل بسفارة بلادها في المغرب، وبعد انتهاء مهمّتها في السلك الدبلوماسي قرّرت القيام بهذه المغامرة الاستثمارية الكبرى التي كلفتها ما يناهز المليون دولار.
المقهى الذي رآه المشاهدون في الفيلم كان قد أقيم في الحقيقة في أحد استوديوهات هوليود. وكان السيّاح الأوروبيّون، وبشكل خاص الأمريكيّون الذين يزورون الدار البيضاء، لا يجدون أثراً لهذا المقهى للاستمتاع بأجواء هذا المكان الأمريكي السّحري الحالم الذي رأوه في فيلم كازابلانكا وهامُوا به، وها هي ذي الأسطورة تصبح اليوم حقيقة، وينزل الخيالُ من عليائه إلى أرض الواقع، وها هو ذا مقهى "ريك" الجديد قد عاد وفتح أبوابه مرّة أخرى على شاكلة المقهى القديم نفسها، محتفظاً بأجوائه الرومانسيّة، وبرونقه، وبهائه، وأصبح يؤمّه العشرات من الزوّار كلّ يوم.
ولا عجب إذا كان معظم زوّاره أو روّاده في المقام الأوّل من المواطنين الأمريكيّين، كما يؤمّه زوّار من جنسيات أخرى من مختلف أنحاء العالم وهم يحتسون فنجانَ قهوة، أو يشربون كأسَ شايٍ مُنعنع، أو يتناولون شراباً حُلواً أو مُرّاً، وهم يحدّقون، وينظرون بإعجاب إلى الصّور الكبرى (أبيض وأسود) التي تعلو جدرانَه المخمليّة لبطليْ الفيلم إنغريد برغمان، وهمفري بوغارت، وسواهما من الممثلين الذين شاركوا في هذه التّحفة السينمائيّة الفريد التي ما انفكّت تملأ قاعات العرض السينمائية في مختلف أرجاء المعمور إلى اليوم.
*عضو الأكاديمية الإسبانيّة - الأمريكيّة للآداب والعلوم - بوغوطا- كولومبيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.