شهدت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، أمس الخميس، نقاشًا حادًا حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بحضور وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري. وبينما أشادت بعض الفرق البرلمانية بمضامين النص، أثارت مكونات نقابية أخرى انتقادات حادة حول الصياغة والمقتضيات الواردة فيه. وأعرب الاتحاد المغربي للشغل عن رفضه للصيغة الحالية لمشروع القانون، معتبرًا أنه "تكبيلي" ويفرض "مقتضيات زجرية في حق العمال"، مما يحد من حرية العمل النقابي ويؤثر على مبدأ الدولة الاجتماعية والديمقراطية. وطالب الاتحاد بضرورة إرفاق المشروع بإصلاحات واسعة تشمل تعزيز حقوق العمال ووضع سياسات عمومية تحفز الاتفاقيات الجماعية. من جانبها، انتقدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ما اعتبرته "افتقارًا" في النص لصياغة دقيقة لمفهوم الإضراب، مشيرة إلى أن القانون يثير جدلاً بشأن الحالات التي يمكن فيها اعتبار الإضراب شرعيًا. كما أعربت عن قلقها من العقوبات المنصوص عليها، معتبرة أنها قد تدفع العمال نحو احتجاجات غير منظمة. أما الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فقد ركز على ضرورة إصلاح شامل، يشمل المقتضيات القانونية المرتبطة بالاقتطاع من الأجر وتعقيد مسطرة الدعوة للإضراب، ودعا إلى استحضار المرجعية الدستورية والحقوقية لتجاوز الإشكالات الراهنة. في المقابل، نوّهت فرق الأغلبية، بما في ذلك فريق التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي، بمشروع القانون، معتبرة أنه محطة حاسمة في تعزيز الحريات النقابية. ورأت الفرق أن المشروع يضمن حكامة ممارسة حق الإضراب ويقطع مع الممارسات العشوائية، مما يسهم في تحسين مناخ الاستثمار والرفع من جاذبية الاقتصاد الوطني. الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية) سجل العديد من الإشكاليات الجوهرية في النص، مشيرًا إلى أن تعريف الإضراب يظل محدودًا ومتجاهلًا للفئات المهنية غير المهيكلة، بالإضافة إلى انتقاد حصر المبادرة في النقابات الأكثر تمثيلية، مما يحد من التعددية النقابية. أما فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فقد اعتبر المشروع خطوة إيجابية لتنظيم حق الإضراب وضمان استمرارية الخدمات الحيوية خلال الاحتجاجات، مؤكدًا أهمية تعزيز القطاعات الحيوية بآليات قانونية واضحة. يُنتظر أن يستمر النقاش حول المشروع في ظل مطالب النقابات بمراجعة عميقة تضمن حقوق العمال وتعزز التوازن بين الحريات النقابية والمصالح الاقتصادية. فيما تبقى الأنظار متجهة إلى المخرجات النهائية التي سيُسفر عنها النقاش داخل قبة البرلمان.