- The importance of parallel training or professional development in strengthening the capacities and status of the teacher L'importance de la formation parallèle ou développement professionnel dans le- renforcement des capacités et du statut de l'enseignant - La importancia de la formación en paralelo o desarrollo profesional para potenciar la capacidad y el estado del maestro لا يختلف اثنان بأن العملية التربوية والتعليمية مرتبطة بالمعلم كشخص يفترض أن يكون قد مرّ بمراحل التكوين والتحصيل العلمي النافع أولاً وقبل كل شيء، وأن يكون قد مرّ بمراحل الإعداد والتدريب المتقنة ليصبح معلماً مسئولاً ذا مهارات عالية وقدرات مهنية فائقة تبوّئه مقعداً وقَدَمَاً داخل المؤسسة التعليمية التي ينتمي إليها. غير أن مصطلح التدريب قد اتسعت آفاقه وأصبح علما في حد ذاته له أصول ونظريات ومشارب متعددة ومتشعبة. آراء حول مفهوم التدريب: ورد عن المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية حول مفهوم التدريب أن هناك العديد من الاتجاهات لتعريف التدريب، فالتدريب هو تلك الجهود التي تهدف إلى تزويد الموظف بالمعلومات والمعارف التي تكسبه المهارة في أداء العمل، أو تنميته وتطوير ما لديه من مهارات ومعارف وخبرات بما يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي أو يعده لأداء أعمال ذات مستوى أعلى في المستقبل القريب، كما عرف التدريب بأنه عملية تعديل إيجابي ذو اتجاهات خاصة تتناول سلوك الفرد من الناحية المهنية أو الوظيفية، وذلك لاكتساب المعارف والخبرات التي يحتاج لها الإنسان وتحصيل المعلومات التي تنقصه والاتجاهات الصالحة للعمل وللإدارة والأنماط السلوكية والمهارات الملائمة والعادات اللازمة من أجل رفع مستوى كفاءته في الشروط المطلوبة لإتقان العمل وظهور فاعليته مع السرعة والاقتصاد في التكلفة، كذلك في الجهود المبذولة والوقت المستغرق، (أحمد نبيل فرحات؛ نفس المصدر المذكور). وجاء في تعريف الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي على أن التدريب هو " تدريب عملية تعليمية متخصصة وموجهة بهدف إكساب المتدرب خبرة محددة؛ فإذا كان التعليم هو: "إكساب قواعد المتعلم المعرفة العامة"، فالتدريب هو: "إكساب المتدرب المعرفة المتخصصة في مجال حصري متخصص، بهدف رفع الكفاءة إلى أقصى درجة تنافسية". و التدريب عادة لا يكون على اكتساب المعرفة (Knowledge) فحسب، و لكن يجب أن يصاحب المعرفة التدريب على المهارات (Skills) والكفاءات التنافسية ( Competencies)، فالتميز يتحقق نتيجة لتدريس المهارات المهنية(skills Vocational ) أو العملية، و يصاحبها المعرفة المفيدة المرتبطة برفع كفاءات تنافسية محددة، ويحدد للتدريب أهداف محددة لتحسين قدرات (Capabilities) المتدرب الأدائية (Performance) واتساع مداها الإجرائي(Capacity)؛ فالتدريب يشكل جوهر التلمذة الصناعية(Apprenticeships)، ويوفر العمود الفقري للمحتوى الدراسي التنفيذي في معاهد التكنولوجيا (Institutes of technology). كما أن المراقبين لسوق الشغل تبينوا و تعرفوا منذ عام 2008م على الحاجة الملحة إلى مواصلة التدريب لما هو أعلى من المؤهلات الأولية؛ و ذلك للحفاظ على المهارات، وتطويرها وتحديثها طوال الحياة العملية؛ فالناس في العديد من المهن والوظائف لابد أن يتطلب مجالهم الوظيفي هذا النوع من التدريب والتطوير المهني (Professional development)، (نفس المصدر بتصرف)... وتشير العديد من الدراسات أن التدريب في جوهره ما هو في حقيقة الأمر إلا محاولة لتغيير سلوك الأفراد بجعلهم يستخدمون طرقاً وأساليب مختلفة في أداء الأعمال بجعلهم يسلكون شكلاً مختلفاً بعد التدريب عن ما كانوا عليه قبله. ولذلك يعرف للتدريب أحيانا على أنه النشاط المستمر لتزويد الفرد بالمهارات والخبرات والاتجاهات التي تجعله صالحاً لمزاولة عمل ما. ويُجمِعُ التربويون أيضا على أن هنالك، على سبيل المثال، فرق بين برامج تكوين المعلمين والأساتذة، وبين برامج "التدريب الموازي" أو ما يسمى ب "التدريب المصاحب" أو "التدريب على رأس العمل" أو "التدريب المستمر" وهي كلها مصطلحات تفيد التدريب بعد التخرج والالتحاق بالعمل أو الوظيفة، إذ أن برامج تكوين المعلمين والأساتذة مثلا لا تغني عن التدريب التربوي والتعليمي المصاحب (الموازي) مهما بلغت كمية حنكتها وجدارتها، أو اتساع مجال معلوماتها ومداها لأن برامج التكوين للتعليم وبرنامج التدريب المصاحب وإن التقيا في مجالات العمل في المعلومات والمهارات والاتجاهات الرئيسية المتعارف عليها، إلا أن برامج تكوين المعلمين والأساتذة تكتفي بمجرد تقديم المعلومات والنظريات، بالإضافة إلى التمرين على ممارسة العملية التعليمية من خلال الحصص التطبيقية، بينما يركز التدريب المصاحب على تحيين وتحديث وتوظيف تلك المعلومات والنظريات وتطبيقها مع إمكانية تمحيصها وقياس مدى فعاليتها. إضافة إلى ذلك، هنالك واقع أصبح اليوم وأكثر من ذي قبل يفرض نفسه على رجال ونساء التعليم والمؤسسات المعنية بهذا المجال وهو حتمية وضرورة مواكبة العصر والإلمام بمختلف الاتجاهات والمعلومات والمهارات المتطورة والمتجددة والمتسارعة، مما يتيح للمعلم مواكبة كل جديد وهو على رأس عمله خلافاً لبرامج تكوين المعلمين والأساتذة الذي ترتبط معلوماته بتاريخ نقلها. ولتبسيط الموضوع بشكل أسهل، سوف نستخدم مصطلح "التدريب المصاحب" طوال هذا المقال بدلا من "التدريب الموازي" والمقصود بهما معا ذلك الكم من التداريب وورش العمل والندوات والمناقشات التي تصاحب المرء خلال تواجده على رأس العمل بعد أن يحصل على وظيفة ويتم تعيينه. مقومات التدريب المصاحب: بما أن متطلبات سوق الشغل أصبحت رهينةً بمدى نجاعة مخرجات المنظومة التربوية والتعليمية وقدرتها على تأهيل اليد العاملة المتخصصة والماهرة، ومسايرتها للتقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا وعالم التواصل، أصبح من الضروري أن تسارع تلك المؤسسات في خلق برامج تأهيلية مصاحبة تحرص على تحديث وتحيين المعلومات وطرق التدريس لدى المعلمين والمعلمات، وتنفض الغبار عن بعض النظريات التي أصبحت ربما منتهية الصلاحية وغير قابلة للاستهلاك في هذا العصر الذي أصبحت تتلاطم فيه أمواج المعلومات المضطردة بشكل سريع ومخيف. فما هي مقومات التدريب المصاحب إذاً؟ وكيف يمكننا أن نجعل من برنامج التدريب المصاحب أداةً للرفع من مخرجات التعليم؟ لاشك أن الروح هي جوهر الأشياء، وهي التي تجعل من الجسد شيئاً حياً ينمو ويتحرك وقابلاً للتعايش، وإذا سُلبت الروح من الجسد كان جثة هامدة مآلها الفناء والاندثار، وكذلك مفهوم التدريب، فهو جسدٌ يحتاج إلى روح وتلك الروح هي الشحنة التي تمده بالقوة كما أنها شيء غير مادي لكن يشعُر بوجودها وضرورتها الفرد، والمقصود بالروح في مجال التربية والتعليم هي الشعور لدى جميع العاملين بهذا القطاع الحيوي بالانتماء والعمل في المجال على أنه "رسالة" وليس "وظيفة" لكسب المعيشة فحسب. تلك إذاً هي روح التدريب عندما يشعر المرء في قرارة نفسه بأنه يؤدي رسالة في هذه الحياة يُؤجر عليها في الحياة الدنيا والآخرة، رسالة تحمل عبق المحبة الصادقة والتفاني والتنافس (بطرق شريفة) في العمل النافع الذي يغذي الفكر لدى الآخرين، ويرقى بذلك صاحبه إلى أسمى مراتب الاحترام والتقدير. وبناء على ذلك، فمقومات التدريب المصاحب تستمدّ روحها من ذلك الشعور بحمل الرسالة والمسؤولية ومحاسبة الذات، غير أنها رهينةٌ أيضاً بعناصر أخرى تساعد في إيجاد برامج ناجعة تؤتي أُكُلَهَا ولا تكون مَضيَعَةً للوقت والموارد المتاحة على حساب ميزانية المؤسسة ومستقبل صغارنا في الحياة. ولاشك أن الحمولة الثقافية أو المعرفة المهنية وحدها لا تكفي، بل إنها تظل مبتورة طالما أنها غير مقرونة بالسلوك السوي والأخلاق السامية الرفيعة. وكما أشار أحد الباحثين في دول المشرق (د. عبد المجيد حميد الكبيسي) في أحد مقالاته بأنه "قد أظهرت الدراسات أن الجانبين المهاري والسلوكي في العمل يشكلان أساس النجاح، ويتفوقان على الجانب المعرفي، ففي دراسة لمؤسسة «كارينجي للتكنولوجيا» (Carnegie Technologies) شملت عشرة آلاف موظف تبين أن 15% فقط من نسبة النجاح يُعزى إلى المعارف التي تلقوها، بينما 85% من نسبة النجاح يُعزى إلى السلوك والتعامل مع الآخرين المكتسب بالتدريب والخبرة. وفي دراسة أخرى أجراها «ألبرت إدوارد ويجام» (Albert Edward Wiggam) على أربعة آلاف شخص فقدوا وظائفهم تبين أن ما نسبته 10% منهم خسروا وظائفهم بسبب عدم قدرتهم على إنجاز العمل تقريبًا، بينما 90% منهم فقدوا وظائفهم بسبب ضعف سلوكياتهم المهنية ومهارات الاتصال لديهم". والجدير بالذكر أن جُلّ الأبحاث حول موضوع الأدب التربوي والتدريب المصاحب، أجمعت على أن لِهذا الأخير تأثير بالغ على النمو المهني للمعلم وعلى مسار المؤسسات التربوية والتعليمية، ونذكر من بين تلك الإيجابيات على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: - الثقة في النفس وفي المؤسسة التعليمية. - الرفع من كفاءة المعلم ومهاراته وفتح باب الإبداع والخيال المثمر أمامه. - النمو الذاتي والمعرفي للمعلم حيث يعد النمو الذاتي والنمو المعرفي الأرضية الأساسية للنمو المهني للمعلم أو المعلمة، وبالتدريب المصاحب يمكن تحقيق هذه المهارة عند المعلم وإثبات ذاته. - إتاحة الفرص بطريقة مستدامة للاطلاع على الجديد في العملية التربوية وفي مجالاتها المختلفة. - خلق جو من التآخي والتعاون بين المعلمين والإدارة يتم من خلاله تبادل المعلومات والخبرات. - تطوير مهارة الاتصال لدى المعلمين وتمكينهم من التجاوب مع مؤسسات أخرى حولهم أو خارج نطاق جماعتهم الترابية أو مؤسسات أخرى عالمية خارج أرض الوطن. - الارتقاء بمستوى الأداء المهني لدى المعلمين والمؤسسات التعليمية. - تكوين الاتجاهات الإيجابية نحو التعلم وخلق ثقافةِ التغيير وتَقَبُّله نظراً لكون التغيير الإيجابي في الاتجاهات للتدريب المصاحب أثراً مهمّاً آخرَ في النمو المهني للمعلم وصقل مواهبه. - زيادة إقبال المعلمين والمعلمات على البرامج التدريبية وحرصهم على المشاركة الفاعلة فيها. - تحقيق ارتفاع درجة حماسة المعلمين في العمل ورغبتهم في التحصيل المعرفي لكل ما هو جديد، مما يكون له أثر طيب في مستوى الأداء ونوعية المخرجات. - الرفع من مستوى مخرجات التعليم في ربوع الوطن. - إعادة المجد للمدرسة العمومية وإعادة ثقة المواطنين فيها وفي ما تقدمه وتنتجه من مستوى تعليمي حديث وراقي. - بناء العلاقات الاجتماعية الإيجابية بين إدارة المؤسسة التعليمية والمعلمين وأولياء التلاميذ وباقي مكونات المجتمع لأن الجميع ينشد التقدم والرقي. - تحقيق رضا أولياء التلاميذ والمجتمع ككل. - تبوء المكانة اللائقة عالمياً للمغرب في مجال التربية والتعليم، مكانة تليق بمقامه ومقام الشرفاء من أبنائه. حاجة المدرسة العمومية للتدريب المصاحب: مع مرور الأيام يزداد المسئولون قناعةً بالضرورة المُلِحّة لإصلاح منظومة التربية والتعليم. وتُعتبر قضية التدريب المصاحب من القضايا التي يجب أن تُؤخذ في عين الاعتبار، كما أن تلبية الحاجات التدريبية المُلِحّة تستوجب دراسة حالات النقص لدى المعلمين والتخطيط لبرامج تدريبية لتقويم أي اعوجاج وتحيين وتحديث المعلومات والنظريات لكل من له حاجة في ذلك (Remedial training programs)، إذ يُتوقع من التدريب التربوي والتعليمي المصاحب أن يُلبي هذه الحاجات بالبرامج التدريبية المكثفة أو الموزعة والمتصلة بعمل المعلمين داخل الفصول الدراسية، ونتيجة لاشتراك المعلمين في هذه البرامج والدورات التقويمية والتدريبية ينمو المعلم مهنياً في الكفايات العامة والكفايات الخاصة والمهارات والقدرات المتعلقة بتخصصه ولا سيما إذا جاءت هذه البرامج ملبية لحاجات المعلم الفعلية. وبإشراك المعلمين في إعداد تلك العملية (بالتشاور مع الجهات الوزارية المعنية) تكون المؤسسة قد ساهمت ونجحت في بناء العلاقات الاجتماعية الإيجابية بين المعلمين وإدارة المؤسسة مما ينعكس إيجابياً على مردوديتها أو مخرجاتها. ورش العمل والندوات واللقاءات العلمية والمؤتمرات كجزء من التدريب المصاحب: إلى متى ستظل فرص المشاركة في اللقاءات العلمية والمؤتمرات والندوات حبيسة فئةٍ معينة محظوظة من المسئولين بوزارة التربية والتعليم، بينما يظل المعلم البسيط حبيس عالمه الصغير مقلم الجناحين غير قادر على أن يرفرف ويحلق بعيداً في عالم المعرفة خارج أسوار مدرسته؟!!! لابد إذاً من تكافئ الفرص وفسح المجال للمبدعين من المعلمين والمعلمات من جميع المناطق دون تحيّز أو محسوبية حتى يساهموا في جميع النقاشات المتعلقة بميدان التربية والتعليم. وكما هو معلوم، فإن التدريب التربوي المصاحب يرتكز على كثير من النشاطات التدريبية والورش التي تعتمد على العمل التعاوني والتشارك مما يؤدي إلى إتاحة الفرص المتنوعة لالتقاء المتدربين من مدارس مختلفة (ولا بأس من أن تكون حسب نطاقات الجماعات الترابية وتتبادل الزيارات والتعاون فيما بينها) وحصول كثير من الحوارات والمناقشات لإتمام الإنجازات المجدولة المطلوبة من مجموعات المعلمين على مختلف مشاربهم وتخصصاتهم، مما يؤدي بالتالي إلى تنامي وتطور هذه العلاقات الاجتماعية (في إطار العمل والاحترام والمهنية الصرفة) فيما بينهم لتقوى بذلك تلك العلاقات بالمعززات التي يؤديها المعلم أو المعلمة ليوجهها كي تخدم العمل التعليمي والتربوي في إطار الجهوية الموحدة وتنمي فيهم الروح التعاونية لتسهم أخيراً بشكل فاعل ومؤثر في تنمية قدرات وكفايات هؤلاء المعلمين والمعلمات مهنياً وخاصة حديثي التخرج. كما تلعب تلك اللقاءات والندوات والورش التدريبية والمؤتمرات المحلية والخارجية دوراً فعالاً لا يُستَهان به في التجديد والتجدد في المعارف والمهارات من خلال مشاركة المعلمين والمعلمات في برامج ودورات تدريبية من صنعهم أو من صنع المسئولين وذوي الخبرة من الخبراء والمستشارين في هذا الميدان كي يطّلع المعلمون والمعلمات على كل جديد في عالم الفكر التربوي والتعليمي وعلى أهم الدراسات التجريبية التطبيقية التي من شأنها أن تطور عملهم الميداني وتحدث التغيير المنشود وتحقق أهداف المدرسة، فتزداد بذلك معارفهم ويرتفع مستوى قدراتهم في تطبيقهم للمهارات، وترتفع درجة إتقانهم لعملهم مما يكون له الأثر الكبير والحميد في نموّهم المهني في المجالات المختلفة ويمكن بذلك أن تعتمد عليهم المدرسة للدخول في عالم التنافس والريادة. التدريب المصاحب كجزء من إصلاح منظومة التعليم: مما لا شك فيه أن مشروع إصلاح التعليم لا يقتصر على إصلاح المقررات والمناهج والهياكل التنظيمية أو إصلاح "الإصلاح" كما يقال، أي إصلاح المشاريع المقترحة سابقاً والتي جاءت على ضوء مؤشرات الميثاق الوطني والإرشادات المستوحاة من استنتاجات أبحاث ودراسات المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي يضع في اعتباره دوماً ما ورد في الخطب السامية لجلالة الملك نصره الله، حول موضوع إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية. ويرى كثيرٌ من الباحثين أن مشروع الإصلاح لابد أن يكون تدريجياً، فنبدأ وبشكل منطقي جداً من القاعدة وليس من رأس الهرم، أي: السلك الابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي ثم المرحلة الجامعية. ومما لا شك فيه أيضا أن إصلاح كل مرحلة يتطلب إعادة النظر في كل شيء والخروج بمقترحات يكون للمعلمين والمعلمات دور هام بحكم احتكاكهم بالعمل بشكل مباشر. وتبقى فكرة التدريب التربوي المصاحب كجزء من الإصلاح النوعي في التعليم لما لذلك من أهمية في تطوير وجودة نوعية المخرجات في النظام التعليمي، ولكي يتحقق ذلك فإنه لا بد من إحداث إصلاحات وتغيير في أمور عدة أهمها: - إعادة النظر في سلم رواتب المعلمين والمعلمات والطاقم الإداري للمدرسة العمومية. فلا يمكن أن تنجح عملية الإصلاح والمعلم (المعني بالأمر) يعاني نوائب الدهر وثقل الفواتير. - توفير جميع سبل الراحة للساهرين على قطاع التعليم من معلمين وإدارة ومنظرين ومنحهم جميع التسهيلات للحصول على سكن لائق (وبأسعار خاصة) وكذلك وسائل النقل، لاسيما ونحن بلد يصنع السيارات. - إعادة النظر في المناهج والمقررات كي يصبح التلميذ المحور الأساسي في العملية التربوية والتعليمية (Student centered process)، ويتم التركيز على التفكير النقدي (Critical thinking) ليكون الطالب قادراً على المناقشة والأخذ والعطاء في إطار توسعة مداركه المعرفية. - تحديث المرافق والفصول المدرسية والتجهيزات والتقنيات الحديثة والأهم في هذا المجال هو ما يحتاجه المعلم من أدوات ومعدات ومكتبة تجعله يقوم بعملية التنفيذ والتأثير في نوعية المخرجات. وحتى نضمن تميز المدرسة العمومية المغربية وكذلك النوعية في التعليم ومخرجاته لا بد من إعداد المعلم قبل الخدمة وتدريبه على رأس العمل كي يتحقق بالتالي نمو المعلم مهنياً في جميع الجوانب مما في ذلك معارفه ومهاراته واتجاهاته. - خلق جو من التحدي في التطوير التربوي بين المعلمين وبين المدارس (في كل جماعة ترابية) وهذه مرحلة متقدمة يحدثها التدريب التربوي المصاحب لدى موظفي قطاع التعليم وعندما يرتقي نموهم المهني وقدراتهم ويتّسع النطاق المعرفي لديهم إلى مستوى عالٍ في الإتقان والدقة والفاعلية، عندها تظهر إبداعات المعلم وتزداد مقدرته على مواجهة المشكلات التي تعترض طريقه في مسيرة التطوير. - تعزيز الانتماء للمؤسسة والوطن ككل والعمل في المجال على أنه رسالة نبيلة تخدم الغني والفقير وليس وظيفة لكسب المعيشة فحسب. - الحرص على العمل وبذل أقصى الجهد دون كَلَلٍ أو مَلَلٍ لأن المنافسة تحتوي على عناصر التحفيز مما يجعل الكل فَرِحَاً بالعطاء، تعاف نفسه الكسل والخمول والروتين الممل. - اعتماد وتطوير التدريب المصاحب القائم على نظام الكفايات وإدماجه كمنهج في الحقائب التدريبية بحيث تحتوي على المهارات الرئيسة والفرعية مُرَتّبةً من الأصول إلى الفروع ومن الكليات إلى الجزئيات شاملة لجوانب المعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات ومُراعيةً للموروث الديني والثقافي والاجتماعي واللغوي لدى الطالب المغربي. - العمل على إيجاد جميع أنواع الحوافز المعنوية والمادية المتاحة خلال جميع مراحل التدريب التربوي المصاحب، والعمل أيضاً على توفير الحوافز المعنوية والمادية الممكنة للمشاركين في التدريب (وخاصة المتفوقين والمتفوقات منهم) من أجل تحفيزهم على الاستمرار في العطاء والمشاركة وزيادة حرصهم على الإقبال على التدريب التربوي المصاحب لاحقًا. ويمكن للجماعات المحلية والمحسنين من أبناء هذا الوطن الغالي وأرباب الشركات الكبرى أن يلعبوا دوراً كبيراً في عملية تمويل تلك المشاريع والاحتفالات. ويمكن القول بأن عملية الإصلاح هذه التي ترتكز على التدريب التربوي والتعليمي المصاحب كأحد ركائز هذا المشروع الإصلاحي الشامل لمنظومة التربية والتعليم، سوف تؤدي لا محالة إلى تعزيز مكانة المعلم داخل المجتمع من خلال البرامج التدريبية المتعددة والمتاحة له بكل سهولة، والرامية إلى تنمية المعارف والمهارات كعملية نمائية متطورة لا تقف عند حدود المكان والزمان، بل تستمد قوتها من روافد متعددة من داخل الوطن ومن خارجه، مما يساعد على إعادة النظر في روافد المدخلات (Source of input) وتُتاح الفرصة أيضاً لإعادة النظر في كل مرحلة من البرامج التدريبية المصاحبة التي يجب تعمل أساساً على تنمية المعارف والمهارات بهدف الاستفادة من معطيات التغذية المرتدة (data Feedback)، والاستفادة من الأفكار الإبداعية الجديدة التي تساهم بشكل مباشر في حيوية النظام وتفاعلاته وتساهم أيضاً في تطوير أساليب وطرائق التدريس التي تجعل من الطالب، كما أشرنا سابقاً، محور عملية التعليم (وهو ما تركز عليه نظرية مونتيسوري في التعليم Montessori educational approach). ويمكننا أن نجزم هنا بأن الأفكار والتطلعات التي تم طرحها ستعمل بإذن الله تعالى على تقوية المنظومة التربوية والتعليمية، والأهم من ذلك أن تلبي حاجة سوق الشغل بجيلٍ من الشباب المتعلم والمُؤهّل والمتحلي بأخلاق سامية، جيل يتسابق في فعل الخيرات والإحسان و يَبِرّ بالوالدين ويساعد الفقير والمحتاج، ويعمل بكل إخلاص من أجل الحفاظ على مكونات هذا الوطن من عقيدة وعادات وتقاليد وأطياف تراثية مختلفة الألوان ومخزونٍ لغويٍّ هائل، جيل يكون همه الريادة في التربية والتعليم ولن يَتَأَتّى له ذلك إلا بالإخلاص في العمل وحب الوطن وقيادته الرشيدة وحسن الخلق والاعتصام بحبل الله ثم الإيمان الراسخ بضرورة إعادة المجد للمدرسة العمومية المغربية الأصيلة. وختاما لا أقول لكم إلا ما قاله لي صديقي ابراهيم بالأمس القريب وهو يودعني عند مفترق الطرق: "آكعاون ربي" والله ولي التوفيق *مستشار [email protected]