رغم أنّ حزب الحركة الشعبية كان مشاركا في الحكومة السابقة، إلا أنّ قيادته انتقدت بشدّة التأخّر الحاصل على مستوى أجرأة المكتسبات التي جاء بها دستور 2011 لفائدة القضية الأمازيغية، داعية، في البيان الختامي للقاء دراسي عقدته السبت بالرباط، حول "الأمازيغية بين المرجعية الدستورية ورهان التفعيل"، والذي تلاه محمد أوزين، إلى التعجيل بتفعيل هذه المكتسبات، "لأنّ الاعتراف الدستوري مُنطلَقٌ وليس سقفا". قيادة حزب الحركة الشعبية وجدت نفسها في حرج بعد أن حمّل عدد من الحاضرين في فترة المناقشة نصيبا من مسؤولية تراجُع الأمازيغية ل"حزب السنبلة"، لعدم ضغطه للدفع بها نحو الأمام، وهو ما دفع أمينه العام، امحند العنصر، إلى طلب الردّ بعد الكلمة الافتتاحية التي ألقاها، وأقرّ، ضمنيا، بأنّ القضيّة الأمازيغية تتجاوز الحكومة، إذ قال ردًّا على الانتقادات الموجّهة إلى حزبه: "نحن نبذل جهودا، ولكن هناك أشياء أخرى"، دون تقديم تفاصيل. ووجّه المشاركون في الندوة انتقادات شديدة لرئيس الحكومة السابقة عبد الإله بنكيران. وذهب أحمد أرحموش، منسّق فدرالية الجمعيات الأمازيغية، إلى اتهامه بارتكاب "أخطاء سياسية وأخلاقية" في حق الشعب المغربي أثناء إعداد مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية، متوعّدا بالتصدّي لهما، وقال: "مشروع القانون المُحال على مجلس النواب مُدمّر لأحلامنا، ولن نسمح بمروره ولو تطلّب ذلك خوضَ اعتصامات أمام البرلمان إلى حين إنصافنا". وذهب أرحموش إلى القول إنّ مشروع القانونين التنظيميين اللذين أعدّتهما الحكومة السابقة، وأُحيلا على البرلمان، "يُخالفان ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، التي وضعت الأمازيغية في مرتبة متساوية مع العربية"، وزاد: "هذا يترتّب عنه أن تستفيد اللغتان من جميع الإمكانيات دون تمييز، لكنّ ما يحدث هو خلاف ذلك"، متّهما حزب العدالة والتنمية ب"معاداة الأمازيغية". لكنّ امحند العنصر أبدى معارضته لهذا الطرح، قائلا: "لا يوجد حزب عدوّ للأمازيغية.. له (العدالة والتنمية) موقف من حرف تيفيناغ، لكنّه لا يعادي الأمازيغية". ودافع الأمين العام لحزب الحركة الشعبية عن حليفه السابق في الحكومة، موردا أنه "لا يمكن الحديث عن وجود عداوة وقيادة الحزب كما قاعدته تتضمن نسبة مهمة من الأمازيغ"، لكنّه استدرك قائلا: "المواقف التي لا نتفق معه حولها سأحاربها". ويبدو أنّ القانونين التنظيميين، وإن صُودق عليهما من طرف الحكومة السابقة، وفي المجلس الوزاري، لم يحظيا بموافقة تامة من لدن حزب الحركة الشعبية، ذلك أن البيان الختامي للندوة أشار إلى غياب المقاربة التشاركية في إعدادهما، ودعا إلى "حوار وطني لتجويد هذه النصوص، وفق صيغة تحظى بالتملّك الجماعي". في السياق نفسه قال الحسين أيت باحسين، ممثل الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، إنّ الأمازيغية عانت من شيئين أساسيّين، وهما المأسسة والكتابة التاريخية، وزاد: "حين تتجوّل في بعض المدن المغربية تشعر وكأنّك في إحدى دول الشرق الأوسط، إِذْ نُزعت الأسماء المغربية من الأزقة والشوارع والمؤسسات، وحلّت محلها أسماء ذات بُعد إيديولوجي مناقض لتوجُّه المغرب". وبخصوص الكتابة التاريخية أوضح أيت باحسين أن الذين كتبوا التاريخ الأمازيغي وأبرزوا جوانبه الإيجابية نسبوه إلى "مجهول". علاقة بذلك، أكد عدي السباعي، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، على ضرورة إعادة كتاب التاريخ المغربي؛ "لأن ما كُتب رسم عنا صورة مغلوطة"، على حد قوله، كما طالب بتحويل رأس السنة الأمازيغية إلى عطلة رسمية وعيد وطني، "لأن له معاني رمزية تاريخية ويشرف المغرب، ولأنّ هذه السنة ليست سنة أمازيغ فقط، بل سنة جميع المغاربة وسكّان شمال إفريقيا"؛ في حين أيَّد البيان الختامي للقاء الدراسي الصادر باسم الحزب هذا المطلب تحت تصفيقات الحاضرين. ووسط الدعوات الموجّهة إلى حزبه بدعم الحركة الأمازيغية وتبنّي مطالبها، حذّر الأمين العام للحركة الشعبية من أن تؤدّي بعض المواقف إلى "إخراج القطار عن سكّته"، قاصدا بذلك الأصوات التي تسعى إلى خندقة القضية الأمازيغية وجعلها شأنا خاصا بالأمازيغ. وقال العنصر: "هذه ليست قضيّة فئة من المغاربة، هذا شأن يهمّ الجميع"، مضيفا: "حذاري من الانسياق وراء هذه الطروحات، لأننا سنُرجع أنفسنا وكأننا أقلية تريد نزع حقّ من حقوقها..نحن جميعا مغاربة، والحاصل أننا بدأنا مشروعا لَمْ يكتمل بعد".