بين عشية وضحاها، تغيرت مواقف قادة حزب العدالة والتنمية من عملية انتخاب رئيس مجلس النواب، إذ انبروا مدافعين عن "مصلحة الوطن"، ودعم "مبادرات الملك الهادفة إلى استعادة مكانة المغرب داخل منظمة الاتحاد الإفريقي"، بعدما رفضوا رفضا مطلقا العملية إثر التحركات التي بدأت تقوم بها هيئات سياسية أخرى. وكان لافتا هذا "الانقلاب" في المواقف من "إخوان بنكيران" الذين تصدروا نتائج انتخابات السابع أكتوبر، إذ إن محمدا يتيم، عضو الأمانة العامة والذي تحدث منذ أيام عن أسباب استحالة تكوين مكتب مجلس النواب قبل انبثاق الأغلبية الحكومية، عاد لينشر على صدر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بلاغ الأمانة العامة للحزب الذي يزكي قرار تشكيل مكتب المجلس، ويفوض لأمينه العام عبد الإله بنكيران "اتخاذ كافة التدابير باسم الحزب من أجل تسريع إخراج هياكل مجلس النواب وعقد جلسة المصادقة على مشروع قانون رقم 01.17 يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وعلى بروتوكول التعديل الملحق به"! وبعدها، توالت عملية "الانقلاب" المفاجئة في المواقف من قادة آخرين. كمال الهشومي، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بعين السبع في الدارالبيضاء، اعتبر أن "ما تقوم به قيادة "البيجيدي" يدخل في إطار المزايدة السياسية؛ لأنه لا وجود لأي خرق قانوني أو دستوري يمنع تشكيل المجلس، طالما نحن نتحدث عن وجوب فصل السلطة التشريعية عن التنفيذية"، مستدلا بذلك على تجارب دولية تنتخب فيها السلطة التشريعية بعيدا عن نظيرتها التنفيذية. هذا "التكتيك" من لدن قادة حزب العدالة والتنمية، باستعمال لغة القطع تارة والهجوم تارة أخرى، والرفع من سقف التحديات مع الآخر، أحيانا، ثم يخرج الأمين العام/ رئيس الحكومة المعين للاتصال بالمعني بلغة الهجوم، اعتبره المحلل السياسي "لا يؤدي إلى أية نتيجة إيجابية، على اعتبار أن الثقة تبنى بالنوايا الأساسية وبالمستقبل، وبالتالي لا يمكن خلق هذه الثقة بأسلوب انتهى الكلام". ويورد الباحث الهشومي، في تصريحه لهسبريس، أنه "عندما تحضر مصلحة الوطن، وبالرغم من كونها قد تكون انتفت لدى بعض الأحزاب، بينهم حزب رئيس الحكومة المعين، فإنه ليس للأمانة العامة للبيجيدي إلا أن تنخرط وتتجاوب مع المصلحة". ويرى الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بعين السبع في الدارالبيضاء، ضمن تصريحه، أن هذا التناقض في تصريحات قادة "المصباح" لا يجب أن يصل إلى هذه الدرجة، على اعتبار أن "الملك، بعد المجلس الوزاري، تعامل بصلاحياته الدستورية بناء على الفصل ال42 من الدستور، باعتباره المؤتمن على سير المؤسسات وهو الذي اتخذ رهانات إستراتيجية باسم الدولة من أجل عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي"، فلذلك، "فإن المصلحة الوطنية وسير المؤسسات حتَّما على الملك التدخل من أجل استكمال أجهزة مجلس النواب"، يضيف الهشومي دائماً.