استطاعت عملة "بيتكوين" الرقمية، مطلع 2017، الصعود فوق مستوى الألف دولار أمريكي، للمرة الأولى منذ 3 سنوات، بعد قفزاتها المتوالية على جميع العملات التي تصدرها البنوك المركزية حول العالم في 2016. صعودٌ جاء لتوفيرها ميزة جاذبة للراغبين في الالتفاف على ضوابط رأس المال، في ظل تراجع العملات التقليدية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وحالة عدم اليقين السياسي، بحسب خبراء. والبيتكوين (Bitcoin) هي عملة رقمية افتراضية مشفّرة، لا تملك رقمًا مسلسلاً ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية، كالعملات التقليدية حول العالم، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنيت، من دون وجود فيزيائي لها. ويجرى استبدال البتكوين بالعملات الرسمية كالدولار واليورو، عبر محفظة مالية يتحكم فيها العميل برقم سري خاص، عبر تطبيقات إلكترونية، مرتبطة بالآلاف من أجهزة الكمبيوتر، تتحقق من صحة المعاملات وتضيف المزيد من عملات بيتكوين إلى النظام. وبدأت بتكوين عام 2017 بقوة، بعد أن ارتفعت قيمة الواحدة منها إلى 1022 دولارا، وهي أعلى قيمة لها منذ 3 سنوات. وبالرغم من تخطي قيمة هذه العملة حاجز الألف دولار، فإنها لا تزال بعيدة بعض الشيء عن أعلى قيمة وصلتها على الإطلاق أواخر عام 2013 عندما تم تداولها ب1136 دولارا قبل أن تتراجع إلى أقل من 240 دولارًا، في بورصة "بتستامب" الأوروبية ومقرها سلوفينيا، وهي إحدى البورصات المنظمة لتداول تلك العملة حول العالم. ويرى تشارلز هايتر، مؤسس موقع كريبتوكومبير (Cryptocompare)، الذي يراقب العملات الافتراضية، أن نقص السيولة في الهند بعد قرارها سحب أوراق نقدية كبرى من التداول، وحالة عدم اليقين السياسي العالمي، ساعدا أيضا في رفع قيمة هذه العملة. وأضاف: "إذا استمرت هذه التوجهات فقد يميل المزيد من الناس لشراء العملة الافتراضية؛ لأنه يمكن أن يُنظر إليها على أنها رحلة إلى بر الأمان". لماذا تراجعت وكيف ارتفعت؟ كان لانهيار بورصة "إم تي. جوكس" اليابانية التابعة لمؤسسة بيتكوين المنظِمة لتداولات العملة الرقمية حول العالم، خلال 2014، عامل أساسي في تراجع البتكوين أمام الدولار، قد نتج عن الانهيار تراجع إقبال المستثمرين على الاستثمار في العملة الجديدة، بعد ضياع ما يقرب من نصف مليار دولار بسبب الاختراقات الأمنية، وتراجع قيمة العملة حتى وصت إلى 240 دولارا بعد أن كانت قيمتها 1136 دولارا في 2013. وبدأت ال"بيتكوين"، باستعادة عافيتها مرة أخرى مطلع 2015، حيث تأسست أول بورصة للعملة الرقمية في الولاياتالمتحدة بتمويل قيمته 106 ملايين دولار تلقته من بورصة نيويورك وبعض البنوك والمؤسسات المالية، وحملت اسم "كوينبيز". وتعدّ "كوينبيز" واحدة من أبرز البورصات العالمية التي تنظم تداول عملة البتكوين وتحدد سعرها أمام العملات الرئيسية كالدولار؛ وأهمها (كراكين، بتستامب، بي تي سي الصين، بلوكتشين، وسيركل). وحطمت القيمة الإجمالية لكافة عملات بتكوين المتداولة حول العالم رقما قياسيا، في 22 دجنبر 2016، بتخطيها حاجز 14 مليار دولار. تاريخ بيتكوين بدأت فكرة البيتكوين عام 2008 على شكل ورقة بحث علمي قدمها شخص ياباني الجنسية، رمز لنفسه باسم ساتوشي ناكاماتو، وكان هدفه تغيير الاقتصاد العالمي بالطريقة نفسها التي غيّرت بها شبكة الإنترنيت أساليب النشر. وأخذت تعاملاتها في الانتشار في عدد من دول العالم في 2009، وأخذت قيمتها في الارتفاع مقابل العملات الرئيسة الأخرى مثل الدولار الأمريكي واليورو. وعندما بدأ التعامل بالعملة عام 2009 كان لا يتجاوز سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي 30 سنتاً؛ ولكن سرعان ما تضاعفت تلك القيمة خاصة مع زيادة التعامل بها، حيث تشير تقارير إلى أن الصين تتداول ما يساوي 100 ألف عملة منها يوميًا، خلال التداولات اليومية. وكانت العملة بدأت عام 2016 عند مستوى 435 دولارا، ويربط كثير من الخبراء ارتفاع قيمتها بالانخفاض المطرد لليوان الصيني الذي هبطت قيمته ما يقرب من 7 في المائة في العام نفسه. وتُظهر البيانات أن معظم تداول عملة بيتكوين يجري في الصين، ولهذا فإن أية زيادة في الطلب من هناك تميل إلى أن يكون لها تأثير كبير على السعر، حيث يعد عدم خضوع البتكوين إلى سلطة مركزية، ميزة جاذبة للراغبين في الالتفاف على ضوابط رأس المال في دول مثل الصين. كيفية استخدامها وتسمح تطبيقات بيتكوين الإلكترونية للمستخدمين بالتعامل على الإنترنت، حيث يسمح بإنشاء وحفظ مفاتيح خاصة بالمُستخدم للاتصال بشبكتها. وجرى إطلاق أول تطبيق بيتكوين سنة 2009 عن طريق ساتوشي ناكاموتو مُؤسس عملتها، التي تحمل الاسم نفسه كتطبيق مجاني ومفتوح المصدر. وتتم مدفوعات بيتكوين من خلال تطبيقات محفظة بيتكوين، إما من خلال الحاسوب الشخصي أو الهاتف الذكي، عن طريق إدخال عنوان المستلم والمبلغ المدفوع، ويمكن أن تستعمل كخادوم لاستقبال تلك المدفوعات ولخدمات أخرى مُتعلقة بالدفع كالشراء الإلكتروني. واحتضن مقهى إسبريسو في مدينة فانكوفر الكندية أول جهاز صراف آلي (ATM) في العالم لعملة بيتكوين في أكتوبر 2013. وتعترف الولاياتالمتحدة وألمانيا فقط بالبيتكوين كعملة، في حين تحظر استخدامها دول أخرى وأبرزها الصين وروسيا، كما أن هناك متاجر إلكترونية تتيح لعملائها التعامل بها مثل متجر مايكروسوفت، وجوجل، وباي بال، وأمازون. وهناك مزايا لهذه العملة، أبرزها أنه لا رسوم على التحويلات بعكس الأخرى التقليدية، بالإضافة إلى السرعة والسرية في نقل التحويلات بين الحسابات، وعدم خضوع التحويلات لسيطرة البنوك والحكوميات. في المقابل، فإن أبرز عيوبها هو تسهيل العمليات المشبوهة وغسيل الأموال، في ظل غياب الرقابة.