وكأن العلاقات المغربية الجزائية كانت بحاجة إلى ملف جديد تختلف فيه وجهات النظر بين البلدين الجارين، لينضاف إليها الملف الليبي؛ فبينما تستقبل الجزائر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، تصر الرباط على ضرورة تفعيل اتفاق الصخيرات، من أجل الوصول إلى حل للأزمة بليبيا، الداخلة في صراع مسلح منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. وقام خليفة حفتر بزيارة إلى الجزائر، بعد أيام من إطلاقه لتصريحات قال فيها إنه يستعد ل"تحرير" طرابلس، حيث توجد حكومة الوفاق الليبية، وهو أمر ترفضه الرباط جملة وتفصيلا. وإن زيارة حفتر إلى الجزائر دليل صريح وواضح على أن العسكري الليبي يعتبر الجارة الشرقية حليفة له؛ وهو أمر طبيعي، فطالما عبرت الجزائر عن دعمها ولو بشكل مستتر لحفتر، على حساب حكومة التوافق التي تعتبر من مخرجات مؤتمر الصخيرات، الذي بذلت فيه الدبلوماسية المغربية جهودا كبيرة للتوصل إليه. وإذا كان كل من الجزائر والمغرب متفقين على أن الوضع الأمني في ليبيا يشكل تهديدا حقيقيا لكل الدول المغاربة، فإنه لم يتم تسجيل، منذ اندلاع الأزمة الليبية، أي تعاون بين البلدين الجارين في هذا الملف، باستثناء تأكيد مسؤولي البلدين على ضرورة محاربة الإرهاب الذي عشش في ليبيا. في المقابل، تختلف وجهات النظر بحدة بينهما، بين معسكر جزائري داعم للعسكري خليفة حفتر، وبين معسكر مغربي داعم للعملية السياسية بعيدا عن السلاح. ويرى الموساوي العجلاوي، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، أنه لا يمكن لأي طرف من أطراف الصراع الليبي أن يقفز على اتفاق الصخيرات، بالنظر إلى كونه يتمتع بالشرعية الدولية؛ بيد أنه اعتبر أن تنقلات حفتر إلى العديد من الدول آخرها ليبيا، لتقديم نفسه كزعيم ليبي جديد، مستندا على الدعم المصري الكبير. وأكد المتحدث ذاته أن تغير الموقف الجزائري من الأزمة السورية، ودعمها للنظام السوري، وهو الموقف نفسه المعبر عنه مصريا، يجعل من حفتر يفكر في فرض حل في ليبيا. وأردف الخبير المغربي في العلاقات الدولية بأن الدخول العلني للمصريين إلى الساحة الليبية سيثير حفيظة الجزائر، بالنظر إلى كون الأخيرة لها مصالح خصوصا في النفط الليبي. وعبّر العجلاوي عن تخوفه من أن يكون حفتر يريد استغلال حالة الفوضى في العالم، والمرحلة الانتقالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لفرض الخيار العسكري، مشددا على استحالة قفز حفتر على اتفاق الصخيرات وكذلك الجزائر، مفسرا التحركات التي يقوم بها الغرض منها فرض نفسه كطرف في المعادلة الليبية.