إقليم برشيد من الأقاليم المحدثة سنة 2009، ويبعد عن مدينة سطات ب30 كيلومترا في اتجاه الدارالبيضاء، عبر الطريق الوطنية رقم 9، وتقطن به 484019 نسمة، موزّعة على 6 بلديات و16 جماعة قروية، ويتميّز بانتشار الأراضي الفلاحية الخصبة والوحدات الصناعية، التي توفّر مناصب شغل مهمة للشباب. كما يتوفر الإقليم ذاته على مستشفى إقليمي ومستشفى للطب النفسي ومركزين لتصفية الدم، و33 مركزا صحّيا، يسهر على تسييرها طاقم طبي وإداري يضمّ ما يقارب 470 إطارا. عند وصولنا إلى المستشفى الإقليميببرشيد، صادفنا عددا من المرضى والمريضات ينتظرون أدوارهم بانتظام، سواء في المستعجلات أو مراكز التشخيص أو بوحدة تدبير المواعيد، رغم أن العدد لم يكن كبيرا. وضعية انتظار المرضى دفعتنا إلى الدخول في حوار مع عدد من المواطنين حول مستوى الخدمات والتعامل، والتي نظّمت بسببها احتجاجات أسفرت عن عدد من الحوارات واللقاءات بين ممثلي المندوبية والشركاء في المجتمع المدني، لتبادل وجهات النظر للنهوض بالمستوى الصحي بالإقليم. "هذا سبيطار كيعاملونا فيه الأطبّاء مزيان والناس أغلبيتها كدّير النّظام..ولكن خاصهم يزيدو يكبروه..راه ما كافيش للإقليم.. جي نهار الاثنين والثلاثاء والأربعاء وتشوف البشر. وخاصهم يجهزوه بالسكانير وما يبقاوش الناس يخلصو الكازوال ديال سيارة الإسعاف"، تقول إحدى النساء وهي تمسك وصفات أدوية وأوراق مواعيد لزيارة أحد الأطباء، مردفة: "نتمنّاو ما يبقاوش يرسلونا لسطات وما يطولوش علينا المواعيد، راه سطات عامرة أكثر من برشيد.. من الأحسن يرسلونا إلى الدارالبيضاء مباشرة". مطالب بتحسين الخدمات محمد بوطاجين، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببرشيد، اعتبر في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الصحة حقّ من حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن المعايير الدولية في المجال الصحي بالإقليم "ضعيفة"، خاصة على مستوى التجهيزات والطاقة الاستيعابية التي لا تتجاوز 45 سريرا بعد الإجهاز على مساحة من المستشفى الإقليمي الذي كان يضم 90 سريرا. وأضاف المتحدث نفسه أن "المستشفى الإقليمي يستقبل عددا كبيرا من المرضى الوافدين من المدينة والنواحي، خاصة خلال وقوع الحوادث الطارئة، علما أن الإقليم في موقع إستراتيجي محاط بشبكة طرقية إقليمية وجهوية ووطنية وطريق سيار ومسالك تتريبية بالقرى، ما يؤدي إلى الاكتظاظ على مستوى جميع المرافق والتخصّصات، أمام نقص في الموارد البشرية والتجهيزات وضعف الخدمات، ما يضطرّ العاملين بالمستشفى إلى توجيه المرضى إلى سطات أو الدارالبيضاء". وطالب المتحدث ذاته وزارة الصّحة بتأهيل المستشفى الإقليمي والرفع من طاقته الاستيعابية وتزويده بالتجهيزات المناسبة وفق المعايير الصحية الدولية، وتوفير سيارات إسعاف خاصة بالعالم القروي، وإصلاح المستوصفات، والعمل بنظام المداومة في المراكز الصحية، كسيدي عبد الخالق وأولاد عبّو وسيدي بنحمدون والسوالم وأولاد صبّاح وأولاد زيدان، لتخفيف الضغط على المركز الاستشفائي الإقليمي، وتطعيمه بموارد كافية، والقيام بحملات طبية تحسيسية وعلاجية لفائدة سكان الأحياء الشعبية والقرى. مندوبية الصحة: مشاريع أنجزت وأخرى في الأفق أما بوشعيب عشاق، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة ببرشيد، فأشار في تصريح لهسبريس إلى الخصاص على مستوى الموارد البشرية والبنية التحتية وقلة أسرّة الاستقبال بالمركز الاستشفائي ببرشيد، لافتا إلى واقع 45 سريرا لما يقارب 486000 نسمة بالإقليم، بمعدل سرير لكل 10800 نسمة، وطبيب لكل 5717 نسمة، "وهو ما يدل على ضعف بالمقارنة مع المستويين الجهوي والوطني". وأوضح ممثل مندوبية الصحة ببرشيد أن "مردودية الخدمات في تزايد بفضل تضافر جهود الأطر الطبية ودعم وزارة الصحة، وكذا مساهمة عدد من الشركاء، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجالس البلدية والجماعات الترابية بالإقليم خلال المدة ما بين 2012 و2015 لتحسين الخدمات الصحية". وأضاف المتحدث ذاته أن تجويد العرض الصحي والرقي بمستوى الخدمات على مستوى الإقليم عرف تحسّنا بفضل مجهودات الأطر الطبية، إذ انتقل عدد الولادات في المدة المذكورة من 3630 إلى 4168 ولادة، بلغت منها عدد العمليات القيصرية 231 عملية، وانتقلت حالات الكشف عن سرطان الثدي من 1620 إلى 9108 حالات؛ في حين بلغت الحالات الاستعجالية 36000 حالة، وارتفعت الفحوصات الجراحية إلى ما مجموعه 23217 فحصا. وأضاف المندوب الإقليمي ذاته أنه "لمعالجة النقص وتجاوز المعيقات، قامت وزارة الصحة بمجهودات كبيرة لتعويض نزيف الإحالة على التقاعد أو الاستقالات أو الوفيات في صفوف الأطر الطبية، إذ عيّنت الوزارة 7 أطباء إضافيين و34 ممرضا و7 مولدات و17 ممرضا، وممرضة مختصة في الطب النفسي، في انتظار سيارتي إسعاف إضافيتين"، معتبرا توجيه المرضى إلى مستشفيات أخرى أمرا عاديا تفرضه مستويات المرض، ونافيا تقاضي المندوبية ثمن "الكازوال" من المواطنين الموجهين في الحالات المستعصية والمستعجلة التي لا يمكن الاحتفاظ بها. وفي السياق ذاته تبنت المندوبية ذاتها، وفق ممثلها، عدة مشاريع مع الشركاء، منها ما هو في طور الإنجاز، ومنها ما هو مبرمج، ومشاريع أخرى مقترحة، ومنها ما أنجز، كإعادة تأهيل 16 مركزا صحيا بالإقليم، وإعادة تأهيل وتجهيز مركز تشخيص داء السل والأمراض التنفسية، وإعادة بناء 4 مراكز صحية، بالإضافة إلى بناء وتجهيز مركز تصفية الدم بالجماعة الحضرية للدروة، وإعادة تأهيل مستشفى الأمراض العقلية في إطار اتفاقية شراكة، وتجهيز المستعجلات بالمعدات الطبية والتقنية، للرفع من الخدمات والطاقة الاستيعابية للمستشفى التي ستصل إلى 170 سريرا مستقبلا.