ربط مسؤول قضائي بوزارة العدل والحريات الحدّ من تزويج القاصرات في المغرب بمحاربة أسبابه، وعلى رأسها الفقر والهشاشة والعزلة، من جهة، وتوفير التعليم والرعاية الصحية للفتيات اللواتي يتمّ تزويجهنّ في سنِّ أقلّ من 18 سنة، وهو ما تطالب الجمعيات الحقوقية بوضع حدّ له. وقال عثمان عبيد، وهو قاضٍ ملحق بوزارة العدل والحريات، في عرض ضمن مائدة مستديرة نظمتها جمعية حقوق وعدالة، حول موضوع "زواج القاصرات: مشاكلُ وحلول"، إنّ الطلبات المقدمة إلى المحاكم لتزويج القاصرات "ليست سوى نتيجة لأسباب اقتصادية واجتماعية"، وأضاف: "للقضاء على تزويج القاصرات يجب تجفيف منابع الأسباب المؤدّية إليه". وتنص المادَّة 20 من مدوّنة الأسرة على أنّ "لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سنّ الأهلية المنصوص عليه في المادة 19، (18 سنة شمسية)، بمقرر معلل يبيّن فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي". لكنّ هذه الشروط التي وضعها المشرّع المغربي لم تُفلح في تخفيض عدد زيجات القاصرين في المغرب (أغلبهم فتيات)، بل إنّها، على العكس مما كان متوقعا، سجّلت ارتفاعا كبيرا بعد الشروع في تطبيق مدوّنة الأسرة سنة 2004، إذ انتقلت من 18341 زيجة سنة 2004، إلى 39031 زيجة سنة 2011، حسب أرقام رسمية صادرة عن وزارة العدل والحريات. ويتراوح عدد الطلبات الموجهة إلى المحاكم لتزويج القاصرين حوالي 45 ألف طلب سنويا، 99 في المائة منها تهمّ الفتيات. واعتبر المسؤول القضائي ذاته أنّ النجاح في الحدّ من تزويج القاصرات يبدأ من تخفيض عدد الطلبات المقدّمة إلى المحاكم، قائلا: "إذا جفّفنا منابع الأسباب التي تدفع الأسر إلى تقديم طلبات بتزويج فتياتها القاصرات ستنخفض هذه الطلبات إلى عشرة آلاف أو ما دون ذلك". وفيما تطالب الجمعيات الحقوقية بحذف المادة 20 من مدونة الأسرة، وإبعاد أيّ استثناء بالترخيص لتزويج القاصرات، قال عبيد إنّ الحد من تزويج القاصرات ليس مسألة قانونية فحسب، بل له أبعاد اجتماعية، وزاد: موضحا: "من السّهل حذف المادة 20. ولكن لا يجب أن نغلق نافذة ونفتح بابَ مشاكل أخرى؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تفشي الزواج غير القانوني، وبالتالي لا بدّ من التدرّج نحو بلوغ الأفضل".