بعد توقيف الدكتور محمد أبياط عن اعتلاء المنبر بأحد مساجد مدينة فاس، جاء الدور على لحسن ياسين، إمام وخطيب مسجد واكليم بتنغير؛ إذ قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية توقيفه عن مهمتي الإمامة والخطابة ابتداء من اليوم الأربعاء، لأسباب فصلتها في قرار التوقيف. واستند أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في قرار توقيف "خطيب واكليم"، تتوفر هسبريس على نسخة منه، على تقرير رئيس المجلس العلمي المحلي بتنغير ذكر فيه أن ياسين "يترك قراءة الحزب الراتب، ويخرج من الصلاة بتسليمتين، ويترك القنوت في صلاة الصبح". ومن "التجاوزات" الأخرى التي رصدها قرار التوقيف ترك الخطيب الشاب الدعاء عقب الصلوات، وأداء الأذان مرة واحدة يوم الجمعة في المسجد، بالإضافة إلى تبخيسه قيمة كل ما ورد في كتاب "دليل الإمام والخطيب والواعظ" الذي صادق عليه المجلس العلمي الأعلى. قرار التوقيف اعتمد أيضا، وفق الوثيقة ذاتها، على تقريري الإمام المرشد ومتفقد المساجد، والذي جاء فيه أن الخطيب المعني لم يف بالتزامه في يناير 2014 بالاستقالة مما سمي "رابطة أسرة أئمة المساجد" غير المعترف بها، واحترام ثوابت الأمة، وعدم الخوض في كل ما من شأنه المساس بها". وفي رده على قرار الوزارة الوصية، قال لحسن ياسين، في تصريح لهسبريس، إن القرارات السابقة التي تطاولت على علماء ومشايخ مغاربة كبار، أمثال محمد أبياط ويحيى المدغري ومحمد زحل وغيرهم، من السهل جدا أن تطاله أيضا باعتباره خطيبا شابا وطالب علم صغير. وبخصوص علة عدم احترامه لدليل الإمام، من قبيل التسليمات ودعاء الحزب وغيرهما، أفاد ياسين بأن سكان دوار واكليم لديهم قناعات تعبدية راسخة حتى قبل أن يولد هو، لا يمكن لأي إمام أن يأتي ليغيرها؛ إذ إنها "تدخل في سياق العادات والأعراف القبلية التي يصعب تجاوزها". ولفت الخطيب إلى أن دليل الإمام لا يتضمن فقط هذه الأمور المتعلقة بالصلاة والدعاء وقراءة الحزب، بل هو أشمل وأعم، بالنظر إلى أنه ينص على ضرورة رعاية الإمام للأمن الروحي للمصلين، مشيرا إلى أنه تعايش مع سكان المنطقة أكثر من 5 سنوات وحافظ على أمنهم الروحي دون شكايات أو احتجاجات. أما بخصوص المس بثوابت الأمة المذكور في قرار التوقيف، فرد ياسين بأن لا مشكلة لديه مع هذا الجانب تحديدا، وبأن علماء الدين هم من لهم أهلية مناقشة مثل هذه الأمور، مبدٍ أسفه مما وصفه ب"اللغة القاسية والتحريضية للقرار"، قبل أن يشير إلى أنه "لأول مرة يتم ذكر موضوع رابطة المساجد في قرار توقيف إمام مسجد". وشدد المتحدث على أنه "من حق أئمة المساجد الدفاع عن حقوقهم عبر إقامة جمعية تؤطر مطالبهم، مادام ظهير 104 ينص على وجود لجنة تتلقى شكايات القيمين الدينيين. وبما أنها مغيبة ولا أثر لها، فإن الأئمة يظلون متمسكين بالرابطة رغم إجحاف القانون والإدارة"، وفق تعبيره. وانتقد الخطيب الموقوف ما سماه "الظلم" الذي يمارسه المندوب الجديد لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنغير، رغم أنه لم يمر على شغله لمنصبه سوى أسبوعين، مبرزا أن "قرار التوقيف جاء نتيجة التحرك الذي قام به أئمة مساجد تنغير الاثنين الماضي عندما احتجوا على قرارات المندوب". مصدر من داخل رابطة أسرة المساجد قال، في تصريح لهسبريس، إن القرار الذي اتخذته وزارة الأوقاف في حق خطيب مسجد والكليم قرار جائر يحمل طابعا انتقاميا واضحا، باعتبار أنه لا يفوت أية مناسبة للمطالبة بتحسين أوضاع القيمين الدينيين، وأيضا بسبب حركيته ونضاله في صفوف الأئمة بتنغير. وأبدى المصدر استغرابه من مسوغات قرار التوقيف، الذي وقعه بتفويض من أحمد التوفيق الكاتب العام لوزارة الأوقاف موحى ومان، خصوصا الحديث عن خروج الإمام من الصلاة بتسليمتين بخلاف المذهب المالكي، مشيرا إلى أن الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين شوهد أكثر من مرة بأنه خرج بتسليمتين أيضا. في السياق ذاته، علمت هسبريس أن سكان واكليم وأئمة مساجد المنطقة ينسقون حاليا فيما بينهم للخروج إلى الشارع احتجاجا على قرار توقيف هذا الخطيب، من أجل ما سمّوه "الرفض التام لمسلسل التوقيفات غير القانونية والقرارات الجائرة في حق الأئمة والخطباء".