ينعكس الإرهاب الذي تعيشه أوروبا، ويضر بأمن وراحة مواطنيها، على العربي المسلم المقيم بتلك الديار. إننا نعاني كعرب ومسلمين من آثار الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة تحت دعوى الإسلام بشكل مضاعف. وضع العربي المسلم في الديار الأوروبية بالغ التعقيد؛ يعاني باعتباره مواطنا من آثار التفجيرات المتوحشة من جهة، ووجوده يمس في الصميم باعتباره عربيا مسلما، أصابع الاتهام تخترق كيانه، من جهة أخرى. تعيش الجاليات العربية المسلمة بأوروبا ظروفا صعبة مع تنامي ظاهرة الإرهاب والعمليات الانتحارية المتصاعدة. إخواننا وأهالينا وابناؤنا هناك يعيشون وضعا كارثيا يجعلهم محطمين ويتضورون من قهر مضاعف. إن الشباب العربي والمسلم بأوروبا غير مستقر من حيت الانتماء والهوية، أصوله عربية ومواطنته غربية وعيشه مرتبط ومرتهن بالعالم الأوروبي. رغم جذوره العربية الإسلامية، يعاني من تمزق بين هويتين غربية وعربية. وضعه ملتبس ومعقد، فلا هو يتمتع بجذوره وانتمائه، وقادر أن يعيش حياة طبيعية منافحا ومفتخرا بالأصول من جهة، ولا هو، من جهة أخرى، مندمج وفاعل في البلد الذي يقيم به. إن ظاهرة الإرهاب والتطرف أزّمت العلاقة بين العرب والأوروبيين. الأوروبي مذعور من العربي، يعتقد أنه السبب وراء كل الفساد المنتشر في الكون، وأنه أصل التفجيرات والدمار الماحق بالإنسانية. يترتب عن الذعر الحقد والكراهية، ردود فعل عنيفة تسلط على العرب المسلمين بديار الغربة، تتمحور حول التحقير والتهميش والإشعار بالذنب لتصل إلى التعنيف اللفظي والجسدي، تهدف إلى إبعاد جميع العرب والمسلمين من أوروبا باعتبارهم سببا في الكوارث التي ألمّت بالغرب الحضاري. يعاني العربي المسلم في هاته الأجواء المرتبكة من الغبن والقهر المسلط عليه، وقد تجعله مؤيدا ضمنيا أو فعليا للإرهاب في أجواء ملغومة تتسم بالارتباك، أو يعيش عزلة قاسية تحت وطأة الانتماء الشقي. خلقت ظاهرة الإرهاب معاناة حقيقية للبشر، سواء منهم الغربي أو العربي. الغربي تحت تأثير الواقع ودور الإعلام المشحون والمؤجج للأحقاد والعنصرية، يعيش فوبيا حقيقية ويخال أنه معرَّض باستمرار للتقتيل والتفجير، وأن العربي المسلم هو سبب معاناته ومأساته. العربي المسلم يعيش هوية شقية مأزومة، تختلط عليه الحقائق بالوقائع، الهوية بالمعيش، الوجود بالوجدان. وضعه غير مستقر، ذهنه مشوش، نظرته مرتبكة، وإحساسه محطم، واختياراته ممزقة تحت وطأة الواقع بلبوساته والتباساته. * كاتب من المغرب