في خطوة لافتة، تنظّم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يوم الخميس المقبل، مباراة لتوظيف مائة مرشد ديني، من جنس الذكور فقط، يوضعون بصفة استثنائية رهن إشارة الحاميات العسكرية، من أجل القيام بمهام الإرشاد والوعظ في صفوف القوات المسلحة الملكية بالمغرب. واشترطت وزارة الأوقاف، ضمن بلاغ تعلن فيه إدارة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات عن مباراة المرشدين للعمل في صفوف الحاميات العسكرية، أن يكون المترشح حافظا لكتاب الله تعالى كاملا، ومتصفا بالأخلاق الحميدة، وبالقدرات البدنية اللازمة. ويقضي المرشح لشغل منصب المرشد الديني، الذي سيوضع رهن إشارة الثكنات العسكرية، تكوينا يمتد 12 شهرا، ويختتم بامتحان التخرج. ويتقاضى العاملون في المنصب المذكور الأجر والتعويضات النظامية المخولة لإطار متصرف من الدرجة الثالثة متعاقد، كما يستفيدون من تعويض إضافي عن المنطقة الشمالية، وتعويض آخر عن المنطقة الجنوبية، وامتيازات عينية أخرى. وتندرج هذه الخطوة، وفق إدريس الكنبوري، الخبير في الشأن الديني، في إطار تحصين المؤسسة العسكرية بالمغرب من أية أفكار دخيلة أو متطرفة يمكن أن تحصل"، موردا أن بعض صفوف القوات العسكرية بالمغرب تتلقى دروسا دينية يقدمها موظفون مدنيون محسوبون على السلك العسكري، كما تقام صلاة الجمعة في عدد من المراكز العسكرية. وأفاد الكنبوري، في تصريحات لهسبريس، بأن "الدولة المغربية تدرك أن التطرف الديني ليس حكرا على فئة دون أخرى في المجتمع. كما أن العسكريين ليسوا أشخاصا معزولين؛ بل يعيشون داخل المجتمع ويحتكون به، ولديهم روابط اجتماعية، عائلية أو شخصية، وبالتالي من واجب الدولة تحصين هذه الفئة من التطرف والتشدد". وأشار المتحدث إلى أنه "قبل أكثر من عشر سنوات، كانت إحدى الصحف الفرنسية قد أثارت موضوع التطرف داخل المؤسسة العسكرية. وفي عام 2008، تم اعتقال شبكة تطلق على نفسها جماعة "أنصار المهدي"، كان بها أعضاء محسوبون على السلك العسكري في القوات المسلحة". وذكر الكنبوري بأن "هذه الجماعة المتطرفة كانت، حينها، تخطط للقيام بعمليات إرهابية في المغرب. وكان ذلك مؤشرا رئيسيا أيقظ إرادة الدولة في تحصين المؤسسة العسكرية من أفكار التطرف الديني"، مبرزا أن "الخطوة الأخيرة لوزارة الأوقاف تندرج أيضا ضمن هذا السياق". ومن جهته، قال الواعظ الديني إبراهيم بن الكراب، في تصريح لهسبريس، إن المباراة التي ستجري يوم الخميس المقبل، ويتبارى بشأنها مئات المرشحين للعمل مرشدين دينيين يوضعون رهن إشارة الثكنات العسكرية، تأتي في سياق رغبة الدولة في إشاعة الإرشاد الديني الوسطي حتى داخل المؤسسة العسكرية. واعتبر المتحدث ذاته أن المرشدين الدينيين يوجدون في العديد من المؤسسات والفضاءات الرسمية والعمومية؛ فهم "يشتغلون داخل المساجد، وفي المؤسسات السجنية، والمراكز العلاجية، والمؤسسات التعليمية، فليس غريبا أن يلج المرشدون المؤسسة العسكرية للتواصل الديني مع عناصر الجيش". وتحدد أحكام الظهير الشريف رقم 1.14.104 الصادر في 20 ماي 2014 المهام التي يضطلع بها القيمون الدينيون بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، والتزاماتهم وحقوقهم، ومهامهم التي تتمثل في الإمامة والإرشاد والوعظ والخطابة، وأيضا الأذان، وقراءة الحزب.