مثل حجر عندما يُرمى في بركة ما، ويُحدث موجات واسعة ومتمددة لا تنتهي تماما إلا بتوقف الاضطراب، بحسب حجم الحجر وشساعة البركة، كذلك كانت تداعيات فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ حيث اضطرب العالم وتكاثرت تساؤلات المراقبين. وانطلقت التخمينات تترقب ملامح السياسة الخارجية للرئيس الجديد لأقوى دولة في العالم، وخصوصا في الملفات الدولية الساخنة، مثل موضوع الملف النووي لإيران، والتعاطي مع "داعش"، وباقي البؤر الساخنة في العالم، ولكن أيضا رؤيته لنزاع الصحراء، وتأثيرات ذلك على علاقات واشنطنبالرباط. "بضاعة ترامب ضعيفة" جريدة هسبريس حاولت معرفة آراء قرائها حيال مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية في عهد ترامب، وما إذا كانت ستعرف تدهورا في هذه الفترة، فكان جواب أغلبية المصوتين بالنفي؛ وذلك بنسبة 71.42 بالمائة من مجموع عدد المشاركين البالغ 28.373، فيما قال 28.58 بالمائة فقط إن هذه العلاقات ستتدهور. "نتائج هذا الاستطلاع الذي أنجزته هسبريس تتطابق مع توقعات أغلب المهتمين بالعلاقات المغربية الأمريكية، كما تبرز هذه النتيجة اهتمام الرأي العام المغربي بالشؤون الخارجية، لاسيما ما يتصل بالجوار الإقليمي"، يقول الخبير في العلاقات الدولية الدكتور سعيد الصديقي. الصديقي أوضح أن اهتمام الرأي العام المغربي بالشؤون الدولية ليس حديثا؛ إذ "ساهمت وسائل الإعلام الجديدة في تنمية هذا الوعي"، مردفا أن "الشعب المغربي هو من أكثر الشعوب اهتماما وتفاعلا مع القضية الفلسطينية، أكثر حتى من بعض دول المشرق العربي، كما يتفاعل أيضا مع مختلف القضايا العربية والإسلامية". وأفاد المتحدث بأن تحقق هذا التوقع يتوقف على الفريق الذي سيشتغل مع الرئيس الأمريكي الجديد، والذي لم تكتمل بعد ملامحه، لاسيما ما يتعلق بملف السياسة الخارجية، متوقعا أن يكون لكاتب الدولة في الخارجية القادم تأثير كبير على توجه السياسة الخارجية الأمريكية، "خاصة أن بضاعة ترامب ضعيفة في هذا الجانب". تفاؤل حذر من جهته، اعتبر المستشار الدبلوماسي، الدكتور سمير بنيس، أن استطلاع هسبريس يُظهر تفاؤلا كبيرا للمتابعين بشأن مستقبل العلاقات بين المغرب وأمريكا في عهد ترامب، لكن يتعين التريث ريثما تكتمل الصورة، ويقوم ترامب بتعيين وزير خارجيته، وكذلك انتظار أول خطاب له حول السياسة الخارجية الأمريكية. وقال بنيس: "المغرب دائماً ما تمتع بعلاقات متميزة مع أمريكا كلما كان الرئيس من الحزب الجمهوري، وذلك منذ سبعينات القرن الماضي. والمملكة لديها العديد من الأوراق التي قد تلعب في صالحها، باعتبارها من الشركاء الرئيسيين لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وتابع بأن المغرب من الدول القلائل التي لها اتفاق تبادل حر مع الولاياتالمتحدة، وهو أيضا واحد من حلفائها الرئيسيين خارج خلف الناتو، بالإضافة إلى الدور المحوري الذي يلعبه في محاربة الإرهاب والتطرف وإشاعة القيم السمحة والمعتدلة للإسلام. كل هذه العوامل، يضيف بنيس، "لا يجب أن تنسينا الشخصية غير العادية للرئيس الجديد، وكونه ليس رئيساً جمهورياً كلاسيكياً، وبالتالي ينبغي علينا أن نكون متفائلين بشكل حذر، وألا نتسرع بشكل مطلق بالقول إن ترامب سيحافظ على العلاقات المتميزة بين الحزب الجمهوري والمغرب". وذهب المحلل إلى أن "الخطوات التي سيقوم بها الرئيس الجديد ستكون كفيلة بإعطائنا انطباعا عاما عن سياسة ترامب تجاه المغرب"، مبرزا أن نجاح الرباط في إقناع الإدارة الأمريكية بالدور المحوري الذي قد يلعبه المغرب في خطة ترامب لمحاربة "داعش"، سيكون له دور محوري في تحديد ملامح العلاقات بين الرباطوواشنطن خلال السنوات الأربع القادمة.