وصف الناقد الأدبي المغربي نجيب العوفي (الصورة) الشاعر الراحل محمد الخمار الكنوني بالجمرة الشعرية تحت "رماد هسبريس"، وهو عنوان ديوانه الشعري الوحيد الذي خلفه قبل أن تختطفه الموت في أحد أيام سنة 1991. قصيدة لم تكتمل وجرح لم يندمل وبلغة النقاد، اختار العوفي، الذي كان يتحدث اليوم الجمعة بمدينة سلا خلال القراءة التي خصصتها مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب في التجربة الشعرية للراحلين محمد الخمار الكنوني ومحمود درويش ضمن افتتاح موسمها الثقافي الجديد، أن يؤكد أن الراحل الكنوني "قصيدة لم تكتمل وجرح لم يندمل"، معتبرا أن رحيل "شاعر القصر الكبير" يعد خسارة كبرى لكونه ترك في نفوس مريديه وهم كثر جرحا لم يندمل. "رحل عنا أو بالأحرى خُطف منا، وقطف غصنه، قبل الأوان، وهو في ربيع عمر وشعره"، يقول الناقد المغربي، الذي أضاف أن "الكنوني لم يبُح لنا بذات نفسه، ولم يعرف لنا بعد نفائس مواويله وقصائده"، مشيرا بحسرة: "ألا قاتل الله المنايا"، لكن بالرغم من ذلك "سيظل الخمار الكنوني جمرة شعرية متقدة ومتجددة تحت 'رماد هسبريس'، الرمز والأيقونة وعنوان ديوانه الفرد والفرقد"، على حد تعبير العوفي. احتراق بنار الشعر واغتسال بنوره ودافع نجيب العوفي عن كون الشاعر محمد الخمار الكنوني جمرة شعرية لكونه "احترق بالفعل بنار الشعر، واغتسل بنوره، وعاش مرحلته بعمق وحساسية شاعر كبير"، مبرزا "أنه لا تخفى عنه أدق الخلجات وأرق الحركات والسكنات". وفي هذا الصدد، يرى الناقد المغربي أن الخمار الكنوني يعد من صنف بدر شاكر السياب وأحمد المجاطي ومن على شاكلتهما من الشعراء الأصلاء، لكونه تعبير عن عظمة ومأساة الشاعر الأصيل، معتبرا الشاعر المحتفى به "يحمل بين جوانحه هموما، وأشواقا لا يطيق حملها الجسد المحدود". رماد هسبريس .. نار حامية كيف يمكن تحويل "رماد هسبريس" إلى نار حامية؟، وكيف يمكن تحويل رماد الكلمات إلى نار حامية تشعل الحرائق؟، يتساءل الناقد والكاتب المغربي العوفي الذي أكد أن في هسبريس يضم التاريخ والشعر معا، مضيفا "من رماد هسبريس استوقد لنا الشاعر نار القصيدة". وزاد الناقد العوفي من تعداد خصال الراحل الكنوني، ليعلن "أنه كان يحترق في صمت ومعاناة وأناة القديسين، والأصلاء المبدعين"، مؤكدا "أن الشعراء يرحلون لكن الشعر يبقى، وفي الشعر وحده كل العزاء". وفي ختام ترافعه، سجل العوفي علو الكعب الشعري للكنوني بالرغم من كونه لم يترك غير ديوانه الفرد "رماد هسبريس"، الذي يحتوي ثمان قصائد مطولة، من غُرر شعره وتجربته الممتدة عبر ثلاثة عقود، مؤكدا أن "هذا القليل يغني عن الكثير، لكونه يقدم صورة مكثفة لتجربته الشعرية"، ليخلص أنه "وسط رماد هسبريس البارد تبقى جمرة الشعر متقدة ومتألقة، تعطي الحياة بعض الدفء والألق".