لم تكن العلاقات الثنائية بين المغرب والإمارات لتصل إلى المستوى الذي بلغته في الوقت الراهن، من تفاهم نموذجي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والحضارية والروحية، لو لم تكن وراءها "روابط حميمية" تصل إلى درجة العلاقات الأسرية بين قادة البلدين. وليس من دليل على تميز هذه العلاقات الإنسانية والتواصلية بين الأسرة الملكية في المغرب والأمراء حكام دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من الزيارات المتبادلة بشكل كثيف ومتواصل بين العاهل المغربي محمد السادس ومعه أسرته الصغيرة وبين كبار أمراء وشيوخ الإمارات. ولعل ما يميز هذه الوشائج الثنائية الوطيدة والقوية التي تربط بين المملكة المغربية وبين دولة الإمارات العربية المتحدة أنها علاقات ليست وليدة اليوم، بل هي روابط تاريخية تستند إلى دعائم وأسس قوية، رسخها الملك الراحل الحسن الثاني ومؤسس الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وتشهد العلاقات الإماراتية المغربية تطورا متواصلا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والعلمية والسياحية والأمنية والثقافية والقضائية، بفضل توجيهات الملك محمد السادس ورئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حيث تحذو القيادتين رغبة مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي. وتعرف العلاقات بين البلدين تطورا مهما في كافة المجالات، الشيء الذي تترجمه اللقاءات المستمرة بين مسؤولي البلدين في مجالات "الاقتصاد والتجارة والعدل والقضاء والإعلام وغيرها". وتتمثل متانة وقوة العلاقات بين البلدين في تطابق وجهات نظر قائدي البلدين تجاه القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. ويتطلع زعيما البلدين إلى تنويع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري واستقطاب استثمارات جديدة، وتحقيق الاستفادة المشتركة في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والتقنية والسياحية والعلمية والقضائية، والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين. ولأنهما بلدان يتطلعان إلى مستقبل مشرق مشترك، فقد حرصا على الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى مؤسساتي من خلال اللجنة المشتركة المغربية الإماراتية التي تسهم بدور كبير في تفعيل التعاون بين البلدين، ولا سيما في قطاعات التجارة والاقتصاد والاستثمار، بما جعل الإمارات تحتل المرتبة الأولى من حيث حجم الاستثمارات العربية في المغرب. وانسجاما مع توجهاتهما المشتركة، فإن المغرب والإمارات، يعدان اليوم منارة ونبراسا لقيم الاعتدال والتسامح والوسطية في العالمين العربي والإسلامي. كما تشهد لهما المحافل والمنتديات الدولية بريادتهما في مجال الدعوة إلى حل المنازعات بالطرق السلمية، وتشجيع التسامح والحوار والانفتاح بين الحضارات والثقافات المختلفة. وعلى الصعيد السياسي، يعمل البلدان بشكل وثيق ومكثف من أجل تنسيق مواقفهما بخصوص مختلف القضايا الدولية والإقليمية الراهنة؛ وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط ودعم ومساندة الجهود الخاصة بقضايا الوحدة الترابية للبلدين، ثم قضية الإرهاب الدولي.