المواطنة بالإضافة إلى الجنسية والانتماء، تعني كذلك إمكانية تدخل المواطن في اقتراح وصياغة القرار، وفي تدبير وتسيير كل من الشأنين المحلي والعام، كما في تقاسم السلطة وتداولها والرقابة عليها، وذلك بمساواة في الحقوق و المسؤوليات مع المواطنين الآخرين. إن المواطنة بعبارة أخرى ليست مجرد صفة لوضعية تطلق فيها النصوص القانونية لدولة ما تسمية مواطنين على الأفراد الذين يحملون جنسيتها وتوحد بينهم مجموعة من القواسم المشتركة. إنها، فوق ذلك، عملية المشاركة النشيطة والعادلة لهؤلاء المواطنين في الحياة السياسية لجماعتهم ودولتهم أينما كانوا. وإنها، أيضا، نوع الفعل الذي يجسد هذه المشاركة. ولأنها كذلك، إن الوطن شراكة والمواطنة مشاركة، الحق بخيرات الوطن حقٌ مشترك والدفاع عن الوطن واجب مشترك ويخطىء من يعتقد أن الدفاع عن الوطن يكون بالمجهود الحربي الدفاعي فقط وإنما يكون بالإسهام في بناء الإقتصاد وزيادة الميراث الوطني،بل يكون أيضاً بإعلاء حق المواطنة وإتاحته لكل شريك، أكثر من أربعة ملايين والسفراء الغير الرسميين المغاربة المقيمين بالخارج وهم يتابعون تفاعلات النقاش الدائر حول التعديلات الدستورية بكل وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة ينتطرون من الدستور المرتقب إدماجهم كقوة متميزة في ديناميكية المغرب الذي يبحث لإشراك مواطنيه في مقاربة تشاركية وإتاحة الفرصة لهم للمساهمة في تنمية المغرب والدفع بترسيخ قيم دولة الحق وإستعادة حقهم الدستوري للتخفيف من أزمة التمثيلية السياسية التي تشكو منها التجربة الديمقراطية ببلادنا لأن المواطنة هي نتاج عقد اجتماعي أيضاً، لكي يكون الجميع للوطن والوطن للجميع بالداخل والخارج. المواد التي جاءت بها مسودة مشروع المراجعة الدستورية لها أهمية خاصة إلا أن وضع المواطنة يبقى ناقصا بعدم دسترة الحق الدستوري للمغاربة القاطنين بالخارج بوضوح ومن هنا نحن نتساءل عن معنى عدم تضمين المسودة لمقتضيات تفعيل القرار الملكي 6 نونبر 2005 والذي يعتبر خطوة تصويب لتدبير ملف الهجرة ضمن منظور شمولي، حيث تضمن التعهد الملكي رؤية إستراتيجية لدور المهاجر الذي سيستعيد بمقتضى المنطوق الملكي مقعده النيابي داخل المؤسسة التشريعية حيث شكل هذا الخطاب، محطة بارزة في تطور موضوع تنظيم المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج وتمثيلهم في المؤسسات الوطنية والذي طالب بتفعيل قرارات مهمة تتمثل في تمكين الأجيال الجديدة من حق التصويت والترشيح، وتمكين المغاربة المهاجرين بتمثيلهم بمجلس النواب، وإحداث دوائر تشريعية بالخارج، ومنح الحق لكل مهاجر أن يكون ناخبا أو منتخبا سواء، بأرض الوطن أو بأرض المهجر، فضلا على أن التمثيلية السياسية للمواطنين حق دستوري مشروع ل 15 في المائة من المواطنين فالمرحلة الحالية التي يمر بها تدبير قضايا الهجرة المغربية تستدعي إدماجهم بالمؤسسة التشريعية بإعتبارالتحولات المتسارعة التي تعرفها هذه الفئة من المواطنين وتجاوز النظرة السطحية والإحصائية والموسمية، الشئ الذي سيسمح من تقييم الأداء الحكومي وتقييم درجة الإنسجام والفاعلية والملائمة للسياسات العمومية الموجهة لخدمة هذه الفئة من المواطنين و مدى مطابقتها للانتصارات واحتياجات الجالية المغربية بالخارج فإذا فشل مجلس الجالية في تقديم خارطة الطريق وبلورة الرؤى والمشورة من أجل السماح لهذه الفئة من المواطنين بالتمثيلية داخل المؤسسات التشريعية والذي من المفروض أن يقوم ببلورة الرؤى والمشورة والتصورات للوصول إلى تصور واضح حول التمثيلية السياسية للمغاربة القاطنين بالخارج بالمؤسسة التشريعية لبلدهم وتمثيلهم بشكل ديمقراطي وإدماجهم بشكل فعلي بتمكين الأجيال الجديدة من حق التصويت والترشيح، وبهذا يتم الإنتقال إلى تدبير الملف بشكل ينسجم ويلائم انتظاراتهم واحتياجاتهم ولا يقبل أن يمرر أي أحد كيفما كان تصوره فيما يخص التمثيلية السياسية في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المغرب والذي لا يعكس الإجماع الحاصل لدى كل المغاربة بالخارج ويضيف نكسة جديدة لهؤلاء المواطنين. ومن أجل تحقيق المواطنة الحقة والمزيد من جو الثقة المطلوب لأن الانتماء إلى الوطن يجب أن يعادله الحق في التصويت والترشح حيثما كانت كما دأبت مجموعة من الدول التي تبحث عن تمثيلية أبنائها في المهجر داخل مؤسساتها الوطنية كما هو الحال بدول متقدمة قريبة منا والتي استطاعت أن تبتكر نماذج وأن تساهم في تدبير جيد لملف الهجرة كالنموذج الإيطالي والإسباني وكذا النموذج البرتغالي والفرنسي والتي من شأن المغرب أن يستفيد منها خصوصا وأن هذه النماذج أعطت مفهوما متجددا للمواطنة السياسية بالخارج التمثيل داخل المؤسسات الوطنية والمشاركة في رسم السياسات العمومية والمغرب لن يكون قويا إلا بمواطنيه في الداخل والخارج الذين يشتركون في صياغة مشروع إعادة تأهيل المجتمع المغربي الجديد. *نائبة برلمانية مقيمة بالخارج