في إطار تحديث الإدارة التربوية وتجويد خدماتها المقدمة لفائدة الأطر التربوية، والمتعلمين والمتعلمات وآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم، والشركاء، والمصالح الخارجية للوزارة، ومختلف المتدخلين في الشأن الإداري والتربوي للمؤسسات التعليمية، عمدت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى إحداث مسلك مهم وهام ألا وهو: "مسلك الإدارة التربوية"، في أفق تكوين أطر إدارية ذات تكوين جيد، بشروط تؤهل من يتابع التكوين بالمسلك الحصول على إطار "متصرف"، حسب مدخلات المسلك، كما تمكن مَنْ اجتاز التكوين وامتحان التخرج بنجاح من مزاولة مهام الإدارة في المؤسسات التربوية. وقد تخرج من المسلك فوجان للموسمين الدراسيين: 2014-2015 و2015-2016، كما يتابع التكوين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بمختلف جهات المغرب 1000 إطار برسم الموسم الدراسي 2016-2017. يتم الولوج إلى مسلك الإدارة التربوية عبر الترشح لمباراة تعلن عنها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، تشترط فيها حصول المترشحين على شهادة الإجازة (مختلف التخصصات)، وعلى أقدمية 4 سنوات في السلم العاشر، التي تعتبر نفس مدخلات إطار "متصرف" حسب المادة 8 من الباب الثاني: التوظيف والترقي، للمرسوم رقم 377-06-2 صادر في 20 من ذي القعدة 1431 (29 أكتوبر 2010) بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات، والتي غيرت وتممت بالمادة الأولى من المرسوم رقم 203-11-2 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1432 (27 ماي 2011): ج. ر. عدد 5953 بتاريخ 17 رجب 1432 (20 يونيو 2011) ص 2985، حيث تقضي ب: يوظف المتصرفون من الدرجة الثالثة: 1-من بين خريجي سلك التكوين في التدبير الإداري للمدرسة الوطنية للإدارة. 2-بعد النجاح في مباراة يشارك فيها المترشحون الحاصلون على إحدى الشهادات التالية: الإجازة أو الإجازة في الدراسات الأساسية أو الإجازة المهنية، إحدى الشهادات أو الديبلومات المحددة بقرار للوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة طبقا لمقتضيات المرسوم رقم 23-04-2 الصادر في 14 من ربيع الأول 1425 (4 ماي 2004) المشار إليه أعلاه. ويمكن أن تكون المباراة مشتركة بين إدارتين أو أكثر. بعدها تخضع ملفات المترشحين لانتقاء أولي، ثم يجتاز المترشحون والمترشحات مباراة في شقيها الكتابي والشفوي. وبعد النجاح النهائي، يتابعون تكوينا أساسيا، نظريا وعمليا، لمدة سنة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مسلك الإدارة التربوية، ليمارسوا مهامهم بعد اجتياز امتحان التخرج بنجاح، بإدارة المؤسسات التعليمية بأسلاكها الثلاثة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو: لماذا بعد أن يجتاز الأطر الإداريون لكل هذا المشوار يجدون أنفسهم في وضعية ضبابية؟ فلا هم قد تمكنوا من تغيير إطارهم ليصبحوا متصرفين حسب مدخلات المسلك، ولا هم ظلوا أساتذة كما كان حالهم قبل ولوج المسلك! حيث إن الوزارة عمدت إلى إحداث مسلك جديد دون أن تصدر الأطر القانونية المنظمة لمخرجاته! ولم تحدد إلى حد الساعة ما ستؤول إليه الوضعية الإدارية والمالية لخريجي المسلك! وحسب التجربة التي خاضها فوجا 2014-2015 و2015-2016، فهم يمارسون المهام الإدارية الموكولة لهم في غياب تام لإطار قانوني واضح، فهم في وضعية تكليف بمهمة، كما أنهم فوجئوا بمذكرات إقليمية وجهوية تدعوهم إلى ضرورة المرور بمسطرة الإسناد، المعمول بها سابقا، كما أنهم لم يتوصلوا بتعويضاتهم عن المهام التي يقومون بها كأطر إدارية! السؤال الثاني الذي يطرح نفسه بإلحاح أيضا: لماذا لم يتم إصدار إطار قانوني منظم لمخرجات المسلك؟ كما تم إصدار المرسوم رقم 672-11-2 صادر في 27 من محرم 1433 (23 ديسمبر 2011) في شأن إحداث وتنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، والذي نص في المادة 3 منه على أن المراكز تتولى القيام بمهمة تكوين أطر الإدارة التربوية وأطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي... وكما تم إصدار قرار لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني رقم 4151.15 صادر في 27 من صفر 1437 (9 ديسمبر 2015) بتغيير وتتميم قرار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رقم 538.07 الصادر في 9 محرم 1428 (29 يناير 2007) بتحديد كيفيات وضع لوائح الأهلية لشغل مهام الإدارة التربوية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، والذي يقضي بتولي خريجي مسلك الإدارة التربوية لمهام حارس عام ومدير ابتدائية بالمؤسسات التعليمية. وإن كانت المرجعية القانونية لمدخلات المسلك واضحة، كما ذكرنا سابقا، وتؤهل الأطر الإدارية التي اجتازت المباراة بنجاح للحصول على إطار "متصرف"، إلا أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني لم تصدر بعد المرسوم المنظم للمسلك، مما يجعل الأطر الإدارية التي أرادت الوزارة من تكوينهم تجديد الإدارة وتجويد خدماتها، يشتغلون في وضعية ضبابية!