تعدّ الدبلوماسية الأداة التقليدية للدول لتطبيق سياساتها الخارجية وتعزيز علاقاتها الدولية عبر مجالات متعددة؛ وذلك وفق الأولويات التي تحتاجها تلك الدول، وأيضا وفق خطط وبرامج تسعى إلى تأكيد حضور الدول على الساحة الدولية. وقد أبدع الفكر البشري، منذ القدم، مفهوم الدبلوماسية وربطه بالعلاقات مع محيطه حرصا على علاقات إنسانية قوية تعود بالنفع على جميع الأطراف وتحقق السلم والأمن والرخاء. ومن أهم المفاهيم الإجرائية المتفرعة عن هذا المفهوم الكبير أنتجت الممارسة شعبة جديدة اُصطلح عليها سياسيا وإعلاميا ب"الدبلوماسية الموازية". ويفترض مفهوم الدبلوماسية الموازية، في فلسفته وعمقه، وجود دبلوماسي موازٍ للدبلوماسية الرسمية للدولة، حيث تتضمّن مهمته الأساسية إسناد الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية في مواضيع محددة. كما يسعى أيضا إلى تخطي القوالب الإدارية في العلاقات بين الدول والأجهزة الرسمية ليمارس دورا مهما في جلب أكبر قدر من المنافع لبلده وإبعاد المخاطر المحتملة كيفما كان نوعها. ومن هذا المنطلق، تسعى الأحزاب السياسية إلى العمل على ربط علاقات مع أحزاب دول أجنبية أو شخصيات عمومية خارجية مؤثرة في القرار السياسي أو الاقتصادي أو الدولي للدول وللمنظمات الدولية الاستشارية أو التقريرية. ويلاحظ في بعض التجارب الأجنبية أن للأحزاب برامج وخططا سنوية لممارسة دبلوماسية حزبية فعالة، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية وتشجيع رؤوس الأموال على الاستثمار في بلدانها. كما تروم أيضا وضع تصورات لمستقبل العلاقات بين الأحزاب الحاكمة، والتي قد يكون لها تأثير مهم في توجيه القرارات السياسية، إلى مزيد من التعاون والتفاهم بين الدولتين. وفي سعيه الدائم إلى توسيع النقاش العمومي في القضايا التي تشغل الوطن والمواطن، ينظم مركز هسبريس للدراسات والإعلام، على الساعة الخامسة من مساء اليوم الثلاثاء بمقره المركزي بالرباط، ندوة حول موضوع "الدبلوماسية الحزبية الموازية في المغرب". ويشارك في هذه الندوة كل من المهدي بنسعيد، رئيس لجنة الخارجية الأسبق بمجلس النواب؛ ونزهة الوافي، برلمانية وعضو في لجة الخارجية بالبرلمان؛ وهشام رحيل، عضو المنتدى الأطلسي للأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان. وتهدف الندوة إلى تسليط الضوء على مفهوم الدبلوماسية الموازية وعلاقته بالدبلوماسية الرسمية للدولة عبر مختلف المؤسسات التي تعنى رسميا بتدبير جزء من السياسة الخارجية للمغرب؛ وذلك من وجهة نظر بنيات التنسيق والتدبير، وهل تتميز الدبلوماسية الموازية بالعشوائية وغياب التنسيق والاهتمام من لدن الدولة؟ أم أنها أصبحت أداة تواصلية حزبية خارجية من أجل التواصل مع الناخبين داخليا؟ كما تسائل الندوة المشاركين الثلاثة عن أهم أنواع الدبلوماسية الموازية، سواء تقليدية أو حديثة، خصوصا في بعدها الاقتصادي والثقافي ودور الأحزاب السياسية فيها. كما سيتم التطرق إلى بعض التجارب الدولية والوطنية الرائدة في هذا المجال، وعن سبل تحقيق دبلوماسية موازية قوية ومؤثرة في مختلف القرارات، خصوصا أن العالم يعيش تجاوزا للوسائل التقليدية للتواصل والإعلام. من جانب آخر، ستتوقف الندوة عند الإمكانات الكبيرة والطاقات البشرية المهمة للأحزاب السياسية في مجال العلاقات الخارجية، والتساؤل حول أسباب عدم الاستثمار الأمثل لهذه الطاقات البشرية التي تتمتع بكفاءة في إسناد السياسة الخارجية للدولة، لا سيما أن الملك محمدا السادس أصبح يمارس دبلوماسية قوية ومنتجة تعزز موقع المغرب على المستوى الدولي، وفي القارة السمراء على وجه الخصوص. من هنا، ستناقش الندوة أيضا أسباب عدم إدراج للدبلوماسية الموازية كأولوية حزبية في ظل توفرها على إمكانات بشرية ومادية مهمة، وفي ظل استمرار خصوم الوحدة الترابية للمغرب في تغليط الرأي العام الإقليمي والدولي. جدير بالذكر أن متابعة النقاش متاحة بالصوت والصورة على جريدة هسبريس الإلكترونيّة، كما سيتم نقل أطوار الموعد باعتماد "تقنيّة المباشر" على صفحة هسبريس بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، و القناة الرسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية ب"يوتيوب"، ابتداء من الخامسة اليوم.