شكل النقل الحضري معضلة عانت منها ولازالت المدن المغربية، ما حدا ببعض المجالس الجماعية إلى تفويض القطاع لشركات خاصة، وظفت العمال أنفسهم الذين شكلوا العمود الفقري للأسطول الذي كانت تموله الهيئات المنتخبة، لكنهم لدى شركة "ألزا" بمراكش "أصبحوا عبيدا"، حسب تصريحات متطابقة لعمال سابقين وحاليين. المقاولة ذاتها، التي تحملت مسؤولية تدبير النقل الحضري، لا تعامل المستخدمين والعمال بما يفرضه قانون الشغل المغربي، "بدأت تخل بالتزاماتها"، يقول عبد الله بولحمول، وهو فاعل نقابي وجمعوي وسائق سابق ضمن الشركة ذاتها، لهسبريس، وزاد موضحا: "لأنها لا تحمي السائقين وتستعمل بعض الحافلات المهترئة، وترفع أسعار بعض الخطوط دون حسيب ولا رقيب". وأوضح المتحدث ذاته، الذي ذاق مرارة ما أسماه "المعاملة اللاإنسانية"، أن "العمال يشتغلون دون حماية من طرف مشغلهم، رغم أن حياتهم معرضة للخطر في كل لحظة وحين؛ كما يتعرضون لعقوبات مزاجية في ظل غياب قانون داخلي يبين العلاقة بين الطرفين"، مضيفا أن "السائق معرض للطرد في أي لحظة ودون تبرير مقبول". "الشركة تحارب العمل النقابي، إذ رفضت تأسيس أربعة مكاتب نقابية؛ وهو ما يتعارض مع قانون الشغل المغربي"، يقول الفاعل النقابي نفسه، موضحا أن "الأجرة تتفاوت بين المستخدمين والعمال"، وموردا أن "الإدارة تضع عراقيل للاقتطاع من المنح، كفبركة المراقبين لتقارير غير سليمة"، على حد قوله. "حماية السائق، وتحديد ساعات العمل، وتحسين الوضعية المادية، والتعويض عن الساعات الإضافية، مطالب تضاف إلى أخرى، جعلت المستخدمين ينظمون وقفات احتجاجية عدة"، يقول بولحمول، مؤكدا أن الإدارة "تأكل أموالهم بالباطل لأنها تحتسب زمن عملهم منذ بيع أول ورقة، ولا تأخذ بعين الاعتبار مسافة 15 أو 45 كيلومترا يقطعها السائق ذهابا وإيابا قبل انطلاق ونهاية مهمته". وأبرز الجمعوي ذاته أن "العمال والمستخدمين يتوصلون بنسخ من وصولات الأجرة فقط، دون الوثيقة الأصلية، ما يجعلهم يفتقرون إلى سند قانوني حين اللجوء إلى المحاكم، في حالة الخلاف مع المقاولة نفسها"، حسب تعبيره. "السائق الذي يؤدي أدوارا متعددة منشفة تمسح بها الأوساخ، سواء تلك التي نتلقاها من الزبناء والمسؤولين"، يورد النقابي عينه، منبها إلى أن "حياة العمال معرضة للخطر"، ومستشهدا بحالة قتل سائق واعتداءات متكررة تنتهي بمقرات الأمن، "لكن إدارة الشركة تحاسب السائق على المدة التي يقضيها لتحرير المحضر، بدل التفكير في حمايته ومساندته"، على حد قوله. وأكد بولحمول "استعمال شركة "ألزا" لبعض الحافلات المهترئة، التي تتحول في فصل الشتاء إلى برك مائية، وأخرى تستخدم بالمناطق شبه حضرية دون فرامل ولا أضواء"، مسجلا أن "جزءا منها يعود إلى بداية العمل بها سنة 1998"، ثم تساءل: "من يحمي هذه الإدارة؟ وهل كل ما سبق مسموح به في الجارة الإيبيرية؟". ما ورد أعلاه، إضافة إلى قرار الزيادة الذي اتخذته إدارة شركة "ألزا" أخيرا، نددت به فعاليات المجتمع المدني والحقوقي بجماعات تمصلوحت وسيد الزوين وتامنصورت، مقررة تنظيم أشكال احتجاجية لاستنكار ذلك. وفي السياق ذاته، قال عبد الواحد تبث، وهو طالب بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بعاصمة النخيل، وفاعل جمعوي ضواحي مدينة مراكش: "نعاني من مشاكل عدة مع حافلات "ألزا"، التي تربط بين مراكش ومدينة تامنصورت". وتابع الطالب ذاته: "الحافلات في معظم الأحيان لا تحترم توقيتها، ما ينعكس سلبا على الطلبة، الذين يحرمون من دروسهم وفروضهم"، مستنكرا الزيادة التي قررتها إدارة "ألزا" أخيرا، ومنبها إلى أن "سكان تامنصورت يناقشون الطريقة المثلى للتنديد بذلك، كالمقاطعة والاحتجاج لدى السلطة المنتخبة محليا وإقليميا". في المقابل قال أحمد المتصدق، نائب رئيس المجلس الجماعي لمراكش، المكلف بتدبير ملف النقل الحضري: "الأسطول يخضع للمراقبة. ونبلغ الشركة المكلفة بالنقل الحضري بأي ملاحظة وقفنا عليها أو توصلنا بها". "أما مسألة التأخر فقد تم حلها بدعم كل الخطوط داخل مدينة مراكش في وقت الذروة"، يقول المسؤول نفسه، مرجعا التأخر خارج هذه الأوقات إلى "ارتفاع الطلب على استعمال هذا النوع من النقل العمومي"، وموردا أن "بالجماعة مصلحة خاصة بالشكايات، ستساعد على تحسين الخدمات". وذهب المستشار المكلف بالنقل الحضري نفسه إلى أن "تجربة النقل الحضري بمدينة مراكش جيدة"، مضيفا: "التعاقد الذي يجمعنا مع شركة "ألزا" ينص على اتخاذ القرارات بالتوافق"، ومؤكدا أن "المجلس الجماعي يضغط لتحسين الوضع أكثر وتحقيق مطالب الزبناء"، حسب تعبيره. وأفاد نائب رئيس المجلس الجماعي المشار إليه بأن "العقدة التي تربط البلدية وشركة "ألزا" ستنتهي بعد سنتين"، وبأن "دراسة تم إطلاقها لتحضير دفتر تحملات جديد بمواصفات أخرى"، على حد قوله.