بعد أن دأبت منذ مدة خلت على معاداة مصالح المغرب، خاصة في قضية الصحراء، من خلال مهاجمته في عدد من المحطات السياسية وتبخيس منجزات المملكة؛ اختارت صحف جزائرية معروفة أن تسلك طريق هدنة سياسية حيال المغرب، بعدم الخوض في كثير من القضايا السجالية التي تهم البلاد. وبخلاف ما كان معمولا به في الخط التحريري لعدد من المنابر والجرائد الجزائرية التي تناصب العداء للمملكة، لم تتطرق هذه الصحف لمواضيع المغرب بأية انتقادات أو هجومات، من قريب ولا من بعيد؛ بل اكتفت بنشر أخبار "محايدة" عن مجريات الأحداث في البلاد. ولم تنبش صحف جزائرية مقربة من دواليب السلطة في الجارة الشرقية للمملكة في "أزمة" تشكيل الحكومة بالمغرب، بعد جمود مشاورات عبد الإله بنكيران منذ أزيد من أربعين يوما على تعيينه. كما لم تنبس ببنت شفة بحدث تنظيم مراكش لمؤتمر التغيرات المناخية، وترؤس العاهل المغربي للقمة الإفريقية. وبالمقابل، نشرت هذه المنابر مقالات تشير إلى نوع من "الهدنة" بين المغرب وبين الجزائر، بدليل حضور مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى إلى قمة مراكش، حيث حرص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على إرسال رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ليمثله في مؤتمر الأممالمتحدة "كوب 22". وحسب المصادر ذاته، مثّل الجزائر في قمة إفريقيا للعمل، التي ترأسها الملك محمد السادس وحضرها زعماء العديد من البلدان الإفريقية، يوم 16 نوبر الجاري، رمطان لعمامرة، وزير الدولة ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، الذي أنصت باهتمام لخطاب الملك حول تحديات التغيرات المناخية. وربط مراقبون بين "الهدنة السياسية" التي اختارتها صحف جزائرية عُرفت بهجومها الشرس ضد مصالح ورموز المغرب وتأييدها المنحاز لجبهة البوليساريو وبين تصريحات ومواقف مسؤولين حكوميين كبار، منهم الوزير الأول عبد المالك سلال الذي حاول مؤخرا أن يبدو "محايدا" في ملف الصحراء. وسبق لسلال أن صرح بأن "المغرب بلد جار وشقيق، وبيننا نقاط خلاف عالقة تتباين بشأنها وجهات النظر"، موردا أن بلاده "تفضل مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا في حوار مباشر، خاصة أن الأمر يتعلق بمواضيع محددة يبقى استعداد الجزائر كاملا لتسويتها بطريقة جدية وسلمية". وبعث بوتفليقة إلى العاهل المغربي بمناسبة ذكرى الاستقلال برقية يستذكر فيها "بكل إجلال وإكبار التضحيات التي قدمها الشعب المغربي الشقيق، من أجل انتزاع حريته والعيش في عزة وكرامة"، مبديا حرصه على تمتين "وشائج الأخوة والتضامن التي تجمع البلدين، وتوطيدها بما يستجيب لطموحات الشعبين الشقيقين". وإذا كان مراقبون يرون أن مثل هذه التصريحات والبرقيات تدخل في سياق "الدبلوماسية" بين البلدين، و"شعرة معاوية" التي لم تقطع بعد بين الدولتين الجارتين، فإن المؤكد أن عددا من المنابر الإعلامية بالجارة الشرقية للمملكة تركت مسافة بينها وبين الأحداث الجارية في المغرب، على الأقل في الفترة الأخيرة.