يبدو أن حالة "البلوكاج" السياسي ستستمر طويلا بعد التفاعلات الأخيرة التي عرفها ملف مشاورات تشكيل الحكومة، والتي أخذت شكل تصريحات نارية أطلقها رئيس الحكومة المعين في وجه زعيم "حزب الحمامة"، أحد الأحزاب الرئيسية في معادلة الأغلبية. وذهبت معظم قراءات المتابعين للشأن السياسي المغربي إلى الإقرار بارتفاع احتمالات فشل بنكيران في تشكيل الحكومة، إن لم تكن استحالتها بعد تصريحاته الأخيرة بشأن الوضع السياسي الحالي، وأيضا في ظل انعدام بدائل أخرى بعد ما اختارت أحزاب "السنبلة" و"الحصان" و"الوردة" ربط مواقعها بالنقطة التي ستحط فوقها "حمامة أخنوش". وسارت وجهة النظر التي يتبادلها أيضا نشطاء العالم الأزرق إلى رسم صورة تنهل من مقولة "البحر من ورائكم والعدو أمامكم"، وهي الصورة التي يوجد فيها "زعيم الإخوان" مكرها على قبول العروض المطروحة رغم عدم موافقته عليها أو الانسحاب والعودة إلى جنبات القصر الملكي للإقرار بفشله في تشكيل الحكومة الجديدة. بن يونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالف الرأي السائد، معتبرا أن تصريحات رئيس الحكومة المعين تذهب في اتجاه إعطاء مكانة لحزبه باعتباره الحزب الذي فاز بالانتخابات، كما هو الشأن بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يحاول عبر تصريحات رئيسه التعبير عن رغبته في أن تكون مشاركته في الحكومة قوية ووازنة؛ ما يمثل "محاولة لتسجيل كل طرف نقطا تفاوضية لصالحه"، وفق تعبيره. وقال المرزوقي، في تصريح لهسبريس: "بالنسبة للبيجيدي فالخط الأحمر الوحيد هو "البام"..تلك التصريحات مجرد محاولة لنيل مكانة تفاوضية أفضل لكل طرف"، مؤكدا أن "من مصلحة رئيس الحكومة المعين أن تنجح مفاوضات تشكيل الحكومة بأي ثمن، لأن الفشل ستكون له كلفة سياسية كبيرة على المغرب". وأوضح الباحث في الشأن السياسي أن "عرقلة تشكيل الحكومة لأسباب سياسية وحزبية من شأنه الإضرار بسير الشأن العام بالمغرب"، محذرا من خطر إقبار التجربة الحالية "الذي قد يدفع البلاد نحو المجهول"، على حد قوله. وحول إمكانية تأثير الصراع الذي كشفته تصريحات أمين عام العدالة والتنمية ورئيس "حزب الحمامة"، أكد المرزوقي أن "الأمر يتعلق بتصريحات علنية فائدتها تحسين موقع كل طرف؛ بينما المشاورات الحقيقية تدور في الخفاء ولا أحد يمكنه معرفتها"، حسب تعبيره، مضيفا: "لنتذكر ما وقع بين الطرفين في الحكومة المنتهية ولايتها، فرغم التصدع والخلاف تم احتواء الأمر ونجحت التجربة الحكومية".