في ظل غياب وضعية قانونية واضحة العصبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين ضيعة للنهب حملت العديد من المصادر التي اتصلت بها "المشعل" ما يجري داخل العصبة المغربية لأمراض القلب والشرايين إلى ضبابية الوضعية القانونية التي تعرفها المؤسسة، فهي تتقاطع بين المرفق العام ذي المنفعة العامة ومؤسسة تشتغل وفق مزاج مسيرها الإداري بآليات عمومية. "" تأسست العصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين بالرباط منذ عشرات السنين بظهير، وهو الأمر الذي أثر على وضعيتها القانونية لأنها استفادت من وضع خاص مكنها من مداخيل مالية ضخمة تقدر بالملايين يوميا، وإلى حدود الآن لا تتوفر المؤسسة على أي قانون أو نظام داخلي محدد وشفاف أو هيكلة واضحة أو مالية مضبوطة تراقب طبقا للقوانين الجاري بها العمل أو ضوابط لتدبير الموارد البشرية، لهذا فإن إطارها القانوني غير واضح، فرغم أنها تبدو ظاهريا على شكل جمعية فإنها ليست كالجمعيات بضوابطها وأجهزتها المقررة والمسيرة ودورية تجديدها، كما أنها مؤسسة صحية، إلا أنها ليست كباقي المؤسسات الصحية إذ لا تخضع لأية وصاية أو مساءلة من طرف وزارة الصحة أو غيرها، بل على العكس من ذلك تستفيد بشكل ملفت للنظر من بنايات الوزارة ووسائلها وممرضي وأطباء الصحة العمومية وأطباء التعليم العالي، هذا إلى جانب كونها مؤسسة صحية غير ملزمة بأداء الضرائب لأنها لم تحول يوما درهما واحدا لميزانية الدولة، بالرغم من أنها تدر يوميا أموالا كثيرة، هذا بالإضافة طبعا إلى أنها ليست مؤسسة خيرية أو اجتماعية لأنها لا تقدم خدماتها بالمجان. وشبهها العديد من المستخدمين بكونها ضيعة كبيرة من الضيعات العتيقة التي يحكمها سيد وتابعه بالأسلوب الذي ساد خلال القرون الماضية، وهي حالة شاذة وفريدة في المنظومة الصحية الوطنية، مبرهنين على قولهم هذا بالتقارير التي أجرتها المفتشية العامة للمالية وكذا المجلس الأعلى للحسابات، حيث وفقوا حسب ذات المصادر على عدة اختلالات وتجاوزات مالية. هذا وقد حملت العديد من الفعاليات النقابية مسؤولية ما يجري داخل العصبة إلى المسؤول الإداري للعصبة واصفة إياه بأنه "الكل في الكل" داخل هذه المؤسسة، بل اعتبرته الرئيس الفعلي لأنه المتحكم في كل شيء بدون استثناء. واستفسر البلاغ الذي أصدره المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية عن مصدر هذه السلطات التي يتمتع بها هذا المسؤول الإداري، رغم كونه ابتدأ مشواره كإداري (محاسب) بالعصبة، إلا أنه وحسب ذات البلاغ سرعان ما اعتمد أسلوبا مكافيليا للوصول إلى هدفه وأصبح المسؤول الأول الفعلي بالعصبة، مشيرا في ذات الوقت إلى كونه المسؤول عن مالية المؤسسة بحيث يعتبر المقرر في نوعية مصاريفها وكذا تحصيل مداخيلها ووضعها في الأبناك، كما أنه المسؤول عن التدبير الإداري والعلاقات الخارجية والمسؤول أيضا عن التعيينات والتسريحات بدون سند وتوزيع التعويضات الخيالية والعلاوات على بعضهم والتأديب بدون إطار قانوني، والمسؤول عن إبرام الصفقات وإسنادها وعن اختيار نوعية التجهيزات والمنتوجات الطبية الضرورية رغما عن الجميع؛ ورغبة من "المشعل" في استقصاء الحقيقة فقد اتصلت بالمسؤول الإداري للعصبة، السيد الخليفة فصرح لها قائلا :" لا يمكنني أن أدلي باسمي الكامل على اعتبار أن بيانهم عام ولم يذكرني بالاسم"، وحينما سألناه عن كونه المسؤول الوحيد داخل العصبة الذي يتمتع بالسلطة المطلقة حسب العديد من المصادر، واستفسرناه عن رأيه في حجم الاختلالات التي تعاني منها هذه المؤسسة الهلامية، أجاب " أن ما يدعيه المكتب النقابي خطير للغاية، لهذا فقد وضع محامو العصبة شكاية في الموضوع لذا فالمحكمة والقضاء هو من سيقرر". كما أكد العديد من الأطر الصحية من داخل العصبة الوطنية لأمراض القلب والشرايين أن تأسيسهم لأول مكتب نقابي في تاريخ العصبة كان وراء تحرك رئيس المؤسسة وذراعه الأيمن، وقد اعتبروه تحديا من طرف العاملين وخروجا عن الطاعة، مشيرين إلى أن خوفهم من انكشاف ما يجري داخل دواليب العصبة، هو المحرك الأساسي لمحاولتهم في إطار العمل النقابي وذلك في تحد سافر لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، وأشارت ذات المصادر إلى أنه منذ عدة أشهر والرئيس ومسؤوله الإداري يضربان بمبادئ الحريات النقابية عرض الحائط وذلك بتجريمهما للعمل النقابي بالعصبة ومحاولة كسر شوكة المستخدمين والأطر الصحية والممرضين والأطباء الذين عانوا سنوات من القمع والحيف والاستبداد، من طرف المستفيدين من الامتيازات الخاصة والحماية الاستثنائية وريع الزمن البائد. الدكتور مصطفى الشناوي / الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية مقاضاتنا أمر جيد حبذ مصطفى الشناوي فكرة رفع دعوة أمام القضاء على اعتبار أنهم أول من وضع الأصبع على مكامن الداء داخل ما يجري داخل العصبة، مشيرا في ذات السياق إلى اللبس القانوني الذي تعانيه رغم كونها مؤسسة عمومية محدثة بظهير منذ سنة 1977، وأكد الشناوي أن هذه الجمعية لا تشبه باقي الجمعيات، كما أنها لا تقدم تقارير مالية ولا أدبية، لأنها ببساطة تعاني من تمركز السلطات في يد الرئيس. - تبدو العصبة الوطنية لأمراض القلب كعصبة هلامية غير واضحة الملامح، هل هي مؤسسة عمومية أو شبه عمومية أو ماذا غير ذلك؟ هي جمعية، تأسست سنة 1977 بظهير ملكي، وهي مؤسسة أنشئت بهدف غير تجاري أو ربحي، تتمتع بالاستقلال المالي وتسمى بالعصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين، الهدف منها هو لعب دور الوسيط بين وزارة الصحة والمواطنين وذلك بمساهمتها في معالجة أمراض الشرايين والقلب، وفي الحقيقة حتى هذه العلاقة الوطيدة مع وزارة الصحة غير موجودة لأنها تشتغل بمفردها واللجنة الإدارية المكونة من الرئيس ونوابه والكاتب العام إلخ.. إن الرئيس وحده هو الذي يسيرها وفق هواه وإلى جانبه المسؤول الإداري. - ما اسم هذا المسؤول الإداري؟ لا داعي لذكر اسمه لأنه هناك مسؤولا إداريا واحدا، إضافة إلى أننا نتعامل مع العصبة كمؤسسة وليس بوصفها أشخاصا، والمسؤول الحقيقي هو الأستاذ (البروفيسور) بن عمر لأنه هو رئيس العصبة ولحد الآن ليست هناك شفافية في التدبير وفي التسيير المالي، فهي تفتقد إلى القانون الداخلي، إذ يوجد هناك بند منظم غير تلك اللجنة المسيرة إلى جانب الرئيس، فرغم كون الظهير يؤكد أن هذه اللجنة يجب أن تجتمع كل ثلاثة أشهر على الأقل إلا أن هذا غير حاصل، كما أنها يجب أن تقدم كل سنة تقارير سنوية إلى صاحب الجلالة، والأخطر هو أن هذه الضبابية في التسيير دفعت بالرئيس ومن معه إلى اعتبار العصبة منطقة محرمة لا يجوز الاقتراب منها، وكمثال على ذلك فهي تستفيد من بناية مستشفى ابن سينا بالرباط، والأطباء المشتغلون بها علاوة على الممرضين تابعون لوزارة الصحة، ناهيك عن الموظفين والمتعاقدين معها وحتى هؤلاء المستخدمين فعلاقتهم القانونية غير واضحة، بدءا من مقاييس الترقية والسلم الإداري، إذ يمكن أن تجد موظفين لديهم نفس التكوين والمستوى التعليمي في مناصب مختلفة ويتقاضيان أجرتين مختلفتين لأن علاقات القرابة والمحسوبية مع الأسف هي المتحكمة، بالإضافة إلى بعض الحوافز التي تعطى للبعض في حين يحرم منها البعض الآخر، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن تعامل رئيس العصبة وتابعه المسؤول الإداري مع المكتب النقابي شبيه بتعامل صاحب أحد مصانع القطاع الخاص مع عماله أو أولئك الذين يتعاملون داخل إدارتهم بعقلية قديمة كعقلية السبعينات أو الثمانينات معتبرين المكتب النقابي نقيضا لهم، في حين إن الهدف منه هو الحفاظ على المؤسسة وفق ما يتطلبه الحفاظ على حقوق الشغيلة، ولهذا تعرض أعضاء المكتب النقابي إلى عدة تحرشات إما بالتنقيلات أو الاستفزاز. - تحدثتم عن مجموعة من الخروقات المالية في التسيير، هل تتوفرون على وثائق تثبت ذلك؟ لدينا معطيات تثبت اختلالات كثيرة في التسيير والتدبير. - هل لديكم دلائل على ذلك؟ تكفي الإشارة إلى أن مؤسسة مكلفة بتسيير أموال تقدر بالملايير يوميا، ولا توضح في أي حساب مالي توضع؟ ولا كيف تنفق؟ بالإضافة إلى مصاريف غير مبررة... كل ذلك في مؤسسة غير واضحة قانونيا، مما يؤدي إلى حدوث الكثير من الاختلالات. - لماذا حملتم المسؤولية عما يقع بالعصبة للمسؤول الإداري دون سواه؟ لأنه مع الأسف وكما قلت لك سالفا اللجنة الإدارية المكلفة بالتسيير غير موجودة، وبالتالي المسؤولية يتحملها الرئيس إلى جانب المسؤول الإداري خاصة في السنوات الأخيرة، ومع توسع المؤسسة منح الرئيس سلطات واسعة إلى هذا المسؤول فأصبح يتحكم في جميع ما يجري داخلها، لقد أصبح الآمر الناهي، هو من يوظف ويطرد ويعاقب ويرقي الناس، يتدخل في المالية ويحدد نسبة الحوافز. - بأي صفة قانونية يقوم بذلك؟ إنه يتحكم حتى في شراء نوعية الأجهزة الطبية وفي صلاحيات الأطباء. - من أين استمد سلطته في نظركم؟ استمدها من ضعف السلطة التي يتمتع بها الرئيس، فهو من منحه هذه السلطة "وها هو حاصل معاه دابا". - ولماذا منحه كل هذه السلطات؟ الأصل في مثل هكذا مؤسسات والتي تجني يوميا الملايير، يجب أن تتمتع بتدبير شفاف ونزيه وأن تتمتع بهيكلة واضحة وبمديرية للموارد البشرية، ومديرية للمالية، لكن ما يقع داخل العصبة، هو أن السلطة متمركزة في يد الرئيس، وأمام تعدد انشغالاته فقد ترك كل السلط في يد هذا الشخص الذي أصبح متحكما في الأطباء، بل في كل صغيرة وكبيرة داخل العصبة. - هذا المسؤول الإداري يقول إن محاميي العصبة قد وضعوا شكاية في المحكمة باسم أعضاء المكتب النقابي لأن ما تتهمونه به خطير للغاية؟ من أخبركم بهذا؟ - أخبرني شخصيا. هل اتصلت به؟ - نعم، وصرح لنا أن العصبة قد رفعت ضدكم دعوة منذ عشرة أيام؟ لا نعلم بهذا الأمر ولم نتوصل بشيء، وكمكتب نقابي المكلفون وضعوا شكاية لدى الضابطة القضائية، بعد الاعتداء على أحد الموظفين، والشكاية موضوعة عند الشرطة، ولحد الآن أؤكد لك أننا لم نتوصل بأي شيء وأنا أتحداهم أن يكونوا قد وضعوا شكاية في الموضوع، وفي نظري من الجيد والمفيد لنا أن يقدموا على رفع دعوى ضدنا لأننا آنذاك سنخرج ما لدينا من وثائق مدينة لهم. - وثائق مثل ماذا؟ لا يمكننا الحديث الآن، لكن آنذاك سنخرج الوثائق التي تحت أيدينا بشكل واضح للعموم والتي تؤكد الاختلالات التي تورط من نتهمهم، وبيني وبينك هذه حرب سنخرج خلالها وثائقنا حسب كل مرحلة. - هو يصرح بأن ما تقولونه خطير للغاية، وبالتالي يفضل أن يكون القضاء هو من يفصل في الموضوع؟ لا مشكل لدينا، وهذا أمر جيد بالنسبة لنا، وهم أكبر الخاسرين في هذا الموضوع، بالعكس نحن نحبذ الفكرة رغم أننا أول مرة نسمع بالأمر، ففكرة اللجوء إلى القضاء "مخيرة بزاف"، هذا بالإضافة إلى أن الملف لم يبق محصورا لدينا "وحدنا فقط" وإنما دخلت مجموعة من الجمعيات على الخط كجمعية حماية المال العام وكذا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فنحن نفتخر بكوننا أول من عبر بشكل واضح وبصوت عال وعلني عن الخلل الذي تعيشه العصبة، فقد عملنا على واجهتين، الأولى حماية حقوق الشغيلة ومن جهة ثانية تحسين الخدمات التي تقدمها العصبة لأنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن فهي في الطريق إلى الهاوية رغم أننا نريد أن يستمر المواطنون في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها العصبة، ولكن بشكل أحسن، هذا بالإضافة إلى الدعم الذي تلقيناه من طرف الكثير من الأطباء، فرغم عدم إجهارهم بهذا الدعم، فإنهم يساندوننا وأعجبهم ما نقوم به من أجل تغيير الوضع، ونحن لا نحمل المسؤولية للمسؤول الإداري فقط، وإنما للرئيس أيضا، لأنه هو المسؤول الأول والأخير، وهو من توقع الوثائق باسمه، وإذا كان لديه مشكل مع مسؤوله الإداري فعليه أن يصفيه معه بشكل شخصي رغم أننا نعرف الواقع ونعلم أن المسؤول الإداري المسمى الخليفة هو من يتحكم حتى في الرئيس، وهناك معطى آخر مهم جدا فما معنى أن يطرد الرئيس هذا الإداري أمام الملء ويتهمه بالسرقة وباتهامات أخرى خطيرة، خلال أقل من شهر يعيده إلى منصبه ويطوف به على مرافق العصبة وهو يقول إن هذا هو يدي اليمنى وهو الكل في الكل وعليكم طاعته في غيابي. - ما معنى هذا الكلام؟ معناه أنه يملك نقط ضعف على الرئيس ويملك أوراقا للضغط عليه.