تشهد مدينة مراكش المغربية احتضان النسخة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المعروفة اختصارا ب (COP22) بين 07 و18 من نونبر 2016، في ظروف يعرف فيها مناخ الأرض تغيرات غير مسبوقة مما جعل الأممالمتحدة ومختلف المنظمات المهتمة بقضايا المناخ تدق ناقوس الخطر للتنبيه لخطورة هذه الظاهرة المناخية واتخاذ الاجراءات العملية للتفاعل إيجابا معها. غير أن التجربة في مجال العلاقات الدولية أثبتت سياسة الدول الغنية تعاطيها مع مختلف المشاكل والقضايا المطروحة على الساحة الدولية على أساس المصلحة و ازدواجية المواقف، وهو ما يتجلى بشكل جلي مثلا في المنطق الذي يحكم طبيعة العلاقات الاقتصادية الدولية المبنية على منطق استغلالي محض من طرف دول المركز المصنعة والمتقدمة لدول الأطراف التابعة المتخلفة، حيث تم حصر دور هذه الأخير في استهلاك فائض ما يتم تصنيعه مقابل نهب واستغلال غير عقلاني للمواد الأولية وثروات الشعوب، وكانت نتائج هذا المنطق الاقتصادي، هو تكون دول صناعية متقدمة تنعم في الرفاهية الاقتصادية مقابل دول متخلفة تئن تحت وطئت الفقر والتخلف والحروب الأهلية. ولما توفرت الإرادة السياسية لدول العالم الثالث في تغيير طبيعة هذه العلاقة غير المتكافئة خصوصا بعد الثورة التكنولوجية، والمطالبة بنظام اقتصادي عالمي جديد مبني على أساس الحق في التنمية وجعل قضايا دول العالم الثالث محور الانشغالات الدولية، باعتبارها ضحية لنظام عالمي غير عادل، تم تأكيد هذا المنطق الانتهازي والمصلحي الذي تنهجه الدول المتقدمة وذلك من خلال مستويين رئيسيين، الأول من خلال تصدير الصناعات والنفايات الملوثة المضرة بالبيئة والإنسان إلى دول العالم الثالث، والمستوى الثاني وهو ترويج سيناريو التنمية كما نظرت له المؤسسات المالية العالمية المرتكز على سياسة القروض مقابل تنفيذ حزمة إصلاحات تتمحور حول ثلاث نقاط: أولا نهج سياسة تقشفية تجاه القطاعات الاجتماعية، ثانيا زيادة في قيمة الضرائب وتنويعها، ثالثا المزيد من تحرير الاقتصاد، هذه المعادلة الثلاثية أثبت الواقع عدم فاعليتها حيث أدت إلى نتائج عكسية تمثلت في مزيد من التبعية للمؤسسات المالية العالمية وهو ما أجهض معه حلم "الحق في التنمية" لدى كثير من شعوب دول العالم الثالث. واليوم أصبح العالم يعيش في مرحلة ما بعد العولمة، حيث تم الانتقال من مظاهر التأثيرات المتبادلة للظواهر والمشاكل بين شعوب العالم إلى مرحلة "المصير المشترك" في التعاطي مع القضايا وملفات عديدة كالفقر والهجرة والأوبئة الفتاكة والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل إضافة إلى مشكل التغيرات المناخية، التي أصبحت انعكاساتها السلبية تلوح في الأفق لاسيما داخل دول العالم الثالث. إن مبدأ "وحدة المصير المشترك" الذي أصبح يطغى على بعض القضايا الدولية الآنية كمشكل التغيرات المناخية يستدعي من المنتظم الدولي اتخاذ تدابير عملية تضمن للدول الأكثر تضررا حقوقا وتُلتزم الدول الغنية بالوفاء بالتزاماتها خصوصا المالية منها من أجل "الحق في المناخ"، فهل سيكون نصيب دول العالم الثالث في حقهم في المناخ شبيه بما آل إليهم حقهم في التنمية؟. *باحث مغربي في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية.