كتبَ الأديب والمُفكّر المصري (فكْري أبّاضة) في سيرته الذاتية قائلا (حاولتُ الزواج عشرات المرّات، ولكني فشلتُ، لأني كنت أضعُ شروطاً تتعدّى العشرة) ولهذا مات عازباً. أن تكونَ عازبا في بلاد العرب هو أنك قرأت يوما عن ابن تيميّة أنه مات عازبا، وكتبَ عشرات الكتب يُحدّثُ فيها عن أحكام الزواج. أنْ تكونَ عازبا في بلاد العرب، فهذا يعني ممّا يعنيه لك أنك قرأت قصّة الرجل العربي الذي سُئِلَ عن ابنهِ يوما ما فأجاب (حيٌّ يُرزق) ولما سُئِلَ عن زوجته قال (حيّةٌ تسعى) فأن تكونَ عازبا في بلاد العرب فهذا يعني ممّا يعنيه أنكَ حلمتَ يوما ما بأنك تقطفُ عروساً وهي ترتدي فستانها الأبيض الجميل، وترفلُ في ثوبها الوهّاج وانتهى الحلمُ ووجدتَ نفسكَ في الصّباح مازلت عازبا. أنْ تكون عازبا في بلاد العرب فهذا دليلٌ كافٍ على أنّ المهرَ في بلادِكَ يُساوي سعرَ سيّارة مرسيديس من طرازها الأخير، أما سعر خاتم الذهب فيعادلُ ثمنَ كِلْيَتِكَ اليُمنى، بِعْ كِلْيَتَكَ اليُسْرى وتزوّجْ فأنت في بلادِ العرب. أن تكونَ عازبا في بلادِ العرب فهذا يعني أنّ رسالةً وصلتك مُوقّعة باسم حبيبتك تقول لك (عرفتُكَ عازباً، تمهّل قليلاً، لا تأتي الآن، حتّى تستعدّ أكثر؛ فالزواج للرجال. أن تكون عازبا في بلاد العرب فهذا يعني أنكَ تقلَّبْتَ في الفراش ليلا عشرات المرّات وأنت تحلمُ بها، وعندما حلَّ الصبحُ وجدتَ نفسكَ مُحتلماً. إذا قرأتَ يوماً أن معدّل العنوسة ارتفعَ إلى نسبة 85 في المائة في بعض الدول العربية فاعلم أنك أحدُ العزّابِ في بلاد العرب. إذا قرأتَ يوما ما أنّ نسبة الطّلاق في وطنٍ عربيٍّ وصلت إلى حالة طلاق كل 27 دقيقة طوال السنة، فاعلم أنك أحدُ العُزّاب في ذالك البلد. معنى أن كون عازبا في بلاد العرب هو أن تسمعَ على شاشة التلفاز أن نسبة العازبين وصلت إلى 70 في المائة، فتنسى فكرة الزواج وتضيف نفسكَ إلى السبعين لتصل إلى 71 في المائة. أن تكونَ عازبا في وطنكَ العربي فهذا يعني أنك درستَ في جامعات بلدك حتى أصبحتَ شيخَ العُزّابِ ولم تجد عملاً تنضمُّ به إلى نادي المتزوّجين. أن تكونَ عازبا في بلاد العرب، فهذا يعني أنك مستعدٌّ أن تدفعَ ثروةَ شبابك لعجوزٍٍ شمطاء تقبعُ في برلين بألمانيا مقابل الحصول على تأشيرة وإقامة وعمل، وبعدها تتركُ العجوز في غرفتها وتخرج تتسكّعُ في الشارع باحثا عن شابّةٍ قتلها الصقيعُ البارد. أن تكونَ عازبا في بلاد العرب فهذا يعني أنكَ مُثْقلٌ ومتعبٌ بخطبِ الجمعة التي تأمركَ بغضِّ البصر لأنك عازبٌ. أن تكونَ عازبا في بلاد العربي فهذا يعني ممّا يعنيه أنك اشتغلت في التعليم وحاولت الانتقال من مكانٍ إلى آخر فلم تنتقل لأنك عازب لا أولوية لك. أن تكونَ عازبا في بلاد العرب فهذا يعني أنّكَ حاولتَ يوما أنْ تَكْتَرِي شُقّةً للسكن فرفضَ صاحبُها أو الجيران عندما عرف أنك عازبٌ. أن تكون عازبا في بلاد العرب فهذا يعني أنّكَ فتحتَ صفحتكَ في الفيسبوك يوما ما وَوَجَدْتَ صديقك المتزوّج يتغزّلُ بزوجته في منشورٍ باذخٍ ومُترفٍ، فأغلَقْتَ حاسوبكَ وخلدْتَ للنّوم. أن تكونَ عازبا في بلاد العرب فهذا يعني ممّا يعنيه أنك ركبتَ في قطارٍ من قطاراتهم فوجدتَ زوجا يجلسُ مع زوجتهِ وهما يتبادلانِ الحديث عن إجازتهما الصيفية، فشعرْتَ بحنقٍ شديدٍ وغيرةٍ شديدة، وتذكّرْتَ أنك ركبتَ القطارَ مُتسلِّلاً، لأنكَ لا تملك ثمن تذكرة السّفر. أن تكونَ عازباً في بلادِ العرب فهذا يعني أنّكَ فكّرتَ في السّكن والحفل والسيّارة، فقرّرتَ أن تبقى عازباً. أن تكونَ عازبا في بلادِ العرب، فهذا يعني أنّ أقمتَ مُناظرات مع الشّكّ، فغلبكَ الشّكُّ وبقيتَ عازباً. أنْ تكونَ عازبا في بلاد العرب فهذا يعني أنّكَ لن تَحْصُلَ على إعجاباتٍ كثيرة لهذا المقال، بكل بساطة لأنك عازبٌ. معنى أن تكون عازبا في بلاد العرب هو أن تقرأ هذا المقال ويُساوِرُكَ شعورٌ غريب، يخبركَ أنك ستبقى عازباً إلى أجلٍ غير مُسمّى.