في لحظة بوح فلسفي حول أي مصالحة نحتاج في المغرب؟ بعد المبادرة التي طرحها الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، دعا عبد الصمد تمورو، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى ميثاق أخلاقي لسياسيي المغرب. وخلال الندوة التي نظمها مركز هسبريس بعنوان: أي مصالحة لمغرب اليوم؟، عشية هذا اليوم الأربعاء، قال الباحث في الفلسفة: "يجب على السياسي أن يخضع لأخلاقيات المهنة، رغم الرفض الذي قد يبديه"، وتساءل عن المخصصات المالية التي ترصدها الدولة للعمل السياسي، معلنا استعداده للتطوع لوضع ميثاق أخلاقي للسياسيين في المغرب. تمورو أكد أن إلياس العماري امتلك شجاعة سياسية بكتابته "مقدمات في حاجتنا إلى مصالحة تاريخية شجاعة"، وأوضح أن "الوطن له مراحل سياسية، والوعي السياسي هو الذي يستوعب هذه المراحل"، ليتساءل: "ما الذي يمكن أن يحوّل وطنا إلى وضع الحرب الأهلية، هل العنف والجهل وكل هذه الإرادات الخاطئة؟". وفي هذا الصدد، أبرز المتحدث أن "التوافق يستعمل آلية لوقف الصراع، وكذلك التفاوض آلية لخفض الصراع بين طرفين"، مبرزا أن "المصالحة تكون بين طرفين، ويمكن أن يكون أحدهما غير معروف، من قبيل التاريخ والذات، وهي في الحقيقة مصالحات". "شروط المصالحة لا يمكن أن تكون بدون نية وأهداف ومواضيع، وتوقيت لهذه المصالحة"، يقول تمورو الذي أبرز أن "مغرب اليوم يحتاج إلى مصالحة حقيقية في الجانب السياسي بالخصوص"، مشددا على ضرورة التصالح مع الخطاب لخفض التوتر، والجنوح إلى العقل والمصلحة العليا. الباحث في الفلسفة أكد، في مداخلته، أنه "لابد من اقتراح خطاب آخر غير السب والتحقير، وكل ما يسيء للمملكة"، مشيرا إلى أن "الخطاب السائد اليوم لا يمت بصلة للخطاب الذي كان في مرحلة الاستقلال أو التناوب". وبهذا الخصوص، أكد تمورو على أهمية "المصالحة مع المجتمع عن طريق وضع برنامج عملي يتم خلاله إشراك الجميع"، مستغربا من منطق "المزايدات؛ لأن المرحلة المقبلة صعبة، ليس فقط بالنسبة للمغرب، ولكن للمنطقة التي ينتمي إليها". وأبرز المتحدث أن "هناك تحديات على مدى ثلاثين سنة المقبلة ستواجه المملكة، تحديات تهدد الكيانات عن طريق الاضطرابات التي تقطّع الأوطان"، محذرا من "شخصنة الصراع وجعل الاختلاف خلافا؛ لذلك لابد من المصالحة مع الشعب عن طريق منحه الكرامة في التعليم والصحة، وغيرها من أساسيات الحياة". إلى ذلك خلص الباحث في الفلسفة، إلى أن "إذا كانت الأحزاب تهدف للوصول للسلطة عبر الصراع بينها، فإنه عندما يتم الاستفراد بالقرار يؤدي ذلك إلى المليشيات والديكتاتوريات"، موضحا أن "في مقابل ذلك هناك تصالح أفقي يضمن العيش المشترك بينك الجميع".