لقي المقال الذي وقعه إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونشر على جريدة هسبريس الإلكترونية بعنوان "مقدمات في حاجتنا إلى مصالحة تاريخية شجاعة"، دعا من خلاله إلى إرساء جسور المصالحة من أجل مصلحة الوطن، سجالا كبيرا وردود فعل مختلفة لدى القراء والمتابعين. وأشاد عدد من قراء الجريدة بمقال العماري والطريقة التي كتبت به، وما تضمنه من أفكار تسمو بالأطياف السياسية عن النزوع إلى الخصومات والتوترات؛ فيما شكك آخرون في أهداف دعوة زعيم "الجرار" في هذا السياق الزمني تحديدا، والمرتبط بمشاورات تشكيل الحكومة الجديدة. وقال في هذا الصدد مروان الخضري إن "مقال العماري تحليلي رائع، فيه الكثير من العمق والتطلع إلى المستقبل، وغير قليل من الرزانة"، بينما قال معلق آخر إن "العماري استطاع أن يخلق الحدث، حيث لبس جبة المحلل ليشرح واقع الوضع السياسي بكل موضوعية ومسؤولية وتجرد". وأورد قارئ سمى نفسه "الأزرق" بأن "دعوة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بعيدة عن الشعبوية، ومقاربته تتجاوز الأحقاد والصراعات بين الأحزاب والتوجهات السياسية والإيديولوجية المختلفة، وتفتح بابا للمصالحة بعيدا عن دعوات تخوين الآخر، التي يتبعها بعض الطهرانيين". وبالمقابل، أبدى معلقون رفضهم لمبادرة قائد "الجرار" الخاصة بدعوة مختلف الفرقاء السياسيين إلى "مصالحة تاريخية شجاعة"، أحدهم قال إن العماري جاء منذ البداية بفكر استئصالي، حاول محو التيار الإسلامي من الخريطة السياسية بالمغرب، فلما عجز عن ذلك أطلق مبادرته الجديدة. وأورد آخر بأن "رياح الانتخابات التشريعية جاءت بما لا تشتهي سفن "البام"، وبدأت الأحزاب الوطنية التاريخية تميل إلى جهة "البيجيدي"، ليس حبا فيه؛ ولكن فهمت الدرس، واستوعبت بأن السباحة ضد تيار الرغبة الشعبية ستقزم هذه الأحزاب وتحشرها في زاوية ضيقة". وفي ضفة أخرى، تساءل متابعون إن كانت دعوة العماري إلى سن "مصالحة تاريخية" موجهة تحديدا إلى حزب العدالة والتنمية، وإن كانت "مبادرة زعيم الأصالة والمعاصرة تمهيدا لتحالف مستقبلي بين "البام" وبين "البيجيدي" على حساب الكتلة، وباقي الأحزاب الإدارية التي بدأت تحتضر" وفق تعبير أحدهم. قارئ آخر فضّل أن يلقب نفسه ب"وطني غيور" تساءل من جهته إن كانت دعوة العماري تقصد المصالحة مع حزب بنكيران، قبل أن يردف: "لعل الأمر كذلك، لأن المخاطر المحدقة بالبلاد تقتضي التحلي بالحكمة والصبر، وبعد النظر، وتغليب مصلحة الوطن، ووضعها فوق أي اعتبار آخر". وكان العماري قد أكد، من خلال مقاله، أنه "دون إنجاز مصالحة تاريخية شجاعة، لا يمكن أن نواجه زحف النزوعات نحو التعصب والتنافر والاستعداء"، مضيفا: "نحن في الأصالة والمعاصرة متشبثون بتجسير مطلب المصالحة تجاه الجميع؛ في وطن يتسع للجميع".