يرمز مصطلح "الحكرة" في الحقل الدلالي إلى الاستعلاء و الاحتقار اللذان يمارسهما من يمتلك السلطة اتجاه من لا يمتلكها، فهذا المصطلح لا يقف فقط عند إحساس المواطن بالظلم الاجتماعي والغبن ، بل يتعداه الى مشهد حدث يتم التقاطه وتوزيعه ومشاركته عموديا ليخلق شحنة يتم تصريفها عبر قنوات معينة لإحداث شكل احتجاجي معين. إن أبرز تجليات الإحساس ب »الحكرة" يظهر عندما تعمد السلطة (بفهومها الواسع) باسم تطبيق القانون إلى القيام بسلوكيات وممارسات تمس كرامة المواطن، الذي بدوره يقوم برد فعل انعكاسي تعبيرا عن إحساسه بالظلم الاجتماعي، فقضية مي فتيحة و عملية إحراق الذات التي أقدم عليها مؤخرا تلميذ الرباط ، و المواطن الذي تم تشريده بمعية أطفاله بأزيلال ، هي فقط نماذج من حالات كثيرة لمواطنين مغاربة مورست عليهم "الحكرة" بأبشع مظاهرها. بعد الحراك العربي في حالته المغربية، وبعد عملية الاستيعاب التي تمت بعد خطاب الملك الشهير الذي أفرز إصلاحاً دستوريا حينها ، ساد الاعتقاد أن السلطة أضحت تدرك جيدا عمليات التحول السوسيولوجي الذي مس المجتمع المغربي ، وبالتالي كان من المفترض أن تقوم هذه الأخيرة بتغيير نمط تعاملها مع المواطنين بشكل يحترم قيمة الإنسان كإنسان أولا ، ثم كمواطن كامل المواطنة ثانيا، لكن الظاهر كان عكس ذلك. رغم كل الخطابات الرسمية التي حاولت إظهار المغرب كنموذج في المنطقة ، إلا أنه مازال هناك استمرار في "حكرة " المواطنين ، ولعل الراحل محسن فكري الذي "طحنته " شاحنة النفايات بمدينة الحسيمة لدليل على ذلك . فكيف يعقل لمسؤول أن يعمد الى "طحن " مواطن بهذة البشاعة ؟ فهل فكروا جيدا في تبعات هذه الجريمة ؟ هل أدركوا أن المغاربة أضحوا يعيشون احتقانا اجتماعيا ؟ هل أدركوا أيضا أن هناك محيطا إقليميا مظطربا ؟ كل هذه الأسئلة و أخرى تظهر بجلاء أن علاقة المواطن بالسلطة مازالت لم تستطع بعد الخروج من نمط "الدولة الحارسة " الى نمط "دولة الرعاية".