دقَّ مهنيّون من سائقي شاحنات الوزن الثقيل التي تنقل البضائع من المغرب إلى عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ناقوس الخطر حول ارتفاع أعداد المصابين منهم بداء الملاريا وأمراض أخرى، في غياب أيِّ إجراءات لحمايتهم من طرف الجهات المعنية في المغرب، وهو ما أدّى إلى وفاة أربعة منهم إلى حد الآن. جمعية منبر السائق المهني بالمغرب أفادتْ، في مراسلة موجّهة إلى كل من وزير الصحة ووزير التجهيز والنقل، أنَّ السائقين المهنيين الذين يسافرون إلى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء يتعرضون لأمراض خطرة، على رأسها الملاريا التي أودتْ بحياة أربعة منهم، دون توفير أدنى شروط الوقاية والسلامة، بحسب ما جاء في نص المراسلة التي تتوفر هسبريس عليها. وقال رئيس الجمعية عبد الله بونكا، في تصريح لهسبريس، إنّ داء الملاريا عصفَ، إلى حدّ الآن، بأرواح أربعة سائقين مهنيين مغاربة؛ اثنان منهم توفيا خلال شهر أكتوبر الجاري، مشيرا إلى أنَّ المراسلة التي وجهتها الجمعية إلى وزارتيْ الصحة والتجهيز والنقل لم تلْقَ أيّ جواب. ونبّهَ بونكا إلى خطورة الوضع، خاصة وأنَّ المعبر الحدودي "الكركارات" لا يوجد به أيّ مركز صحي، ولا حتّى سيارة إسعاف، كما أنّ السائقين الذين يغادرون المغرب في اتجاه البلدان الإفريقية جنوب الصحراء التي تنتشر فيها الملاريا لا يخضعون لأيّ تلقيح قبل المغادرة، ولا يخضعون لأيّ فحص طبي بعد العودة إلى المغرب، وفق إفادته. ورغم أنّ عددا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء تعرف انتشار عدد من الأوبئة الخطرة، إلا أنَّ سائقي الشاحنات المغاربة الذي يقصدون هذه البلدان لا يخضعون لأيّ تلقيح. وأشار رئيس جمعية منبر السائق المهني بالمغرب في هذا الصدد إلى أنَّ الوضعية الاجتماعية للسائقين لا تُسعفهم في التنقل إلى معهد باستور بالدار البيضاء لتلقيح أنفسهم؛ حيث يصل ثمن اللقاح إلى حوالي 700 درهم. واستطرد المتحدث ذاته أنَّ معاناة السائقين المهنيين المغاربة لا تتوقف فقط عند غياب خضوعهم لفحوصات وتلقيح، بل تمتدُّ إلى ما بعد إصابتهم بالملاريا، مُوردا في هذا السياق حالة سائق، من بين الاثنين اللذين توفيا خلال الشهر الجاري، جرى نقله من طرف زملائه عبر شاحنة لنقل البضائع من دولة غينيا كوناكري إلى المغرب حيث توفي في مدينة الداخلة. وأفادَ بونكا أنَّ السائق المتوفى أصيب بداء الملاريا حين كان في غينيا كوناكري، وجرى نقله على متن شاحنة إلى السنغال، ومن ثَمَّ إلى موريتانيا، وهناك اشتدَّ عليه المرض، فجرى نقله إلى مستشفى الداخلة، مضيفا: "حينَ وصلنا إلى المعبر الحدودي بالكركارات قال لنا أحد مسؤولي مراقبة الحدود: كُونْ غير خْلّيتوه تْمّا بلا ما تجيبوه للمغرب". وتواصلتْ معاناة السائق المصاب بالملاريا وزملائه حتى بعد دخول المغرب عبر المعبر الحدودي الكركارات، "ففي ظلّ غياب أيّ مساعدة من الجهات الرسمية، ذهبَ الإخوة عند أحد المحسنين الذي ساعدهم على توفير مصاريف نقل السائق المريض إلى مستشفى الداخلة، وهناك توفي"، يقول بونكا، مضيفا: "علما أن هناك سيارة إسعاف في العيون وطائرة مروحية خصصهما الملك لنقل المرضى، ونحن نطالب بأن تصل هذه الطائرة إلى المعبر الحدودي بالكركارات". وحذّر رئيس جمعية منبر السائق المهني بالمغرب من تداعيات "تقاعُس" الجهات المعنية عن حماية السائقين المهنيين الذين يسافرون إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، قائلا إنَّ "الأمراض التي يُصابون بها هناك، لا تشكّل خطرا عليهم وحدهم، بل على جميع المغاربة، خاصّة وأنَّ عددا من تلك الأمراض الخطرةٍ مُعْدٍ"، مشيرا إلى أنَّ أربعة سائقين أصيبوا بالملاريا أوَّل أمس الأحد فقط، ودخلوا إلى المغرب، في حين توفيَ أربعة آخرون بسبب المرض نفسه؛ اثنان منهم خلال شهر أكتوبر الجاري فقط.