كشفت لائحة السفراء الذين استقبلهم الملك محمد السادس تحولا كبيرا في توجه ممثلي المغرب في العواصم العالمية، إذ تضمنت عددا كبيرا من الوجوه المتحزبة، من مختلف الهيئات السياسية المغربية. الحركة الدبلوماسية الجديدة ضمت أكثر من ستين سفيرا شدوا الرحال صوب عدد من العواصم، بينهم 13 سفيرة؛ في حين تم تعيين سفراء لأول مرة في دول لم يكن المغرب يتوفر على دبلوماسيين من هذا الحجم فيها، كما هو الشأن بالنسبة للسويد؛ فيما كان لافتا حضور عدد كبير من السياسيين المنتمين إلى التنظيمات الحزبية. أول هذه الأسماء كان الوزير السابق وعضو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أحمد رضا الشامي، الذي تم تعيينه سفيرا لدى مجلس الاتحاد الأوربي والمفوضية الأوروبية، بالإضافة إلى وديع بنعبد الله، سفير المغرب الجديد بجمهورية إندونيسيا وجمهورية سنغافورة، ومحمد الرضى بنخلدون، الذي عين سفيرا بمملكة ماليزيا وبروناي دار السلام، وخديجة الرويسي، السفيرة بمملكة الدنمارك وجمهورية ليتوانيا، وكذا كنزة الغالي، المعينة بجمهورية الشيلي؛ في حين تم تعيين امحمد كرين سفيرا لدى الجمهورية اللبنانية. وتطرح هذه الخطوة سؤالا حول مدى مساهمة الوجوه الحزبية في الدفاع عن مصالح المغرب الخارجية، خاصة الوحدة الترابية للمملكة، وتوجه المملكة بشكل أكبر نحو القارة الإفريقية، والتعاون "جنوب جنوب". واعتبر محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، أن تعيين سياسيين ينتمون إلى الأحزاب في البعثات الدبلوماسية المغربية بالخارج ليس جديدا، موضحا أن "ذلك مرتبط بالأساس بنوع من المكافآت السياسية، بالنظر إلى أن الأحزاب لا تلعب دورا كبيرا على الصعيد الدبلوماسي أو الخارجي، لأنه مجال محفوظ للملك"، حسب تعبيره. وقال شقير، في تصريح لهسبريس، إن "الأحزاب لم تكوّن أطرها على الصعيد الدبلوماسي أو السياسة الخارجية؛ في حين تبقى هذه الخطوة مجرد مكافأة سياسية لمن لم يتمكنوا من الحصول على مناصب معينة؛ على شكل هبات مخزنية"، على حد تعبيره، مضيفا أن "عامل إبعاد بعض الأصوات المشوشة يحضر أيضا لدى الأحزاب، بالنظر إلى أن هناك أسماء تنافس أو تخلق التشويش". وتابع المحلل السياسي ذاته التأكيد أنه "من الصعب الحديث عن الكفاءة في مسألة التعيين بسبب عدم وجود معاهد دبلوماسية بالمغرب، باستثناء الشعبة الدبلوماسية في مدرسة الإدارة، وكذا معهد الدبلوماسية التابع للخارجية، ما يؤكد عدم وجود تكوين للدبلوماسيين والسفراء"، مضيفا: "باستثناء بعض الأطر التي كانت تشتغل في الخارجية، جل الوجوه، سواء النساء أو الذكور، هي من مجالات بعيدة عن الدبلوماسية". وأوضح شقير أن "مجموعة من السفراء لا يجيدون لغة البلدان التي عينوا فيها، ما يطرح سؤال أسس التعيين، والترضيات السياسية وتوزيع المناصب، خاصة أننا نرى السفير يبقى فقط منفذا للسياسة التي ترسمها الدبلوماسية الملكية، وينتظر الضوء الأخضر والزيارات الملكية وبعث المعلومات، وتبعا لذلك يبقى دوره غير محوري"، حسب تعبيره.