رغم أن حزب الأصالة والمعاصرة استبق كل الأحزاب السياسية بالتعبير عن موقفه الرسمي بالاصطفاف في المعارضة، وعدم التنسيق مع حزب العدالة والتنمية في تشكيل أي تحالف حكومي، إلا أن المشهد السياسي لما بعد اقتراع 7 أكتوبر مازال معقدا، ويستدعي تأويلات وفرضيات متعددة، ضمنها تدخل المؤسسة الملكية. وتستمر لعبة التكهنات وتحديد سيناريوهات التحالف الحكومي مع ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر من خريطة سياسية كشفت حصد "المصباح" (125 مقعدا)، و"الجرار" (102) غالبية المقاعد البرلمانية، بمجموع 227 من أصل 395، أمام تراجع ملحوظ لباقي الأحزاب بدون استثناء، ما يجعل الحسم السريع في تشكيل الأغلبية عملية معقدة تستدعي الدخول في مناورات ومفاوضات من خلف الكواليس. ميلود بلقاضي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، اعتبر أن "التشكيلة الحكومية القادمة تبقى مفتوحة على أكثر من ستة سيناريوهات لها تكلفة"، مشيرا إلى أن أهمها "تحالف البيجيدي مع حزب البام بتدخل من الدولة العميقة"، إلى جانب "إعادة تشكيل تحالف 2011، إما مع حزب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، أو مع التجمع والحركة والتقدم والاشتراكية". وتحدث بلقاضي، في تصريح لهسبريس، عن "حالة عجز حزب العدالة والتنمية عن تشكيل الحكومة في المهلة المحددة"، مشيرا إلى أنها "ستدفع إلى اللجوء إلى الفصل 47 من الدستور لتأويله رغم غموضه"، وزاد مستدركا: "بل سنجزم بوجود فراغ دستوري إذا فشل الحزب الأول الفائز في تشكيل الحكومة في آجال محددة"، ليشدد على أن "كل الفرضيات تبقى واردة، لكن الأكيد أن حزب العدالة والتنمية سيمر بمرحلة عصيبة قبل تشكيل الحكومة"، وفق تعبيره. وعن تدخل المؤسسة الملكية للحسم النهائي في التشكيلة الحكومية المرتقبة، يوضح بلقاضي أن "ذكاء بنكيران ودهائه وبراغماتيته وحفاظه على مصالحه ومصالح حزبه، خصوصا في علاقاته مع القصر ومحيطه، سيدفعه إلى الدخول في عدة مناورات ومفاوضات لتشكيل الحكومة بأقل الأضرار، في تنسيق تام مع القصر"، على حد قوله. وربط الأكاديمي المغربي ذاته تلك السيناريوهات بنتائج اقتراع يوم الجمعة الماضي، التي قال إنها "شكلت زلزالا سياسيا، ومن الأكيد أنها ستكون لها تداعيات وتأثيرات على قادة وهياكل الأحزاب وتموقعها وتشكيل المشهد الحزبي"، معتبرا أنها "عرت قصر نظر الدولة وبعض الأحزاب ومحدودية رهاناتها التكتيكية في وضع قوانين مؤطرة للانتخابات، وقوت حزب العدالة والتنمية بدل أن تضعفه". إلى ذلك، قال بلقاضي إن "فوز الأصالة والمعاصرة كان كبيرا رغم تحرشات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بالتنظيم السياسي وأمينه العام إلياس العماري"، فيما قال إن "النتائج عرت عبثية المشهد الحزبي المغربي بعدما تمكن حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة من الفوز لوحدهما ب227 مقعدا، مقابل فوز باقي الأحزاب ب168 مقعدا"، على حد وصفه.